هبة الفيول الايراني “طق حنك”… وكلام افتراضي للشعبوية

آية المصري
آية المصري

يستغل السياسيون في لبنان وزعماء الطوائف والأحزاب الفرص دائماً لعرض عضلاتهم والقاء الضوء عليهم من خلال تصريحات تجعلهم حديث الساعة وموضع اهتمام وسائل الاعلام ومواقع التواصل الإجتماعي. ومنذ بداية عهد الرئيس ميشال عون ونحن نرى تعدياً واضحاً على موقع رئاسة الحكومة ورئيسها وتحميلهما مسؤولية الأوضاع التي وصلت اليها البلاد، لا لشيء الا لأن تعصبهم الطائفي يعمي قلوبهم وحقدهم يزيد يوماً بعد يوم.

في الآونة الأخيرة سمعنا عن هبة إيرانية مجانية للدولة اللبنانية، عبارة عن فيول إيراني. جاء ذلك بعد مناشدة رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الأمين العام ل “حزب الله” السيد حسن نصرالله الاتيان بالفيول الايراني لمساعدة لبنان، فالجميع يعلم أنه وزير الطاقة الفاشل الذي لم يجلب سوى الخراب والعتمة للبنان. وبعد مناشدته، سمعنا ترحيب نصر الله بالموضوع، معتبراً أن لا مشكلة لديه في طلب الفيول الايراني، ولاسيما أنه أدخل قبلاً المازوت الايراني الى لبنان عبر سوريا وتفاخر بذلك، لكنه لم يوزعه الا على مناصريه وكوادره وليس كما زعم أنه سيكون متوافراً في كل المناطق اللبنانية، اضافة الى أن سعره لم يكن رمزياً أو هدية كما قال يومها بل كان موازياً لسعر المازوت في السوق السوداء.

وفي السياق، وافق وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض على إدخال الفيول الايراني، معتبراً ان لبنان بحاجة الى كل ليتر من الفيول. وقرر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ركوب الموجة باستهزاء، قائلاً انه بانتظار هذه الهبة و”لنتحضر للكهرباء في منازلنا”.

ولكن ما يحكى عنه شيء، والواقع شيء اَخر، فهذه الهبة لا تزال ضمن إطار الأخذ والرد والحديث عن المواصفات، خصوصاً بعد اللقاء الذي جمع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بالسفير الأيراني الجديد مجتبى أماني وتناولا خلاله موضوع تأمين الفيول من بلاده لمعامل الكهرباء. وسلم الرئيس ميقاتي مواصفات وشروط للفيول وتحديداً أن يكون مجانياً، ولكن لم يحدث شيء جدي بعد سوى تجديد اتفاق توريد الفيول العراقي الى لبنان لسنة كاملة وبالشروط عينها.

وفي المقابل، سارعت جريدة “الأخبار” كالعادة الى بث حقدها على الرئيس ميقاتي، معتبرة أنه يتذاكى ولن يوافق، “حشره العرض الإيراني ولن يجرؤ على الموافقة، الطريقة الميقاتية”.

فما رأي الجهات المعنية والمقربة من الرئيس ميقاتي بما يحصل؟ وهل الفيول العراقي أسقط فعلاً الهبة الإيرانية؟

“بدن جنازة ويشبعوا فيها لطم”، بحسب ما قالت مصادر مقربة من الرئيس ميقاتي لموقع “لبنان الكبير”، معتبرة أن موضوع الهبة الإيرانية بدأ “طق حنك” وهذه الطبقة تحب أن تستغل المواقف من أجل الشعبوية والتذاكي.

وأكدت المصادر أن “الرئيس ميقاتي ليست لديه أي مشكلة مع الفيول الإيراني بل بالعكس هو يسعى الى كل ما فيه خير للبلاد ويفيد الشعب المظلوم، ولكن الايرانيين لم يتحدثوا عن تقديم عرض رسمي للبنان بالفيول الايراني، ولم تتقدم الحكومة اللبنانية بطلب رسمي وكل ما يُحكى حتى اليوم عبارة عن كلام إفتراضي، بحيث قام السفير الايراني بزيارة تعارف للرئيس ميقاتي الذي شكر مبادرتهم، لكنه قال لدينا مواصفات للفيول وفي حال أرادت الحكومة الايرانية أن تدعم لبنان به كهبة مجانية غير مشروطة فنحن لن نرفض بل نتمنى ذلك لأننا بحاجة الى كل نقطة فيول، ولكن يجب أن يكون مطابقاً للمواصفات. ويمكننا أن نأخذه ونضعه في الامارات ونأخذ منها فيولاً آخر شبيهاً بمواصفاتنا، وكل ما سنتوصل إليه سيكون من خلال التفاهم الواضح”.

ورأت هذه المصادر أن “هناك طبقة سياسية تعشق الحكي واللعي والدخول في سجالات وتسجيل نقاط وافتعال بطولات وهمية، ولا أحد يعلم أنه لا يوجد طلب رسمي بعد من ايران بأنها تريد تقديم فيول ايراني كهبة مجانية للبنان”.

وشددت على وجوب “درس الملف بموضوعية تامة ومنطقية، لكي نتجنب أي عقوبات جديدة على لبنان، لأن البلد منهار ولا يتحمل أي عقوبة أميركية جديدة”.

يتظهر من كل ذلك أن الخلاف لم يعد على الملفات، بل الهدف هو التصويب على رئيس الحكومة والموقع السني، فهذا العهد وحلفاؤه “مش مصليين على النبي” ويستسهلون تحدي الرئاسة الثالثة التي لها وزنها الطائفي الكبير، وفي المقابل لن يكون الفيول الإيراني منقذاً للبنان.

شارك المقال