ميقاتي يرفض أن يكون “حصان طروادة” لباسيل

محمد شمس الدين

انتهت هدنة العيد وبدأ الجد، بيان من هنا، بيان من هناك، رئاسة الجمهورية تعتبر أن الرئيس المكلف نجيب ميقاتي يريد عزلها، ويرد الأخير أن المشكلة هي بالمحيطين بالرئيس، ربما هو رد ديبلوماسي، فما لا يقوله ميقاتي في العلن يناقشه في السر، هو يعلم أين هي المشكلة تحديدا، لكنه لا يريد إحراج رئيس الجمهورية، ولا فتح الباب لسجالات مع بعبدا، ومن خلفها ميرنا الشالوحي. النظام البرلماني ليس عجيبة جديدة، ولا نظام حكم جديد، وفي كل الأنظمة البرلمانية حول العالم، هذا السجال لا يحصل، وإن حصل فيمتد لساعات، وإن تعثر الاتفاق كثيرا فلا يتخطى أياماً ثلاثة، السياسيون في تلك الدول يضحون بمصلحتهم الخاصة في الكثير من الأحيان، وإلا حاسبتهم شعوبهم خلال وقت قصير، التعطيل ووضع العصي في الدواليب ممنوع. لكن في الحالة اللبنانية الأمر مختلف، لأن سم الطائفية هو الذي يحكم الأهواء، أو على الأقل يتم إظهاره كذلك من قبل متعطشي السلطة والنفوذ، كأنه لا يكفي هذا البلد ما حل به من كوارث، ربما لم تحصل لأي بلد آخر في العالم.

يسوّق فريق رئيس الجمهورية بأنها معركة صلاحيات بخلفيات طائفية، الموقع السنّي يريد جعل الموقع الماروني خاضعا له، أو على الأقل تهميش دور رئاسة الجمهورية المارونية، وينتشر داعمو العهد العوني على وسائل الإعلام، ويحذرون من مغبة هذا الأمر، إذ يكفي المسيحيين تهميشا عبر اتفاق الطائف، ويحاول فريق العهد تثبيت أعراف جديدة، كمحاولة ضرب الطائف بالممارسة، لأن اللعب بالنصوص اليوم محرم بأمر من بكركي، التي ترفض بأي شكل تعديل نقطة واحدة في الدستور.

أما فريق الرئيس المكلف فيعتبر أن ما يحاول القيام به الرئيس ميشال عون، هو تمديد ضمني للعهد، وإعطاء سلطة لولي العهد جبران باسيل، يحاصر بها أي رئيس جمهورية جديد، وذلك عبر تشكيل حكومة، لهم اليد الطولى فيها، وستكون أهدافها إجراء التعيينات القضائية والديبلوماسية، وكذلك الضغط لتغيير حاكم مصرف لبنان وقائد الجيش، على الرغم من صعوبة تغيير الأخير، وبذلك يُلزمون العهد الجديد بنفوذهم وبقائهم على قيد الحياة السياسية.

وقد أشارت دوائر الرئيس المكلف في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “هذا الأمر يمكن تمريره مع رئيس مكلف غير الرئيس ميقاتي، ربما شخصية تحمل مواصفات حسان دياب، لكن ميقاتي لن يقبل أن يكون “حصان طروادة” يسمح ببسط سيطرة النفوذ العوني في المرحلة المقبلة، ولن يقبل أن تتم مصادرة صلاحياته، فمن الواضح أن هناك حقدا على الطائف وعلى موقع رئاسة الحكومة، وهذا ما يعكسه دائما أداء فريق العهد، لكن من سوء حظهم بعد 6 سنوات من الفشل، أن الرئيس ميقاتي رابح بكل الأحوال، فهو رئيس حكومة تصريف الأعمال، وهو الرئيس المكلف اليوم، هذا يعني أنه ليس طارئا على السلطة، ولن يتخلى عن صلاحيات رئيس الحكومة من أجل مقعد، خصوصا إذا وصل العهد لنهايته من دون تشكيل حكومة، سيبقى ميقاتي رئيسا، لكن ذلك يؤكد على فشل العهد الممتد عبر السنوات الست”.

وتتساءل المصادر إن كان رئيس الجمهورية يقبل أن يسقط مع الحكومة في حال لم تحصل على الثقة من المجلس النيابي؟ موضحة “إنه خلال الاستشارات النيابية، أجمعت كل الكتل النيابية تقريبا، على أنها ستحجب الثقة عن الحكومة في حال بقيت وزارة الطاقة بيد التيار الوطني الحر، لذلك من غير المنطقي اليوم أن يذهب الرئيس ميقاتي إلى مجلس النواب بتشكيلة حكومية ساقطة حكما، فهو أكيد لن يقبل أن يُسقط نفسه، لذلك إن أرادوا الإصرار على أن يكون رئيس الجمهورية شريكا في تشكيل الحكومة، يجب أن يقبلوا بتحمل المسؤولية أيضا، لا أن يتحملها رئيس الحكومة وحده، أما أن يفرضوا عرفا بأن يكون رئيس الجمهورية شريكا بتشكيل الحكومة من دون أن يتحمل أي مسؤولية فهذا أمر غير منطقي”.

ووصفت المصادر الوزير وليد فياض بالمجرم، “بسبب سحبه البند المتعلق بعروض الكهرباء في الجلسة الشهيرة، فهناك عدة عروض، منها واحد من شركة فرنسية، وعرضان من شركتين صينيتين”. ولفتت المصادر الى “أن العرضين الصينيين وعدا بتأمين الكهرباء 24 ساعة خلال 9 أشهر وخلال هذه الفترة عرضا استقدام بواخر خاصة بهما لتأمين الكهرباء إلى حين انتهاء المشروع، لكن فياض سحب الملف لأنه لا يشمل معمل سلعاتا، ثم وبكل وقاحة يطالبون اليوم بوزارة الطاقة، وتعرقَل الحكومة بسببها، تحت حجج واهية، فلا أحد اليوم سأل عن موضوع وزارة المالية، فهي ليست بيد فريق واحد منذ 16 سنة، بل إنها لم تكن بيد الثنائي الشيعي إلا مؤخرا، هذه حجة للعرقلة لا أكثر”.

ورأت المصادر أن الأمور لا يمكن أن تسير بهذه الطريقة، ساخرة من التهديد بسحب وزراء التيار، هو أمر لا معنى له، فالحكومة أصلا تصريف أعمال، والوزير مرغم على تصريف الأعمال بقرار من رئيس الجمهورية، إلا إذا أرادوا أن يعرقلوا الأعمال، عندها فليتحملوا المسؤولية أمام الشعب اللبناني، الذي سيقطع عنه الخبز، لأن الوزير المحسوب عليهم يرفض أن يعمل ويصرّف الأعمال.

شارك المقال