“الناتو العربي” أمنية الجميع… والسعودية تسعى الى تحقيقه

آية المصري
آية المصري

بعد الجولة الاقليمية الأخيرة التي قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الى كل من مصر والأردن وتركيا، والأجواء الإيجابية التي أحاطت بكل الزيارات، حققت المملكة العربية السعودية ما تريد تحقيقه خاصة بعد التنسيق الذي قام به ولي العهد مع القوى الإقليمية الفاعلة قبل مجيء الرئيس الأميركي جو بايدن الى الرياض لاجراء محادثات مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ووليّ العهد. ووسط هذه الأجواء، أعلن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني منذ أيام أنه سيكون من أوائل الأشخاص الذين سيؤيدون إنشاء حلف ناتو شرق أوسطي، مشدداً على أن رؤية مثل هذا التحالف العسكري يجب أن تكون واضحة جداً ودوره يجب أن يكون محدداً بصورة جيّدة.

ومن هنا بدت الحاجة ماسة الى “الناتو العربي” كونه يشكل ذراعاً مهمة لمواجهة التمدد الإيراني الذي يعصف في كل الإتجاهات. فما أهمية هذا الناتو اليوم؟ وهل هذا التوّحد سيقلص من تعديات إيران المتكررة؟ وما إيجابياته داخل المنطقة؟ وهل من الضروري إنضمام لبنان الى هذا الحلف؟

فتفت: فكرة الناتو العربي ممتازة… وهناك معاهدة دفاع عربي مشترك

في حديث لموقع “لبنان الكبير” قال النائب السابق أحمد فتفت: “الناتو العربي كلمة فضفاضة جداً، وهناك معاهدة دفاع مشتركة يفترض أن تكون موجودة ضمن الجامعة العربية مسبقاً، وللأسف لا تطبق أبداً لأن العمل العربي المشترك دائماً كان يتنازع بشكل دائم مع الصراعات المحلية وللأسف لم يحدد مرجعيتنا أو مصالحنا الإستراتيجية العربية في البلد وبالتالي الفكرة ممتازة لكن لديها أسس موجودة في جامعة الدول العربية ويجب تفعيلها من جهة، والتأكيد على الخيارات العربية من جهة أخرى. وأعتقد ان هذه المشكلة منذ نشأة الجامعة العربية والصراع العربي – الإسرائيلي وصولاً الى اليوم والى الهيمنة الإيرانية الموجودة في المنطقة. ووحدة الموقف تبقى الأساس لكن هل نحن قادرون على تجاوز خصوصياتنا المناطقية بمعنى خصوصية كل بلد والمصالح الضيقة كي نقوم بعمل عربي مشترك؟ هذا هو السؤال والتحدي الكبير المطروح أمام العرب”.

وأشار فتفت الى أن “هناك معاهدة دفاع عربي مشترك موجودة، اما موضوع هذا الحلف فلا نعرف أي تفاصيل عنه، اما في حال كان بحاجة ليكون في لبنان فهناك قدرة سيادية ولبنان لا يمتلكها والجميع يعرف أن هذا البلد محتل من إيران عملياً من خلال وجود حزب الله”، مؤكداً أن “أولويات السلطة القائمة المسيطر عليها حزب ستكون في مكان آخر، وهذا الحلف على الأقل في ما يقال إعلامياً عنه انه توجه كي يقف في وجه التمدد الإيراني بينما حزب الله والوجود الايراني في لبنان يسعيان الى العكس وهما المهيمنان في الوقت الحالي، فهل يجب أن ينضم لبنان؟ هل لبنان بلد عربي؟ يجب أن نحدد خياراتنا، لأننا بلد عربي والهوية يجب أن تكون عربية ولكن اليوم الخيارات في مكان آخر للأسف بسبب الهيمنة وسيطرة الاحتلال الايراني في البلد”.

قاطيشا: يجلب استقراراً الى المنطقة

اعتبر النائب السابق والخبير العسكري العميد وهبي قاطيشا أن “هذا الناتو العربي مهم جداً لأنه يجلب إستقراراً أمنياً وعسكريأ وسياسياً في المنطقة الى جانب الإزدهار الاقتصادي نظراً الى ما يتبعه من عوامل إقتصادية أخرى”، متمنياً “أن يكون لبنان ضمن هذا الحلف لأننا ننتقل الى إزدهار إقتصادي وسياسي جديد ويعم الأمن العكسري، ولكن المؤسف أن اللبنانيين لم يتفقوا بعد على هوية لبنان وبعد كل هذا التاريخ ولغتنا العربية لا تزال هناك شريحة معينة تريد وتصر على أخذ هذا البلد الى محور آخر لا يمت الينا بصلة، ليته يتوسع ويصل لنا بإرادة لبنانية”.

أضاف قاطيشا: “أصبحت دول العالم تتوزع خاصة بعد الحرب الروسية على أوكرانيا وبات العالم منقسماً، أوروبا، أميركا من جهة وروسيا تحاول وضع الصين وإيران الى جانبها من جهة أخرى. واليوم يقوم العرب بسباق مع الولايات المتحدة الأميركية كي تكون المنطقة خالية من الحروب والتعديات، لهذا السبب يقومون بهذا الحلف العسكري كي لا يتعرضوا لأي إعتداء، وليصبح هناك حلف شرق أوسطي”.

الجاك: لحماية مصالح الشرق الأوسط

اما الكاتبة الصحافية سناء الجاك فأوضحت أن “هناك أطرافاً معينة كالامارات وقطر تكمن مصالحها في تغيير العنوان ويصبح على سبيل المثال: الناتو الشرق أوسطي لحماية مصالح الشرق الأوسط وليس لمواجهة التمدد الإيراني، لأن هناك العديد من الدول الذي لديه مصالح مع إيران. ونحن سنشهد مفاوضات الإتفاق النووي لإعادة الاتفاق في قطر. فمن سيمّكن هذا التحالف من أن يحدث؟ وبالتالي تبقى لدينا المملكة العربية السعودية، مصر والأردن، ولا يمكننا أن ننسى التصريح الاماراتي منذ بضعة أيام ومفاده أنهم لا يريدون الدخول في أي حدث يدفع الى مواجهة أو حرب في المنطقة ضد أي دولة”.

ورأت الجاك أن “الفكرة بحاجة الى تغيير الزاوية وأن تصبح حماية مصالح المنطقة من دون تحديد ضد أي جهة، والامارات لديها تعاون تجاري ونشاط اقتصادي كبير مع طهران وقطر معروف إتجاهها وعمان دائماً تلعب دور الوسيط. ومن هنا من سيقوم بهذا الناتو؟ الموضوع بحاجة الى بحث أكثر ومعرفة الرؤى العربية كلها الى أين ستتجه ولا يمكن أن يكون هذا العنوان مجرد شعار أو عنوان بسيط”، لافتة الى أن “التمدد الايراني خرب العالم العربي وهو من أتلف لبنان وسوريا، الى جانب العراق واليمن والأردن المهدد. ناهيك عن تهريب المخدرات وعمليات التخريب الى جانب إستهداف الدول العربية والدول الخليجية من قبل إيران وأذرعها، وهذا لا يمنع الوصول الى مرحلة تحالف لكنها بحاجة الى المزيد من الوقت نظراً الى أن مصالح الدول الخاصة تحكم على حساب المصالح العامة للدول المجتمعة”.

فياض: الحياد أفضل للبنان مع الدعم

وأكدت الكاتبة والأكاديمية منى فياض أن “هذا الناتو العربي مهم وكان يجب أن يتم منذ زمن، لكن من الجيد أن العرب بدأوا يستفيقون من سباتهم ويعملون على توحيد جهودهم وطاقاتهم ليواجهوا التدهور غير المقبول لأوضاع البلدان العربية وعجزها عن مواجهة دولة تحتل ٤ أو ٥ دول عربية وتعيث فيها فساداً”، معتبرة أن العرب “تأخروا في القيام بذلك، لكن حسناً أنهم يقومون بما يجب أخيراً. نتمنى لهم النجاح في مهمتهم علنا نبدأ بمرحلة نمو عبر التنسيق على جميع الصعد وليس الأمنية فقط”.

وحول إمكان ضم لبنان الى هذا الحلف، قالت فياض: “هذا حلم يصعب تنفيذه لأننا نحن الذين في عين العاصفة، فإيران لم تتوصل الى ما توصلت اليه لو لم يكن لديها حزب الله الذي سمح لها بالتمدد الى لبنان واحتلاله عبر جيش، بالاسم لبناني ويضم لبنانيين، لكنه يعتبر فرقة في الحرس الثوري الايراني. وبالتالي عندما يتمكن لبنان من الانضمام الى هكذا حلف يكون قد تحرر وانتهى الامر. مع العلم أن علينا التأكيد أن من الأفضل للبنان أن يكون على الحياد، فاللبنانيون دفعوا من وجودهم وأرواحهم ما يكفي بسبب انخراطهم في القضايا العربية وحملها بدلاً عن أصحابها فليدعم مع احتفاظه بموقفه المحايد”.

أبو فاضل: توحيد الصفوف لمواجهة إيران

لفت المحلل السياسي سيمون أبو فاضل الى أن “الجولة الأخيرة التي قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لها بعدان، الأول يتعلق بالشخص وما يمثل من بعد اذ أنه ليس شخصية عادية بل ولي عهد المملكة العربية السعودية وأقدم على خيارات وإنجازات داخلية كبيرة جداً ومواقف مهمة. والبعد الثاني أن هذه الزيارة المميزة أتت بعد الزيارة الخليجية التي كان قد قام بها ولي العهد منذ أربعة أشهر تقريباً وكل هذا من أجل لمّ الصفوف والتوحد لمواجهة إيران من جهة، ولمواجهة بايدن بهذا الواقع العربي الاسلامي السني من جهة أخرى. واليوم قام بن سلمان بزيارة مصر لما تمثل من فخر عربي إسلامي وكذلك تركيا لما تمثل من فخر إسلامي وعسكري، ومن ثم انتهى بالخروج بمواقف موّحدة تجاه المخاطر الإيرانية”.

وأشار الى أن “الرئيس الأميركي سيعود للقاء ولي العهد السعودي وسيجد أمامه رجلاً صلباً يدرك جيداً ما يريد وبيده أوراق مهمة خاصة بعد توحيد الصفوف العربية والاسلامية والخليجية، ومن البديهي جداً أن يكون في موقع قوي أمام التفاوض مع بايدن. وبالتالي تبينّ، أن ولي العهد والسعودية يستطيعان الاستمرار وعد الأيام للمستقبل فيما تبيّن أن رئيس أميركا ومع ما تمثل دولته من حجم دولي مؤثر عاجز عن حل مشكلاتهم من دون الرجوع الى المملكة العربية السعودية”.

أضاف: “الناتو العربي، آلية دفاع مشتركة لصد التعديات الايرانية في المنطقة، لأن لدى ايران في المنطقة ما يقارب التسع أذرع. والدول اكتشفت كيفية مواجهة الخطر الايراني من خلال استراتيجية موّحدة تتمثل بالناتو العربي. وبالتالي كل محاولات التفاهم مع ايران والتسويات وصلت الى طريق مسدود وهي مستمرة نتيجة الفكر العقائدي الديني الذي تمتلكه في التوسع ويمكن أن نصل الى وقت تحصل اعتداءات ايرانية أوسع وهذا الأخطر، لذا وجب الذهاب الى إجراء عملي يتمثل بالقوات الجوية الموّحدة”.

من الواضح أن الناتو الشرق أوسطي ضرورة ملحة نظراً الى إيجابياته المتعددة، وبالتالي بات من الضروري التخلص من محور الممانعة والوقوف في وجهه يداً بيد وبصورة متكاتفة وبشتى الطرق لأن تعدياته وتخريبه وأذيته تجاه البلدان العربية تزداد بمرور الأيام.

شارك المقال