مسيرة إصلاح العهد القوي انفجرت ابتهاجاً في بيروت!

محمد شمس الدين

عيد الجيش اللبناني 2022، هو العيد الأخير في عهد فخامة الرئيس ميشال عون، الذي أطل أمس في هذه المناسبة، وجدد التأكيد على إجراء الانتخابات الرئاسية، قائلاً: “سأعمل بكل ما أوتيت من قوة، من أجل توفير الظروف المؤاتية لانتخاب رئيس جديد يواصل مسيرة الإصلاح الشاقة التي بدأناها”. وأمل عون أن لا يكون مصير الاستحقاق الرئاسي مماثلاً لمصير تشكيل الحكومة، معتبراً أنه لم تتوافر لها حتى الساعة المقومات والمعايير الضرورية لتكون حكومة فاعلة وقادرة على القيام بمسؤولياتها حاضراً ومستقبلاً. وأشار الى أن عدم تشكيل الحكومة يعرّض البلاد إلى مزيد من الخضات ويعمّق الصعوبات الاقتصادية والمالية، مشدداً على أن مسؤولية المعنيين أساسية في منع تعريض البلاد إلى مزيد من التدهور والترهل.

قد يظن من يسمع خطاب الرئيس عون، أنه يسمع خطاباً لأحد ممثلي الكوميديا السياسيين، فالحكومة اليوم معطلة عنده، لا عند أحد آخر، والمقومات والمعايير التي يتكلم عنها “بي الكل”، هي ضمان استمرارية سيطرة ولي عهده على مفاصل الحكم في البلد، وبالتالي عندما يقول فخامته إن مسؤولية المعنيين أساسية في منع تعريض البلاد إلى مزيد من التدهور والترهل، فهو يوجه الخطاب إلى نفسه وتياره، ورئيس الحكومة المكلف إن كنت تؤيده أو تختلف معه، قام بواجبه وقدم التشكيلة إلى الرئيس عون، الذي رفضها كلياً، بل حتى أنه لم يعيّن موعداً جديداً له، للتشاور من أجل تشكيل الحكومة، وعلى الرغم من أن أهم ما يسعى إليه فريق رئيس الجمهورية هو وزارة الطاقة، إلا أن الأمر يتعدى ذلك، ولا سيما لجهة تعيينات إدارية تحاصر أي رئيس جمهورية مقبل.

أما عن مسيرة الاصلاح، فلا بد من السؤال: أي مسيرة إصلاح تحديداً؟ هل مسيرة إصلاح النظام المصرفي اللبناني، الذي استطاع العهد القوي أن يقضي عليه فعلياً، بعد أن انهار القطاع المصرفي وطارت أموال المودعين؟ أم هل مسيرة الاصلاح هي في وزارة الطاقة، التي وحدها تتحمل مسؤولية نصف الدين العام، وبواخر فسادها رست لسنوات أمام الشواطئ اللبنانية، عدا عن السدود المثقوبة التي لا تستطيع جمع حتى بركة أطفال، بينما تموت المدن اللبنانية عطشاً تحت ظلام دامس، ويرفض الفريق المسيطر عليها أن يعين لها هيئة ناظمة، خوفاً من أن تفلت أي سلطة للوزير من يده؟ وبينما يصر فريق العهد على أن المؤامرة الإمبريالية تمنع استجرار الغاز من مصر، إلا أن رئيس مجلس النواب نبيه بري عزا السبب بصورة أساسية إلى عدم تعيين الهيئة الناظمة للقطاع. أما عن الاقتصاد فحدث ولا حرج، اذ استطاعت مسيرة الاصلاح أن تعبئ جيوب التجار الفجار على حساب المواطن، بسياسة الدعم الغريبة العجيبة التي لم يستفد منها غيرهم، وما طوابير المحروقات والخبز إلا دليلاً على ذلك.

ربما مسيرة الاصلاح هي في الادارة العامة التي أصبحت مشلولة في عهد فخامته، لا معاملات إلا بالواسطة والرشوة، والموظفون لا يستطيعون تأمين لقمة العيش، بسبب سياسات العهد القوي، مما يضطرهم إلى عدم المداومة وتعطيل مؤسسات الدولة.

بالتأكيد في عقلية “بي الكل” أن مسيرة الاصلاح تسير، فهي مسيرة ضرب اتفاق الطائف، تحت حجة حقوق المسيحيين، بحيث أدخلت أعراف جديدة غريبة على الحكم في لبنان، هدفها ضرب رئاسة الحكومة لمصلحة رئاسة الجمهورية، عبر فبركات دستورية لا تمر إلا على مطلقيها، وتحديداً بدعة المجلس الأعلى للدفاع. يعتبر العونيون أن مسيرة الاصلاح هي تدمير كل ما سبق والبناء من جديد، وخلال ست سنوات من العهد القوي نجحوا فعلاً، فلم يبق قطاع في الدولة إلا وتم تدميره، ولم تبق دولة إقليمية على علاقة جيدة بلبنان. مسيرة الإصلاح بالنسبة الى العهد القوي هي ولادة من الخاصرة، لبلد مسخ في السياسة، لذلك وصل اللبنانيون إلى درجة الترحم على النظام الأمني القديم، بل على أيام الحرب الأهلية، لأن قوة هذا العهد لم يتحملها اللبنانيون، حتى أن مسيرة الاصلاح هذه كانت قوية لدرجة أنها انفجرت ابتهاجاً في بيروت، تحت سلطة فتى العهد المدلل بدري ضاهر.

شارك المقال