أسعار الوقود تهدد الاستقرار الاجتماعي حول العالم

حسناء بو حرفوش

ارتفعت كلفة ملء خزان السيارة والوصول إلى العمل وطهي العشاء في جميع أنحاء العالم، من جنوب آسيا وأفريقيا إلى أوروبا وأميركا اللاتينية، حسب تقرير لموقع “نيويورك تايمز” الإلكتروني الأميركي.

وحسب التقرير، “سيطر الغضب والخوف من الارتفاع بأسعار الطاقة بشكل متفجر في الإكوادور وفي جميع أنحاء العالم. وفي الولايات المتحدة، أثقل كاهل المستهلكين بأسعار قفزت للخمس دولارات للغالون الواحد، وفرضت حسابات سياسية قاسية على الرئيس جو بايدن قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس هذا الخريف. كما أن القفزة في تكاليف الوقود أكثر دراماتيكية في أماكن أخرى وحملت معها الكثير من البؤس على مستوى الحاجات داخل المنازل وتكاليف النقل والتشغيل.

وفي نيجيريا على سبيل المثال، يستخدم الحلاقون ضوء هواتفهم المحمولة لقص الشعر. أما في بريطانيا، فيكلف ملء خزان وقود سيارة عائلية متوسطة الحجم 125 دولارًا. وتحظر المجر على سائقي السيارات شراء أكثر من 50 ليترًا يوميًا في معظم محطات الخدمة. كما أطلقت الشرطة في غانا الثلاثاء الماضي الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على المتظاهرين الذين احتجوا ضد المصاعب الاقتصادية الناجمة عن ارتفاع أسعار الغاز والتضخم والضريبة الجديدة على المدفوعات الإلكترونية.

وأدى غزو أوكرانيا من قبل روسيا، أكبر مصدر للنفط والغاز إلى الأسواق العالمية، والعقوبات الانتقامية التي أعقبت ذلك إلى ارتفاع أسعار الغاز والنفط بشكل مرعب. يضاف ذلك إلى الكارثة التي تتكشف بعد عامين من الاضطرابات الناجمة عن جائحة كورونا والمشاكل في سلسلة التوريد.

وشكل الارتفاع المفاجئ في أسعار الطاقة سببًا رئيسيًا وراء مراجعة البنك الدولي لتوقعاته الاقتصادية الشهر الماضي، إذ قدر أن النمو العالمي سيتباطأ أكثر من المتوقع، ليصل إلى 2.9% هذا العام، أي نصف ما كان عليه عام 2021 تقريبًا. كما حذر البنك من “صعوبة تجنب الركود بالنسبة للعديد من البلدان”.

وفي أوروبا، أدى الاعتماد المفرط على النفط والغاز الطبيعي الروسي لجعل القارة عرضة بشكل خاص لارتفاع الأسعار. وفي الأسابيع الأخيرة، خفّضت روسيا شحنات الغاز إلى العديد من الدول الأوروبية. وفي جميع أنحاء القارة، تعدّ البلدان مخططات لتقنين الطوارئ. وكما هي الحال عادة مع الأزمات، تشتد وطأة الانعكاسات على الأشد فقرا وضعفا. وحذرت وكالة الطاقة الدولية الشهر الماضي من أن ارتفاع أسعار الطاقة يعني أن 90 مليون شخص إضافي في آسيا وأفريقيا لا يحصلون على الكهرباء.

ويؤدي ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وخفض مستويات المعيشة وتعريض الملايين للجوع. كما تزيد تكاليف النقل الباهظة من سعر كل عنصر يتم نقله بالشاحنات، سواء أكان حذاء أو هاتفًا خلويًا أو كرة قدم أو دواءً بوصفة طبية.

وحسب إسوار براساد، الخبير الاقتصادي في جامعة كورنيل، “يمثل الارتفاع المتزامن في أسعار الطاقة والغذاء ضربة مزدوجة للفقراء في كل بلد تقريبًا، ويمكن أن يتسبب بسلبيات مدمرة في بعض أركان العالم إذا استمرت لفترة طويلة”.

وفي العديد من الأماكن، بدأت سبل العيش تتقلب بالفعل. وتضاءلت مداخيل سائقي سيارات الجيب في مانيلا على سبيل المثال كما لجأ بعض سائقي سيارات الجيب في الفيليبين لطلب تبرعات من الجيران. وتشتري الفيليبين كمية ضئيلة من النفط من روسيا. لكن الحقيقة هي أنه لا يهم حقًا من أين تشتري نفطك فالسعر محدد في السوق العالمية. والكل يتنافس ولا توجد دولة معزولة، بما في ذلك الولايات المتحدة، ثاني أكبر منتج للنفط في العالم بعد المملكة العربية السعودية.

وتثير أسعار الطاقة الباهظة باستمرار استياءً سياسيًا ليس فقط في الأماكن التي تبدو فيها الحرب في أوكرانيا بعيدة أو غير ذات صلة، لكن أيضًا في البلدان التي تقود معارضة ضد الغزو الروسي. وناقش بايدن وقادة آخرون في مجموعة السبعة الأسبوع الماضي تحديد سقف لأسعار النفط الروسي المُصدَّر، في خطوة تهدف لتخفيف عبء التضخم المؤلم على المستهلكين وتقليل عائدات التصدير التي يستخدمها الرئيس فلاديمير بوتين في الحرب. أما في فرنسا، فدعا قادة ثلاث شركات طاقة إلى بذل جهد “فوري وجماعي وهائل” لتقليل استهلاك الطاقة في البلاد، محذّرين من أن النقص في المواد وارتفاع الأسعار قد يهدد “التماسك الاجتماعي” في الشتاء المقبل”.

شارك المقال