جولتا شيا و”أمل” في طرابلس تثيران الجدل والبلبلة

إسراء ديب
إسراء ديب

شهدت طرابلس حركة ديبلوماسية وسياسية ملفتة في يومٍ واحد، تمثلت في جولة قامت بها كلّ من السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا في المدينة مع النواب: إيهاب مطر، رامي فنج، طه ناجي، إيلي خوري وجميل عبود، واجتماع عقده وفد من “أمل” مع فعاليات طرابلسية وشمالية.

في الواقع، بدت هذه الحركة متناقضة سياسياً وغير متوقّعة جمعت طرفين مختلفين في مكان وزمان واحد، عند الحلاب (قصر الحلو) في الوقت نفسه من دون معرفة مسبقة من الجهتين، وذلك وفق مصدر لـ “لبنان الكبير”، لكنّهما تطرقا الى ملفات وقضايا طرابلسية مختلفة مع حثهما على ضرورة الاسهام في دعم المدينة وأهلها بصورة كبيرة في الأزمات التي يعيشون تحت وطأتها.

وأثارت الجولتان جدلاً واسعاً بدأ مع نشر صورة السفيرة شيا في طرابلس وتحديداً عند دوار النيني، وتداولها المتابعون على مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث تساءل مواطنون عن أسباب هذه الزيارة، فيما ندّد البعض الآخر بها معتبراً أنّها “لو كانت لسفير إيرانيّ لقامت الدنيا وما قعدت”. بالتزامن مع صورة أخرى نشرت للاجتماع الذي ضمّ كلاً من رئيس الهيئة التنفيذية لحركة “أمل” مصطفى فوعاني، مسؤول البلديات المركزي في الحركة ورئيس اتحادات النقل البري بسام طليس، رئيس مصلحة ديوان الدفاع المدني اللبناني علي أمهز، رئيس الاتحاد العمالي في الشمال النقيب شادي السيد ونائب رئيس اتحادات النقل البري في لبنان محمد كمال الخير.

وفي تفاصيل زيارة وفد “أمل” الى طرابلس، التي لم تقتصر على التواجد في المدينة وحسب، بل كانت عبارة عن جولة تفقدية في طرابلس وعكار، فقد تضمّنت زيارات الى البلديات والفعاليات والمخاتير، لكنّها ووفق مرجع طرابلسيّ جاءت بدعوة من السيّد الذي كان “قد دعاهم إلى فنجان قهوة ولم يكن أيّ منهم يرغب في تسريب هذه الصورة التي أدّت إلى حدوث بلبلة واضحة وضغط كبير في الاتصالات الأمنية والسياسية للتساؤل عنها، لا سيما بعد تواجد شيا في المكان عينه، إذ اعتقد البعض أنّه حدث تواصل بين الطرفين اللذين كانا في المطعم نفسه ولكن ليس في الطابق نفسه”، مشدّداً على أنّ وفد “أمل” الذي كان يزور طرابلس بين الفينة والأخرى “جاء لتفقد المدينة والحديث عن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية في طرابلس والشمال، ولم يكن يرغب أيّ من أعضاء الوفد في نشر هذه الصورة من المطعم، لأنّهم بصدد الحديث عن أوضاع الناس، فكانوا يرغبون في التقاط صور من المناطق الشعبية لا من مطاعم معروفة”.

أمّا عن تفاصيل زيارة شيّا التي لا تُعدّ الأولى من نوعها، فقد حصلت وسط صمت إعلاميّ على الرّغم من المعرفة المسبقة بموعدها، لكن وفق أحد المعنيين فإنّها “لا تهوى عادة (الهوبرة) الإعلامية، وتحدّثت في الاجتماع الذي جمعها مع النواب الجدد عن قضايا اقتصادية طرابلسية ملحّة للغاية بعيدة عن مافيا المولدات كما اعتقد البعض، لأنّها تُعدّ من مسؤولية وزارة الاقتصاد والقوى الأمنية، كما لم يتمّ الحديث أيضاً عن بلدية طرابلس، بل تطرقت الى الأحوال المعيشية القاسية التي يُواجهها الطرابلسيون”.

أضاف في حديثٍ لـ “لبنان الكبير”: “لم يكن اللقاء سرياً بل في مكان عام، ولم يعرف أحد بوجود اجتماع آخر لأي حركة سياسية، وعموماً كان اللقاء مع السفيرة مثمراً وإيجابياً، وتطرّق الى أزمة الطحين والمواد الغذائية المفقودة وهي مسألة خطيرة لن تكون مبشرة في الأيّام المقبلة، إذ سنقبل على ما يبدو على أزمة أكبر وأشدّ، فضلاً عن الحديث عن مشكلة الفقر والبطالة ومختلف الأزمات الاقتصادية والاجتماعية العاجلة في طرابلس في ظلّ غياب لسياسة الدّولة وجمودها الكبير في الفترة الأخيرة”.

وعن تعليق بعض الطرابلسيين على دور النواب الجدد في هذا الاجتماع، أكّد أنّهم “يُحاولون العمل قدر الإمكان والاجتهاد في دولة لا تتحرّك وفي أفق مغلقة لا يُمكن أن نرى الأمل بعدها أبداً، ومن المستحيل تحقيق إنجازات في شهر أو شهرين، بينما يتعاطف النواب مع الناس لأنّهم يُدركون حجم معاناتهم ويعرفون تماماً أنّهم عاطفيون وكلّ ما يقولونه يبقى فشة خلق يُقدّرها النواب ويسعون إلى مساعدتهم في تخطيها عبر بعض التحرّكات”، لافتاً إلى أنّ المواطنين لا يعرفون أبداً حقيقة دور النائب أو ما يقوم به سعياً الى تحقيق مصالح الناس، “فلا يتوقّع أحد تحقيق المعجزات والعجائب في دولة جفت فيها مصادر الحياة والأموال، وهي ردّة فعل طبيعية لا يُعتب عليها المواطن الفقير قطعاً”.

شارك المقال