الحجز على أملاك خليل وزعيتر احتياطياً… تسجيل أهداف سياسية؟

محمد شمس الدين

أصدرت دائرة التنفيذ في بيروت أول من أمس قراراً يقضي بالحجز احتياطياً على أملاك النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، على خلفية دعوى مقدمة من مكتب الادعاء في دائرة المحامين، بوكالته عن أهالي ضحايا انفجار المرفأ، وذلك بسبب التعسف في استخدامهما حق الدفاع والادعاء وعرقلة العدالة. ووفق المعلومات فإن القاضية نجاح عيتاني هي من أصدرت القرار، ومن المقرر الحجز على ممتلكات قيمتها نحو ثلاثة ملايين دولار بموجب الأمر، وهو ما اعتبره مصدر قضائي بمثابة تعويض نوعاً ما.

وسارع وكلاء الدفاع عن النائبين خليل وزعيتر الى اصدار بيان وصفوا فيه هذه الخطوة بأنها “خرق” للمفاهيم القانونية، مؤكدين “أننا سنتقدم عند تبليغنا بلائحة جوابية رداً على مزاعم الجهة المدعية ومغالطاتها ولرفع الحجز”.

وجاء في البيان: “خلافاً لما نشرته إحدى وسائل الإعلام من أن دائرة التنفيذ وضعت إشارة حجز احتياطي على النائب علي حسن خليل بقيمة 100 مليار ليرة، نؤكد أن المبلغ المشار إليه هو الرقم المطالب به من قبل مكتب الادعاء في نقابة المحامين في الدعوى المقامة منه بحق النائبين غازي زعيتر وعلي حسن خليل متضامنين، وليس بالقيمة العقارية للمنزل الذي تم وضع إشارة الحجز عليه”.

أضاف البيان: “إن هذا الخبر الذي سمعنا به عبر وسائل الإعلام سنتعاطى معه كوكلاء للدفاع عن النائبين زعيتر وخليل وفق نص القانون وسنتقدم عند تبليغنا بلائحة جوابية رداً على مزاعم الجهة المدعية ومغالطاتها ولرفع الحجز لأن فيه استباقاً لقرار القضاء المقدم أمامه الدعوى الكيدية، ويشكل هذا الإجراء خرقاً لجملة من المفاهيم القانونية وأهمها أن الجزاء يعقل الحقوق. ونؤكد أن تعميم هذا الأمر في وسائل الإعلام وكأنه حكم بالمبلغ المشار إليه هو جزء من حملة التشويش والتشويه التي يقدم عليها مقدم الادعاء لأسباب سياسية باتت معروفة”.

وانتقدت مصادر قانونية وصول الخبر إلى الإعلام قبل أن يصل الى المدعى عليهما، وقالت لموقع “لبنان الكبير”: “إن التبليغ عبر الإعلام أصبح عادة سيئة تجتاح النظام القضائي اللبناني، وكل هذا يصب في ضرب العدالة من أسسها، وهذا لا يجوز، فمن أجل تسجيل الأهداف السياسية أصبح القضاء اللبناني مسرحية هزلية، دمرت هيبة القضاء”.

وعلّق مصدر قانوني على القرار في حديث لموقع “لبنان الكبير” بالقول: “مصطلح التعسف بحق الدفاع هو مصطلح همايوني صراحة، التعسف باستعمال حق الدفاع! هذا مضحك مبك، فإن حق الدفاع دستوري أصلي وأساس للحق بالمحاكمة العادلة، لا يوجد شيء اسمه تعسف باستعمال حق الدفاع، ما دام للمدعى عليه وسائل قانونية ليدافع بها عن نفسه، هناك حق مطلق له، وإن (التعسف باستعمال حق الدفاع) تنسف مبدأ قرينة البراءة بالمحاكمة العادلة”.

في المقابل، أوضح مصدر قضائي لـ “لبنان الكبير، أن “في أصول المحاكمات المدنية، المواد 554,11,10 وما يليها لحظت التعسف في حق الادعاء والدفاع، ولكن يتم بت الحكم عادة بهذا الأمر عند انتهاء القضية وليس قبل، فمثلاً إذا أقدم شخص على رفع دعوى ضد شخص أو جهة ما وخسرها، ويتم إثبات أنها دعوى اعتباطية، يمكن عندها محاكمته تحت منطلق التعسف، أما إذا كانت أسبابه مبررة وقانونية فلا يكون تعسفاً”. وبالنسبة الى الحجز الاحتياطي للأملاك، أكد المصدر أن “الحجز الاحتياطي لا يتخذ إلا إذا كان هناك دين ثابت أو مرجح الوجود، وكلتا الحالتين غير محققتين في هذه الحالة”.

وأشار المصدر الى أن “هناك امتعاضاً في أروقة القضاء اللبناني من الفولكولور القضائي الذي يحصل في البلد مؤخراً، وما يحصل على حساب القانون، فقد أصبح أكثر القضاة في لبنان استعراضيين تحت مبدأ (اشهدوا لي عند الأمير)، وهذا الأمير قد يكون زعيماً أو جمهوراً معيناً، أو حتى دولة أجنبية”، معتبراً أن “مسلسل الفولكولور القضائي والانحطاط القضائي الموجود، يبدو كأنه سلوك تعويضي، بسبب عدم قدرة القضاء على إنجاز أي أمر، ولكن هذا السلوك يفتقر الى أي أسس قانونية”.

وفي معلومات خاصة لموقع “لبنان الكبير” أن لجنة الادارة والعدل تدرس مشروع قانون مقدم إلى مجلس النواب، يمكن للمحكمة من خلاله البت بحكم التعسف باستعمال حق الادعاء أو الدفاع قبل انتهاء الدعوى. وطرحت اللجنة هذا المشروع أمس، ولكن حتى الآن القانون يقضي بالبت بموضوع التعسف بعد انتهاء المحاكمة، وهنا لا بد من التساؤل، من استبق مشروع القانون هذا؟

إذاً، عاد ملف انفجار المرفأ إلى الواجهة من جديد، عبر قرار قضائي جديد غريب، كون كل القوانين في العالم تسمح للمدعى عليه باستعمال كل الوسائل القانونية من أجل الدفاع عن نفسه. ورأت مصادر سياسية أن الهدف من هكذا قرار تسجيل الأهداف السياسية لا أكثر، وهو يشابه قرارات ذات أهداف سياسية سابقة، مثل القرار الذي صدر بحق السفيرة الأميركية، أو مسرحيات القاضية غادة عون المتنقلة. وأسفت المصادر لحال القضاء اللبناني، مشددة على وجوب إقرار مشروع جدي وحقيقي لاستقلالية القضاء، الذي لا يطرحه أحد حتى اليوم.

شارك المقال