عون وباسيل لن يستطيعا تعطيل الانتخابات الرئاسية

صلاح تقي الدين

ربما بمقدور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الاستمرار في صدّ كرات التأليف التي يسدّدها رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي إلى مرماه، غير أن ما هو غير قادر على القيام به هو البقاء في قصر بعبدا بعد الحادي والثلاثين من تشرين الأول المقبل، والأهم أنه ليس بمقدوره تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية على الأقل.

وصحيح أيضاً أن “حزب الله” وحده القادر على القيام بمثل هذه المناورة التعطيلية، إلا أنه وفقاً لمصادر معنية لا يرقى الشك إلى مصداقيتها، فإن فرنسا مدعومة من المجتمع الدولي ودول الخليج العربي، أبلغت رئيس الجمهورية رسالة صارمة مفادها أنه إذا لم يوقع على تشكيل حكومة جديدة قبل الحادي والثلاثين من آب المقبل، فإن ضغوطاً شديدة بما في ذلك عقوبات محددة ستمارس ضده وضد صهره الميمون والضغط باتجاه إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري أي قبل شهر على انتهاء ولايته على الأقل وشهرين على الأكثر.

وتتقاطع معلومات هذه المصادر مع الدعوة التي لا يزال البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي يكررها وآخرها أمس في عظته من الديمان بضرورة “انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل انتهاء مدة الرئيس بشهر على الأقل أو شهرين على الأكثر، آملين أن ينتشل الرئيس الجديد لبنان من القعر وأن يعمل على إصلاح شؤون البلاد”.

وأشارت المصادر لموقع “لبنان الكبير” إلى أن هذا السبب قد يكون وراء الشروط التعجيزية التي يضعها عون وصهره في وجه أي تشكيلة حكومية يقدّمها ميقاتي وتتلخّص بضرورة تشكيل حكومة تزيل من أمام جبران باسيل أي معوقات تقف حائلاً بينه وبين تأمين مستقبله السياسي بما في ذلك حلم إبليس في جنة الوصول إلى قصر بعبدا.

ولذلك أضافت المصادر: “لا يزال عون وباسيل يصرّان على إقالة حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، باعتبار أن النجاح في ذلك سيشكّل رافعة شعبية لهما أمام الجمهور اللبناني العريض بمحاسبة من يعتبرانه مسؤولاً وحيداً عن الأزمة المالية والنقدية التي تصيب لبنان، وينفيان عنهما تهمة التواطؤ في التمديد لسلامة عند بداية ولاية العهد القوي على قاعدة أنه (ما خلونا) ما نمدّد”.

والشرط الثاني الذي يضعه الفريق الرئاسي هو إقالة قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي يعتبرانه مرشحاً جدياً لرئاسة الجمهورية ومنافساً متقدّماً على باسيل، لكن من دون تحقيق ذلك معارضة شرسة وعنيدة من ميقاتي والمجتمع الدولي.

غير أن رياح عون وباسيل لا تجري كما تشتهي سفنهما، فصحيح أن الأسماء المتداولة لرئاسة الجمهورية تضم إلى جانب عون وباسيل، رئيس تيار “المردة” النائب السابق سليمان فرنجية ووزير الداخلية السابق زياد بارود، وإذا كانا بوارد التخلّص من سلامة والعماد عون، فكيف لهما أن يتعاملا مع بارود وفرنجية اللذين يتقدمان على باسيل شعبياً وقبولاً في السباق الرئاسي؟

إلى ذلك، أكدت المصادر أنه على الرغم من أن الانتخابات الرئاسية اللبنانية لم تكن يوماً نتيجة إرادة داخلية باستثناء حالة وحيدة في العام 1970 يوم انتخاب الرئيس الراحل سليمان فرنجية في وجه المرشح آنذاك والرئيس لاحقاً المرحوم الياس سركيس، فإن الرئيس العتيد يكون عادة نتيجة ظروف وعوامل إقليمية ودولية تتقاطع حول هويته، إلا أن هناك أسماء أخرى يجري التداول بها في الكواليس المعنية ويجري التدقيق في ماضيها وقدرتها على أن تشكّل نقطة التقاء بين الداخل والخارج لكي يصار إلى اختيار إحداها لتبوؤ كرسي الرئاسة المقبلة.

ومن بين هذه الأسماء ديبلوماسي سابق شغل منصباً رفيعاً في إحدى الدول الأوروبية الفاعلة في الشأن اللبناني وعلى تماس مباشر مع البطريركية المارونية، إلى جانب ديبلوماسي سابق أيضاً يرأس إحدى الجمعيات الأهلية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً ومباشراً ببكركي.

ولفتت المصادر إلى أن البحث جدي في مدى قبول الفرقاء السياسيين أحد هذين الأسمين كي يبنى على الشيء مقتضاه.

وختمت المصادر أن ما بات واضحاً ولا يمكن لعون وباسيل تعطيله على غرار قدرتهما على تعطيل تشكيل الحكومة، هو حتمية إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري على أمل أن ينقل الرئيس الجديد لبنان من جهنم الذي أوصل عون ومن خلفه “حزب الله” لبنان إليها، على أن تقوم حكومة تصريف الأعمال برئاسة ميقاتي بإكمال ما بدأت به لجهة وضع خطة التعافي الاقتصادي واتفاق الاطار مع صندوق النقد الدولي، ويتولى مجلس النواب من جهته إقرار قوانين موازنة 2022 و”الكابيتال كونترول” وغيرهما من القوانين الاصلاحية التي لا تزال تشكّل المدخل الرئيس لانتشال لبنان مما غرق فيه.

شارك المقال