هذا ما ينتظر “حزب الله”

عاصم عبد الرحمن

من الولايات المتحدة إلى أوروبا مروراً بروسيا وصولاً حتى منطقة الشرق الأوسط والإقليم الملتهب، يعيش العالم أسابيع وأيام انتظار توقيع الاتفاق النووي الإيراني لما له من انعكاسات اقتصادية وسياسية على المستويات الدولية والإقليمية والمحلية، ولعل لبنان هو إحدى أبرز محطات تجلي هذا الغليان نظراً الى تأثيره المباشر على وضعية “حزب الله” سياسياً وعسكرياً بشكل خاص، وبالتالي امتداد هذا التأثير على النظام اللبناني برمته. فأي تسوية تنتظر “حزب الله” في سياق الاتفاق الدولي والحوار الاقليمي القائم؟

ما إن طويت صفحة الانتخابات النيابية حتى انخفض منسوب خطاب المواجهة مع “حزب الله” وضرورة إسقاط سلاحه غير الشرعي، والتزمت الدعوة إلى نزعه صوماً متقطعاً عن الكلام خاصة حزب “القوات اللبنانية”، ذلك أن ساسة لبنان باتوا يدركون جيداً أن قضية سلاح الحزب تُبحث في أروقة مطابخ السياسة الدولية، وأن الجهة الوحيدة المخولة البحث فيه هي العائلة الشرعية له أي إيران.

ولا شك أن البحث في قضية السلاح ستوضع على طاولة النقاش عقب الانتهاء من مفاعيل توقيع الاتفاق النووي بين الأميركيين والايرانيين، وستبارك نتائجه مندرجات الحوار السعودي – الإيراني القائم في بغداد والذي يرتكز في معظمه الى حل القضية اليمنية.

وفي السياق عينه، علم “لبنان الكبير” من أحد العاملين في المكتب الاعلامي لمرجعية خليجية أساسية نقلاً عن مصدر ديبلوماسي عربي أن هناك حلَّاً لقضية سلاح “حزب الله” يُعمل عليه في الأروقة الدولية من دون الغوص في تفاصيل الزمان يقوم على الشكل الآتي:
– إنشاء جهاز حرس الحدود ويتكون بأكثريته من عناصر “حزب الله” ويكون تابعاً لمجلس الدفاع الأعلى ورئيس الجمهورية.
– استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية ليكون من الطائفة الشيعية.
– إضافة سبعة نواب من الشيعة وسبعة آخرين من السنَّة إلى المجلس النيابي.
– إجراء تبديل طائفي بين قيادة الجيش ومديرية الأمن العام أي أن يصبح قائد الجيش شيعياً مقابل أن يكون المدير العام للأمن العام مسيحياً.
– تثبيت وزارة المال لدى الطائفة الشيعية في كل الحكومات المقبلة.

وإذا كانت هذه المكتسبات التي ستنالها الطائفة الشيعية أي “حزب الله” ضمناً كفيلة بحل قضية سلاح الحزب ونقل عهدته إلى الدولة اللبنانية، فلا شك أن هذا الطرح ستتوافق عليه كل من إيران والسعودية وسوريا والإمارات بالإضافة إلى الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا على اعتبار أن الحزب سيصبح قوة سياسية ولا شيء يمنع من التعامل معه لا بل محاورته – على الصعيدين الداخلي والخارجي، وهي إشارات التقطها مبكراً وليد جنبلاط وتمثلت باستدارة جنبلاطية مبكرة وفق ما يتطابق ومصالحه السياسية التي بات من الواضح جداً أن رياحها ستهب وفق ما تشتهيه سفن “حزب الله” لا عكسها، كركن أساس من أركان النظام السياسي اللبناني الذي سيأتي في سياق تعديلات دستورية تحت سقف اتفاق الطائف وربما سيستكمل تطبيق ما لم يطبق منه لناحية اللامركزية الإدارية وإنشاء مجلس للشيوخ مع الحفاظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين خاصة وزارياً ووظائفياً.

في الموازاة لا بد أن هذا الطرح – الحل سيشكل تحفة سياسية إضافية إلى جانب اتفاقات كبيرة أولها الاتفاق النووي الإيراني – الأميركي وليس آخرها ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي لاستخراج الغاز الذي بدت الحاجة الأوروبية والأميركية والاسرائيلية ملحة إليه على اثر الحرب الروسية – الأوكرانية وما خلفته من أزمة في المحروقات على الصعيد العالمي.

طالما أن السياسة هي فن الممكن وأن العلاقات الدولية تحكمها المصالح السياسية، فلا شيء مستغرب في هذا العالم على اعتبار أن الصداقات والعداوات السياسية غير دائمة لصالح المصالح الباقية والمتمددة على الصعد كافة. وربما سيتعامل العالم مع إيران وأذرعها في لبنان والعراق واليمن وفق قاعدة “عفا الله عما مضى”، من هنا كيف ستتعامل الأحزاب اللبنانية مع “حزب الله” السياسي خاصة تلك التي خاصمته بقوة؟ وهل سيستكمل سيطرته على لبنان أم سيتشارك السلطة من منطلق الحاضن المنتصر؟.

شارك المقال