بري يتطلّع إلى الفاتح من أيلول… ليهرّ ورق العهد

رواند بو ضرغم

تعدّ الاطراف السياسية الايام حتى الحادي والثلاثين من تشرين الاول، للتخلص من عهد تلهّى بالحروب السياسية والسجالات العقيمة على حساب استقرار البلاد ومعيشة العباد.

أكثر المتحمسين لخوض الاستحقاق الدستوري الرئاسي هو رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يصر على دعوة المجلس في اليوم الاول من أيلول، في محاولة لانتشال اللبنانيين من براثن رئيسين، قضيا على الجمهورية الثانية، وعاثا في الطاقة فسادا، ولم تردعهما لا ثورة ولا انهيار عن المطالبة بإبقاء الوزارة من حصتهما، فيعطلان تأليف الحكومة ويسترسلان في وضع الشروط والمطالب.

الكواليس السياسية تضجّ حاليا بالاستحقاق الرئاسي، غير آبهة بتأليف حكومة الأشهر الثلاثة، وحزب الله يستعجل إيصال رئيس للجمهورية محسوب عليه قبل أن ترسو المتغيرات الاقليمية والدولية على برّ الشرق الاوسط. ولبلوغ هدفه، وترييح واقعه الداخلي، لن يتورّع حزب الله عن إلزام حليفه التيار الوطني الحر بحضور جلسة الانتخابات الرئاسية وتأمين النصاب، حتى لو كان تصويته مخالف لمشيئة الحزب. فالقوات اللبنانية بكتلتها المؤلفة من تسعة عشر نائبا لن تستطيع بمفردها أن تعطّل النصاب الذي يحتاج الى اثنين وأربعين نائبا ليتعطل، ونواب المجتمع المدني والمستقلون سبق أن أعلنوا أنهم لن يشاركوا في التعطيل، لذلك فإن النصاب مؤمن والجلسة ستكون قائمة، ولا أحد يستهين بما قد تحمل من مفاجآت، ويمكن لأي رئيس يرضى عنه حزب الله أن يصل الى سدة الرئاسة بخمسة وستين صوتا، كما وصل رئيس المجلس نبيه بري رئيسا في ولايته السابعة. ولكن هل تكون الرئاسة من نصيب الوزير السابق سليمان فرنجية؟

تقول مصادر مطلعة على المشاورات الداخلية لموقع “لبنان الكبير”، أنه على الرغم من أن القوات والاشتراكي والكتائب شاركوا عبر ممثلين لهم في اجتماع عقده النائب أشرف ريفي، وخرج بخلاصة أن المعارضة ستعمل على عدم إيصال أي من الوزيرين جبران باسيل وسليمان فرنجية، الا أن كافة الاطراف تعلم بأن أي تحرك يديره ريفي لن يوصل الى أي نتائج ملموسة ويُعدّ شكليا إرضاءً لخاطره، لكن قراراته غير مبرمة ولا يُعتدّ بها. والدليل أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لن يحشر نفسه بأي موقف قبل أن ينسّقه مع الرئيس نبيه بري، وهو الذي يقول دائما أن بري ليس صديقا، إنما أخ لأكثر من أربعين عاما. فإذا كان فرنجية هو مرشح بري، فجنبلاط لن يكون بعيدا عن هذه التوافقات في حينها. أما رئيس حزب القوات سمير جعجع الذي يشعر بأنه سيصل الى سيناريو (باسيل أو فرنجية) فهو أيضا وجه رسالة الى جميع الفرقاء بأنه منفتح على البحث بمرشح رئاسي آخر، مستبعدا نفسه لانعدام حظوظه، فشكر بقائد الجيش جوزاف عون فاتحا الباب على دعمه رئاسياً. وفي الواقع إذا خُيّر جعجع بين باسيل وفرنجية، فهو يفضل فرنجية حتما. لذلك فإن كل هذه اللقاءات الجانبية المعارضة، ليست سوى هدرا للوقت في انتظار وضع التسويات على نار الرئاسة الحامية.

وعن الميثاقية المسيحية في الاستحقاق الرئاسي، تقول مصادر دستورية أن الميثاقية تتأمن في الحضور المسيحي، إنما التصويت يبقى سريا، لذلك لا وجود للميثاقية في الحسابات الرئاسية.

أما المساومات السياسية فتُعتبر قاعدة في لبنان، وآخرها تجلت في اتفاق الاشتراكي والقوات على تمرير تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بتبادل الادوار وتشتيت الاصوات، منعا لإيصال اي مرشح يستفز حزب الله، ويوصل باسيل الى مبتغاه في الدفع نحو رئيس يصب في مصلحته. فصبّت زيارة الرئيس السابق حسان دياب الى عين التينة لمصلحة ميقاتي، بعد أن عرف الاشتراكي والقوات أنه مبعوث من قبل باسيل لتسويق ترشيحه، فاستدرك الحزبان فورا وسهّلا إيصال ميقاتي، كما أن بري رفض دياب لكي لا يحصل باسيل على الهدايا في نهاية عهد عمّه.

شارك المقال