“دقيقة مع جبران” إستعراضية – رئاسية وبهلوانية

آية المصري
آية المصري

هو النائب ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، الذي يعتبر نفسه داهية ومحنكاً في السياسة، ويقوم بصورة متواصلة بإستعراضات كثيرة من أجل جذب الانتباه والأضواء إليه. عروضه هدفها إستغباء شريحة كبيرة من الشعب اللبناني بحجة أنه الحريص على حقوق المواطن عموماً والمسيحيين خصوصاً. فبنظره قدم الكثير من الإنجازات التي يخاف أن يسرقها أحد منه، ومن البديهي أنها “صفر ع الشمال” ويعتبره معظم الشعب والمسؤولين أنه أصل الخراب في لبنان. إستعراضات باسيل وخطاباته التي يتلوها على الرأي العام هدفها تبيان أنه على حق والوحيد الذي يعمل من أجل مصلحة البلد، وفي المقابل اذا لم يوافق على أي موضوع أو ملف فلا يُعرض لأنه الحاكم والآمر بإسم بعبدا.

أما آخر إستعراضاته فتتمثل في فيديوهات ينشرها عبر منصة “تويتر” تحت عنوان “دقيقة مع جبران”، والفيديو الأول خلاصته كانت أن “الطبقة ما بدن حكومة تعمل شي بهل عهد”. اما الفيديو الثاني فجاء بعد الإطلالة الأخيرة للأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله، وشدد باسيل على أن ورقة المقاومة عنصر قوة للبنان “إذا عرفنا نستخدمها” وبهذا يكون دعم حليفه اللدود. ومن الواضح أن اطلالات باسيل ستكثر في هذا النوع من الفيديوهات لتمرير رسائل واضحة وعلنية ولفرض رأيه على الجميع. فكيف يمكن وصف “الدقيقة مع جبران”؟ ولماذا هذه الفيديوهات في هذه المرحلة مع إقتراب موعد الاستحقاق الرئاسي؟ وما هدف باسيل منها؟

المحلل السياسي علي الأمين اعتبر في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “هناك هيمنة لسياسة الإستغباء والتلهي وإفتعال عناوين سياسية وطائفية واللعب بوقت الفراغ وبمصير اللبنانيين”، معرباً عن أسفه لأن “هناك صورة عامة في البلد على المستوى السياسي توحي باللامبالاة والمزيد من الاستثمار بأزمات اللبنانيين من دون طرح أي حلول جدية واضحة كالمبادرة مباشرة الى الاصلاحات الحقيقية بهدف الحد من الانهيار”.

وقال الأمين: “النائب جبران باسيل يلعب في مسرحه ويقدم عرضاً وكأن المواطن لديه متسع من الوقت لمشاهدته، وكل هذا عبارة عن زجل سياسي لا يقدم ولا يؤخر شيئاً في المعادلة لأن المشكلة في مكان آخر. وبالتالي هذا عبارة عن عبث سياسي من خلال قيام باسيل بلعب سيرك سياسي والاستعراض على آلام اللبنانيين من دون تقديم أي حل يجيب عن أسئلة الأزمة. باسيل يلعب بأرواح الناس ومستقبل البلد لأنه أدرك جيداً أن لا مستقبل لديه كرئيس جمهورية وبالتالي يلفت النظر الى أنه موجود، لكنه موجود (على ولا شي)، وفي نهاية المطاف المنظومة كلها قامت بتسمية الرئيس نجيب ميقاتي وتكليفه وبالتالي لا تربحونا جميلة بميقاتي لأنه منكم وفيكم”.

وطرح الأمين تساؤلات عدة على باسيل: “المقاومة هي من قامت بتسمية الرئيس ميقاتي ومصلحتها معه واعتبرته الشخص المناسب لهذه المرحلة فهل أنت ضد مصلحة المقاومة؟ ألا تثق بخيارات السيد نصر الله؟ عيب عليك”. أضاف: “ما قيمة كل هذه الفيديوهات والأحاديث وما معناها، سوى من أجل فتح سجال ونقاش جديد؟ ألا يعلم باسيل أنه يملك أكبر كتلة؟ فلو كان من خارج السلطة لكان لديه الحق بطرح هذه العناوين لكنهم مع المقاومة يحكمون البلاد”.

اما النائب السابق فارس سعيد فقال: “إبحثوا عن الرئاسة، النائب باسيل بات محكوماً بالاستحقاق الرئاسي ويعمل من أجله وبطريقة حديثة وصائبة بغض النظر عن أنني لستُ مسانداً لوجهة نظره السياسية، ولكن باسيل أخذ خيار دعم حزب الله وتثبيت النفوذ الإيراني في لبنان مقابل الحصول على مكاسب سياسية معينة وهو ملتزم بهذا الخيار ويحترمه ويعمل من أجله”.

في حين اعتبر النائب السابق شامل روكز أن “ما يقوم به النائب جبران باسيل عبارة عن أمور رئاسيات فهذا موسم رئاسة الجمهورية”، آملاً “أن تكون تلك العناوين والمنطلقات صادرة من دولة ورئيس جمهورية ورئيس حكومة وأن يكون الشعب حولها بناءً لمعطيات معينة ومهمة”.

وفي السياق، أكدت مصادر سياسية مطلعة على الملف الحكومي أن “النائب جبران باسيل محشور بالسياسة ويعتبر أنه يملك الفرصة الأخيرة لتشكيل حكومة يكون نفوذه فيها كبيراً، وفي حال حصل الفراغ الرئاسي يكون شريكاً كبيراً في الحكم لكن حظه السيء وضع أمامه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الرافض أن يدخل التيار الوطني الحر بقوة الى العهد الجديد. وبالتالي أمام باسيل حل من إثنين اما جعل عهد عمه ينتهي من دون حكومة وبحيث تكتمل دائرة فشلهم، أو التوصل الى تسوية مع الرئيس ميقاتي وفقاً لشروط الأخير. لكن أحقادهم ظهرت علناً خلال الأيام الماضية ويبدو أن باسيل يريد الاعتداء على صلاحيات رئيس الحكومة كي يفرض أعرافاً جديدة تساهم في إضعاف موقع رئاسة الحكومة”.

وتساءلت هذه المصادر: “متى كان النائب باسيل مسؤولاً طبيعياً؟ ومنذ متى تصرفاتهم طبيعية؟”.

بات واضحاً أن جميع الأفرقاء يعلمون نيّة باسيل الرئاسية، وهو أيضاً واضح في هذا الموضوع وعينه على كرسي بعبدا، لكن أمنياته شبه مستحيلة حتى لو كان حليفه غير الوطني التابع لإيران يريده. فليخفف من الدقيقة ويجعلها ثلاث ثوان يعتذر فيها للشعب اللبناني.

شارك المقال