لهذه الأسباب “حزب الله” سيساوم على الرئيس

عاصم عبد الرحمن

سليمان فرنجية وجوزف عون، إسمان وحيدان يلمعان في سماء الترشح لرئاسة الجمهورية وأي طرح آخر إنما يندرج في إطار الزكزكة السياسية والمحرقة الزعاماتية، فالأول بلا شك هو مرشح “حزب الله” ومعظم قوى 8 آذار، أما الآخر فهو مرشح التسوية المرتقبة إلى حين نضوج الظروف المؤاتية والأسباب الموجبة التي ستفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية. فما هي العوامل التي قد تدفع “حزب الله” إلى ميدان المساومة على رئاسة الجمهورية؟

على الرغم من أن الرئيس ميشال عون كان مرشح “حزب الله” الوحيد عقب انتهاء ولاية الرئيس السابق إميل لحود عام 2007 إلا أنه سار في تسوية اتفاق الدوحة التي أعقبت أحداث 7 أيار 2008 وأفضت يومها إلى انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية على وقع انهيار أمني – وطني كان وشيكاً آنذاك استُدرك عربياً وإقليمياً ودولياً منعاً لسقوط لبنان الرسالة.

أما اليوم وعلى وقع انهيار مالي واقتصادي واجتماعي غير مسبوق في تاريخ لبنان والعالم منذ عقود، ومع اقتراب موعد الشغور الرئاسي المرتقب في 31 تشرين الأول 2022، يرى مراقبون أن هناك عوامل داخلية وأخرى خارجية ستدفع “حزب الله” – المتمهل إلى حينه في افتتاح معركة رئاسة الجمهورية وعدم إعلانه الصريح عن تأييد فرنجية كما عون منذ العام 2014 حتى انتخابه في العام 2016 – إلى انتظاره على قارعة التسويات المرتقبة والاتفاقات الساخنة قيد الإعداد في المنطقة والعالم على وجه الخصوص بين الأميركيين والإيرانيين حول الاتفاق النووي وانعكاساته السياسية والاقتصادية على الشرق الأوسط ككل.

أما أبرز هذه العوامل التي تنقسم بين داخلية وخارجية فيمكن إيجازها بالآتي:

  • أولاً: العاملان الداخليان

– موقف بكركي والقوى المسيحية الداعمة لتوجهاتها السياسية خاصة لناحية المواصفات الرئاسية التي حددها البطريرك بشارة الراعي بالحيادية والوسطية والتجرد من أي اصطفاف سياسي وحزبي.

هي مواصفات لا شك يصعب تجاوزها لدى “حزب الله” الذي يظهر حرصه الدائم على الشراكة الوطنية وحقوق الطوائف الأخرى، وهو بالتالي لن يتمكن من الوقوف طويلاً ضد خيارات أكثرية القوى المسيحية المناهضة له أو أقله المؤيدة للجبهة العربية في مقابل الجبهة الإيرانية.

– الخشية من الإنهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي الشامل وسقوط لبنان نهائياً بين أيدي عهد رئاسي ممانع متحالف حصراً مع “حزب الله”.

من هنا يحرص “حزب الله” دائماً على إشراك جميع القوى في العملية السياسية والسلطة التنفيذية من خلال حكومات الوحدة الوطنية كي لا يتحمل منفرداً وزر الارتطام الكبير خاصة مع قرب دولرة المشتقات النفطية ورفع الدعم عن الطحين وارتفاع أسعار الاتصالات، حالٌ إنما ينبئ بانفجار الشارع في وجه السلطة الحاكمة أي “حزب الله” وفريقه السياسي.

  • ثانياً: العاملان الخارجيان

– الاتفاق النووي الأميركي – الإيراني الذي سينعكس برداً وسلاماً تسووياً بين مختلف قوى الإقليم المتناحرة خاصة السعودية وإيران.

إتفاقٌ من شأنه أن يغيّر ملامح الحكم في المنطقة من اليمن إلى العراق مروراً بسوريا وصولاً إلى المحطة الأبرز لبنان حيث ستتم مناقشة وضعية “حزب الله” السياسية في المستقبل وشكل علاقته مع القوى الأخرى ودوره السياسي والتنفيذي في النظام اللبناني.

– عدم حسم الحرب الروسية – الأوكرانية باتجاه انتصار المحور الشرقي على وقع تلاوة الولايات المتحدة الأميركية لفعل ندامة الانسحاب من الشرق الأوسط.

وهو ما كان قد صرح به الرئيس الأميركي جو بايدن في زيارته الشرق أوسطية، قراءة أميركية ذاتية النقد إنما من شأنها أن تترجم رفضاً رئاسياً لخيار المقاومة في لبنان، ذلك أن الاتجاه الأغلب في هذه الحال هو الإتيان برئيس ذي ملامح غربية لا تغضب “حزب الله” على اعتبار أن قضية سلاحه ذات طابع إقليمي – دولي خارج عن إرادة لا بل قدرة اللبنانيين مهما علا سقف المواجهة الخطابي.

لا شك أن لبنان الذي يتحين موعد تسوية ترسيم الحدود البحرية مع العدو الاسرائيلي للبدء بالتنقيب عن الغاز عبر الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، سيفتتح مرحلة تسووية لا بد أن تشمل مختلف القضايا اللبنانية العالقة والتي لا بد لها أن تبدأ بعلاج أزماته المستفحلة كالاصلاحات السياسية والاقتصادية والمالية والاتفاق مع صندوق النقد الدولي وإطلاق ورشة تجديد الإدارات والوزارات والمؤسسات المهترئة، هذه الثورة الإصلاحية إنما سيطلقها رئيس تسووي للجمهورية يحمل عهده الملامح الشهابية المؤسساتية الإصلاحية.

إذاً بعد إعلان “القوات اللبنانية” ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية في محاولة منها لمنع مرشح “حزب الله” سليمان فرنجية من الوصول إلى بعبدا آملةً أن يلاقيها التغييريون في خطوتها، يبقى الاستحقاق الرئاسي في لبنان خاضعاً للحظة تقاطع سياسي إقليمي – دولي مهما عصف الخطاب الداخلي تراشقاً، فهل سترسو السفينة الرئاسية عند شاطئ فرنجية أم عون أم سيكون للمصالح الدولية كلامٌ آخر؟

شارك المقال