في هندسة نقيب المهندسين: النجاح لـ “حزب الله” والفشل للثورة

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

في تعريف ما سمي “النقابة تنتفض” الائتلاف الذي أوصل المهندس عارف ياسين الى منصب النقيب، واعتبر نصراً مبيناً للثورة، تم تحديد الهدف “تعزيز العمل النقابي وطرح برنامج بديل والوصول إلى مراكز القرار في نقابة المهندسين”.

والسؤال هل أحدث الوصول إلى مراكز القرار تغييراً في العمل النقابي، وهل ترك تأثيراً على المستوى الوطني وكيف؟

في النقابات الحرة التي فاز بها “الثوار” سواء من الأحزاب القديمة أو ممن ركبوا الموجة حديثاً، لم يكن هناك سلوك مختلف أو إنجازات تحسب عليهم، فالتلهي بالقشور والمهاترات السياسية واضحة للعيان، وصادرة من غرف الأيديولوجيا، وعبارة “أنا من الشعب” ليست كافية، لتبرئ أي نقيب أو محسوب على الثورة من تبيان سلوك مختلف للفعل التغييري الحقيقي.

جاء الفوز الساحق الماحق في إنتخابات مجلس النقابة ورئيسها مفاجئاً، وسرعان ما سجل تراجعاً في انتخابات الهيئة العامة والفروع، فخسرت “النقابة تنتفض” ونجحت أحزاب السلطة في إستعادة مواقعها. وأنشأ النقيب مجموعة عمل مقربة منه، فهل هذا يحتسب إنجازاً؟ علماً أنه لم يكن في سيرته الذاتية أي رؤية أو وجهة نظر في كل ما له علاقة بالمهنة وليس السياسة التي قدم على أساسها نقيباً مستقلاً للثورة.

في إعتبار بعض من عمل في الثورة لإيصال النقيب الى موقعه، أن “لا أحد يسمع صوت نقابة المهندسين وإعتراضها ومواقفها الوطنية مما يحدث في البلد. فالجميع يتفاجأ بأن هذه النقابة لم تظهر سوى موقف واحد، يذكرنا بمواقف مجموعة شباب المصرف وكأن المصرف هو سبب أزمة لبنان، ولم نتفاجأ بمواقف النقيب الذي ادعى أنه ترشح من الخيم وكأن الحالة التي فرضته حققت التغيير وكسرت القواعد”.

وإذ أشار هؤلاء إلى أن نقابة المهندسين كانت ولا تزال من أغنى النقابات الموجودة في لبنان، أكدوا وجود “مصالح عليا تحدد أهداف الاستيلاء عليها ولا يمكن تغليفها بشعارات قطار الثورة وادعاءات ثورية لا تمت الى الثورة بصلة، وتسعى الى الافادة من موقعها كي تلبي مصالحها ومصالح الذين عملوا في مهرجانها الانتخابي الدعائي السياسي خدمة لأحزاب الممانعة وحزب الله. فنقابة المهندسين اليوم عاجزة عن الخروج بموقف واضح من قضايا وطنية واستحقاقات عديدة، ومحاولة إظهار أنها تحرك عجلة التغيير في تركيبتها وهيكلتها فاشلة، فنحن لم نسمع منها مثلاً أي رأي حول مشكلات المياه والصرف الصحي والتغييرات في قلب المدينة واختطاف الشوارع من قبل بلديات أو تطوير البيئة العمرانية والتخلص من التشوهات في منظر المدينة، إذ بدا أن الهدف كان وضع اليد على قرار النقابة لتمرير مشاريع تخدم حزب الله والتيار العوني وبعض المتنفذين داخلها، لا سيما أن الحديث اليوم يدور حول إعمار المرفأ وسيكون لها التوقيع النهائي على المشاريع التي تقدم لهذه النقابة والتي ستجني أرباحاً طائلة من ورائها”.

ومآخذ بعض الأوساط عليها أنها “لم تتخذ مواقف صريحة من السدود ومن اعتداءات الشركات الخاصة على الشواطئ العامة والحرائق في الأحراش ومنع الاعتداءات على الأملاك العامة، فالنقابة لم تعرض مشاريع الاصلاح في العلن، وربما لأن ذلك سيعني الاصطدام بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي ولذلك يتم السكوت عن التعديات الموجودة في مناطق لا تسيطر ميليشيات وعصابات السلاح ونفوذ الأموال الحلال، تحت هيمنة الثنائي، وهذا السكوت مهين للنقابة والوقوف في مواجهة المصارف فقط يعني أن هذه النقابة بتركيبتها تلبي حاجات الطرف المعادي للثورة وتكشف ادعاءات حصول المعجزة بوصول ياسين الى موقعه الناتج عن خلط الأوراق والتحالفات التكتيكية وتخوين الآخرين التي كانت مدعومة من حزب الله، حتى لو تلونت تكويناتها بمجموعات يسارية، ولاحظنا كم أن حزب الله شغل أحزاب الممانعة للتلاعب بالعواطف ودغدغة مصالح الطبقة المتوسطة لسحب البساط من تحت أقدام مشاركين في الثورة تعرضوا للقمع فعلياً وكانوا بعيدين عن الانتماءات الضيقة لتقديم انتصارات صورية”.

وبرأي الأوساط أن “المبدأ الذي قام عليه عمل النقيب هو عزل الآخرين وإفادة البعض ممن يدورون في الفلك الثوري من عائدات النقابة عبر السيطرة والسطو على مشاريع انمائية والافادة لا سيما بعد 4 آب من خلال عمليات الترميم، وكانت وجهات النظر متباعدة مثلاً بين طلاب الفنون والنقابة، وهذا يدل على فشلها، فهي غابت عن إتخاذ أي موقف سياسي وعملت على تقاسم المصالح بايجاد نقابيين مستزلمين لسلطة الأمر الواقع، كما غابت الفلسفة الاعمارية التي نجح فيها مثلاً النقيب عاصم سلام في محاكاة مشروع إعمار بيروت”.

وبحسب هذه الأوساط “ان النقيب مرتبط بأجندة التحالفات التي جرت قبيل انتخابه، بإداره شربل نحاس والحزب الشيوعي ومجموعات صبّت في النهاية لمصلحة حزب الله لتغيير معالم السيطرة بايصال شخصية من خارج المدينة الى رئاسة النقابة، بعد أن كان يتنافس عليها مرشحون من أبناء قلب بيروت وهي رسالة واضحة من حزب الله بأن أي تغيير سيكون لمصلحته حتى لو لم يكون الفائز في تنظيمه مباشرة ولكن مدين له ومحمي منه، اضافة الى أن هذه النقابة أجبرت على فترة صمت ولم تتعاط بالشأن العام ولم تتخذ أي موقف من قضايا أساسية برّرها البعض بتجنب الصراع داخل النقابة بتركيبتها الهجينة، وهذا كلام فارغ لأن الصراع أساس لاستنهاض العمل”.

وتساءلت “كيف ينتفضون على التحاصص المذهبي ولا ينتفضون على مواقف هذا النظام الذي لم يستطيعوا الوقوف أمامه والاعلان عمن يسيطر على الأملاك الخاصة وكيف تبنى العمارات العشوائية ومن يرخص لها، ولا يعترضون على تدمير مبنى الاهراءات في حين أن أهالي شهداء تفجير 4 آب يقفون ضد هدمه؟ وقد فاجأنا وزير الأشغال بأنه قدم مشروعاً لهدم الاهراءات والقول انها عملية بسيطة. والسؤال أين سنبني اهراءات القمح وقد صدر موقف نقيب المهندسين بالحديث عن بناء عدة اهراءات صغيرة في مناطق مختلفة والافادة من تجربة تفجير المرفأ، لأن اهراءات واحدة تعرّض الأمن الغذائي القومي للخطر؟ وهذا موقف خلافي يطرح السؤال حول مهمة هذه النقابة ودورها، خصوصاً ونحن نسمع أن النقيب يجري تعديلات داخلية لكي يكمل مشروعه. ما هو مشروعه في الأساس سوى خدمة حزب الله في تفتيت النقابات عن طريق شخصيات تنفذ مطالبه من دون شوشرة إعلامية؟ وبالتالي النجاح سيكون لمشروع حزب الله والفشل يسجل للثورة”.

شارك المقال