بلدية طرابلس “مسمومة”… وردّ على “القبضة الأردوغانية”!

إسراء ديب
إسراء ديب

تعيش بلدية طرابلس أجواء “مسمومة” لا يبطل مفعولها، مهما ازدادت حدّة المشكلات والأزمات التي عصفت بهذه الادارة التي لم تعرف سوى تصفية الحسابات بين عددٍ من أعضائها، ومهما ندّد الطرابلسيون بتقصيرها أو جمودها الكبيرين إنمائياً واجتماعياً، فلا أذن تسمع ولا عقل يستوعب هذا الكمّ من الإهمال الذي يطال أهمّ البلديات في لبنان وأعتقها.

وبعد عملية سحب الثقة من رئيس البلدية رياض يمق الذي يصفه أكثر من 10 أعضاء من أصل 20 بأنّه “متفرّد في قراراته”، تنشغل البلدية بجلسة انتخاب رئيسٍ لها مع نائب الرئيس يوم الاثنين المقبل “الذي سنشهد قبله وبعده أحداثاً غير متوقّعة قد تنعكس سلباً على المدينة، وربما تصل إلى حدّ التدخلات السياسية لاعادة انتخاب أحمد قمر الدين المدعوم من جهة سياسية تُريد فرضه على واجهة المدينة التي أرهقت حينما ترأس بلديتها، وأرهق أعضاء المجلس في انتزاعه حينها”، وفق معطيات “لبنان الكبير”، إضافة إلى تداول فكرة أساسية تُغضب المواطنين وترتبط بمحافظ طرابلس والشمال القاضي رمزي نهرا، اذ يعتبرون أنّ الجلسة في مكتبه كانت غير قانونية، لا سيما بعد قرار مجلس شورى الدولة الذي أبطل تنفيذ قرار وزير الداخلية بسام مولوي الذي كان يتمحور حول الموافقة على عقد جلسة للبلدية، بغية التصويت على نزع الثقة عن رئيسها يمق، وصولاً إلى التفكير بـ “وسواس” اقتحم نفوسهم يرتبط بالخوف الكبير من أنْ تتحوّل بلدية الفيحاء إلى لعبة بيد نهرا كبلديات أخرى مثل القلمون، الميناء، المنية سابقاً، أي البلديات التي أسقطت أو تنازلت عن نفسها ليتحكّم بها هذا القاضي الذي يُدرك القاصي والداني “عدم القبول” الواضح بينه وبين الطرابلسيين.

وتكشف معلومات “لبنان الكبير” أنّ “نهرا كان قد تلقّى اتصالات عدّة وتعرّض لضغوط قبل عقد الجلسة مع أعضاء المجلس في مكتبه، ما دفعه إلى التأخر في استقبالهم حينها، والاتصالات كانت تحثه على ضرورة تراجع الأعضاء عن خطوتهم التي تتضمّن سحب الثقة من يمق، لإبقائه في منصبه”، فيما يلفت مصدر آخر إلى أنّ “نهرا لا يُناسبه إجراء أيّ تغيير في البلدية التي يرى أنّها باتت فاشلة بوجود يمق لا سيما بعد قرار الانسحاب من عضوية اتحاد بلديات الفيحاء منذ أعوام، ما أضعف هيبة المدينة”.

ولا تقتصر أزمة البلدية على نهرا، أو على رئيسها أو حتّى الأعضاء الذين كانوا يتقاتلون بالأسلحة وافتعال المشكلات، بل يُمكن القول انّ إثارة الجدل بملفات فتحت ضدّ المرشح الأكثر حظاً في البلدية وهو خالد تدمري، حول علاقته بتركيا من جهة، مع ملفات اتهم فيها بالتقصير وتطيير المشاريع الإنمائية من جهة ثانية، تدخل ضمن نطاق يُقحم البلدية في ملفات إضافية كان قد ذكرها “لبنان الكبير” في موضوع سابق. 

تدمري: ترتيب البيت الداخلي بعد الفوضى

ويردّ تدمري على الاتهامات التي طالته، معتبراً أنّ التصويب عليه في هذه المرحلة لن يكون مفيداً ولا يصبّ في مصلحة المدينة. ويقول: “من فتح ملف مرآب التلّ وهو مشروع يُشوّه ثقافة المدينة وتراثها، كان يبتغي ربحاً ومصلحة من المتعهد، ففي حين تُقدّر تكلفة المشروع بـ 5 ملايين دولار، خصّص له 20 مليون دولار لإقامة مرآب للسيارات أيّ مشروع فاشل يُشبه مشروع شارل الحلو، ولو نفذ في المدينة لكانت تحوّلت ساحة التلّ إلى (جورة متروكة) لعشرات السنين، وكانت ستتحوّل بدورها إلى منطقة عسكرية بعد انتشار موبقات لمشروع لا يحمل مخططاً إنمائياً يعود بالفائدة على المدينة”.

ويُضيف: “المتخصّصون يُدركون أنّ الحلّ يكمن في إنشاء محطة تسفير شمال المدينة وجنوبها، وكنّا قد طرحنا مشروعاً لإعادة تنظيم الطرقات وبناء السرايا التركية ومسرح تحت الأرض إحياءً للثقافة، وأرسلنا هذا الطرح الى الجهات المانحة وفق دراسات وخطط وجاء وفد من تركيا لرصد الموقع ورفع التقرير، كما كان الرئيس سعد الحريري قد رفع كتاباً رسمياً إلى تركيا لتنفيذه، ومؤخراً بعد توجه الرئيس نجيب ميقاتي إلى تركيا سلّم ملف السرايا إلى الرئيس التركي، أيّ أنّ المشروع كان بمستوى عالٍ للغاية”.

أمّا عن موضوع غيابه عن جلسات المجلس، فيُؤكّد أنّ يمق كان يفتتح الجلسات ببنود واهية ترتبط بمساعدات إنسانية وغذائية لا إنمائية، موضحاً “حاولنا إقناعه بألّا يدعو إلى جلسة يوم الاثنين نظراً الى انشغالنا لكنّه لم يقتنع، كما أنّني أسافر كثيراً، وأحياناً لا أسجل حضوري بسبب معارضتي لبنود الجلسة التي يقترحها، لكنّني لا أحضر لمجرد القيام بمشاكسات لأتحدّى يمق الذي أوصلناه كمجتمع مدني إلى الرئاسة بعد قمر الدين عقب الانتخابات الأخيرة التي نصرت الثورة ضدّ اللائحة السياسية، لكنّه لم يكن على قدر المسؤولية”.

وإذْ لا ينكر علاقته الإيجابية بتركيا “التي نأخذ منها تجارب مفيدة إنمائياً”، يُشدّد على أنّ تركيا لا يُمكن زجها في طرابلس أو في العمل البلدي، “فهي تعرض مساعدتها ودعمها لنا باستمرار، كما حصل بعد حريق البلدية وعرضت تركيا طلاءها، حينها قال يمق انّ جهات ستُساعد في طلائها ولم يحصل ذلك، أو كما حصل مع الهبة التي أرسلت من اتحاد بلديات تركيا الذي كان قدّم سيارتين بدل السيارة التي كنا طلبناها وهي مخصّصة لنقل الموتى بكل المستلزمات مجاناً، ولم يتمّ تشغيلها في عهد قمر الدين ولا يمق، لكنّ السيارتين موجودتان في موقف البلدية وكان يمق يُريد توزيعها على جمعيات بدلاً من الافادة منها، وقد سرق منها (علبة البيئة) التي يُقدّر سعرها بألف دولار، وبعد حديثنا مع دار الفتوى لتسليمها الآليات وبعد اتخاذ قرار بلديّ بذلك لم تٌبلغ الدار بالقرار”.

ويختم قائلاً: “إذا كنت أنا الأكثر حظاً في رئاسة البلدية، فإنّني لا أدرك كيف يُمكن ترتيب البيت الداخلي بعد الفوضى التي أحدثتها عهود بملفات متراكمة”.

شارك المقال