الحرب الروسية – الأوكرانية تدخل مرحلة جديدة؟

حسناء بو حرفوش

هل تغيرت قواعد القتال بين روسيا وأوكرانيا؟ حسب قراءة في موقع “سبكتاتور” الالكتروني، “غيّر الهجوم الأوكراني على قاعدة ساكي الجوية بالقرب من نوفوفيدوريفكا في غرب شبه جزيرة القرم يوم الثلاثاء الوضع الحالي إيذاناً بمرحلة جديدة من الحرب، مرحلة تنطوي على مخاطر وفرص في الوقت عينه، بالنسبة الى كييف”. ولم تكن شبه الجزيرة، التي تقع تحت سيطرة الروس، ضمن دائرة المعارك منذ اندلاعها في شباط الماضي.

ووفقاً للقراءة، “على الرغم من محاولة خبراء الكرملين ربط ما حدث بمزاعم لا علاقة لها بفرضية الهجوم الأوكراني، لم تسمح التسجيلات التي انتشرت سريعاً على مواقع التواصل الاجتماعي بطمس ما حصل. وبينما يدّعي البعض أن الهجوم نتيجة عملية تخريبية، يجزم البعض الآخر بأن ما حصل نتيجة هجوم صاروخي بعيد المدى. أما السيناريو الأول، فيدل على نقاط ضعف خطيرة في أمن المنطقة الخلفية الروسية، بالنظر إلى أن شبه جزيرة القرم قد تم تعزيزها بصورة كبيرة منذ العام 2014. أما السيناريو الثاني فيركز على القدرات الجديدة التي قد تمتلكها أوكرانيا، إما على المستوى المحلي أو التي يوفرها لها الغرب سراً، وحتى الآن لم يكن يعتقد أن كييف تمتلك أسلحة تسمح لها بتوجيه ضربات دقيقة ضد أهداف على بعد أكثر من 200 كيلومتر من خط الجبهة.

وفي حديث في وقت لاحق من ذلك اليوم، لم يشر الرئيس فولوديمير زيلينسكي إلى الانفجارات في خطابه، ولكنه ركز على مصير شبه الجزيرة. ولفت إلى أن “الحرب الروسية ضد أوكرانيا بدأت باحتلال شبه جزيرة القرم”، كما شدد على أن الحرب يجب أن تنتهي بتحريرها. ولطالما شجعت العديد من الحكومات الغربية زيلينسكي خصوصاً على قبول إمكان اضطراره في النهاية الى تسليم شبه جزيرة القرم كثمن للسلام، أو نصحت على الأقل بالغموض الاستراتيجي، تاركة الروس في حالة تخمين، والاحتفاظ ببعض المجال الديبلوماسي للتلويح للمستقبل. وأظهر زيلينسكي نفسه مراراً وتكراراً غير مهتم على الإطلاق بآداب السلوك الديبلوماسي المعهودة.

أما عسكرياً، فيمثل الهجوم تهديداً موسعاً للمنشآت الروسية، وسيعني ذلك أن روسيا ستضطر الى تشتيت مستودعات الإمداد الخاصة بها – مما يجعل الخدمات اللوجيستية أكثر صعوبة ويخلق حاجة جديدة لدفاعات المنطقة الخلفية بعيداً عن الخط الأمامي. وهكذا تصبح حماية جسر كيرتش، الذي يشكل الطريق الوحيد لاعادة الإمداد القابل للتطبيق إلى شبه الجزيرة، من الأولويات الكبرى.

والأهم من ذلك، يمثل الهجوم ضربة سياسية قوية. وأشار زيلينسكي بصورة قاطعة إلى أنه لا ينبغي لبوتين أن يفترض أن هذه حرب قد تقتصر على الأراضي الأوكرانية. كانت هناك هجمات متفرقة عبر الحدود قبل ذلك، لكن ضربة ساكي رمزية ويتم لعبها عبر وسائل التواصل الاجتماعي الروسية. ووفقاً لاستطلاع حديث نُشر في صحيفة “كوميرسانت” الروسية اليومية، فإن ما يزيد قليلاً عن نصف الروس (52 في المائة) يؤيدون الاستمرار في الحرب، بينما يميل أكثر من الثلث (38 في المائة) الى تشجيع إطلاق محادثات السلام. ويعتقد ما يقرب من الثلثين (62 في المائة) بصورة حاسمة أن العملية الخاصة لروسيا ناجحة “بالتأكيد” أو “بالأحرى”.

وينبع تسامح الروس مع الحرب إلى حد كبير من وابل البروباغندا التي يتم بثها على التلفزيون والقمع القاسي لوسائل الاعلام المستقلة والرأي المخالف والجهود المبذولة لإخفاء حجم الخسائر الروسية. وفي مواجهة حوادث مثل ما حدث مؤخراً، يصبح من الأصعب على الكرملين الحفاظ على الادعاء بأن هذه حرب صغيرة لطيفة والنصر فيها مضمون.

ومن المرجح أن تدفعه غرائزه المباشرة الى محاولة التصعيد خصوصاً وأن النضال السياسي بات وجودياً في روسيا وأن خسارة الحكام في أوكرانيا، تعني خسارتهم في موسكو أيضاً. ومع ذلك، لا يجدر أن ننسى أن هذه الحرب وجودية بالنسبة الى أوكرانيا أيضأً، ويعد هجوم شبه جزيرة القرم إشارة واضحة الى قدرة كييف على تصعيد هذا الصراع بدورها أيضاً”.

شارك المقال