عون “مغتصب سلطة”… اذا بقي في القصر

محمد شمس الدين

يكثر الحديث عن بقاء الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته، وقد أنهت الغرفة القانونية في القصر مطالعة دستورية تقضي ببقائه في موقعه في حال خلت سدة الرئاسة في ظل حكومة مستقيلة لا تجتمع، وذلك من منطلق الاستمرار بتسيير المرفق العام والمصلحة العامة، وهذه المطالعة ليست بناء على نصوص قانونية إنما هي اجتهادات وتفسيرات خاصة بالغرفة القانونية التي أسسها العهد نفسه، بحسب ما أفاد مصدر متابع لموقع “لبنان الكبير”. لذا، يطرح السؤال اليوم، ماذا يحصل في حال أصر عون على البقاء في القصر، ولاسيما أن هذه البدع الدستورية سترفضها غالبية القوى السياسية؟ وإذا أخذت الحكومة قراراً بإخلاء القصر من منطلق مخالفة الدستور من ينفذ القرار؟ وكيف ستكون انعكاسات مثل هذه الخضة على لبنان؟

الوزير والنائب السابق ألبير منصور استبعد في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن يقدم الرئيس عون على هذه الخطوة، قائلاً: “لا أظن أن الأمر وارد لأنه مخالف للدستور، الذي ينص على أنه عند انتهاء ولاية الرئيس يغادر القصر، غير ذلك يكون يحتل القصر الجمهوري بالقوة، وكل هذه الاجتهادات والتفسيرات لبقائه هي هرطقة دستورية، فالنص واضح، تنتقل صلاحيات الرئيس إلى الحكومة، حتى لو كانت حكومة تصريف أعمال”.

عند انتهاء ولاية الرئيس تبقى هناك حكومة شرعية قائمة، وهي ستطالبه بتسليم منصبه، والجيش يكون تحت سلطة الحكومة في هذه الحالة، بحسب ما أوضح منصور، مستبعداً “أن يقدم عون على هذه الخطوة، وتحديداً أن من أوصله إلى موقعه، ليس في وارد خرق الدستور بهذه الطريقة”.

أضاف: “قتلوا الطائف منذ أن اعتمدوا العمل الطائفي بهذا الشكل، وكل التوجه نحو المواطنة والانتقال نحو جو مدني عام نسوه وأهملوه، وأصبح الوضع أسوأ من قبل”.

ما يحصل هو هرطقة دستورية، بحسب ما اعتبرت مصادر سياسية، فالنص الدستوري واضح، ليس لرئيس الجمهورية صلاحية تسليم صلاحياته أصلاً، والدستور جهّل الفاعل في النص: “تُنقل صلاحيات رئاسة الجمهورية إلى الحكومة”، ولم يحدد الدستور إذا كانت حكومة تصريف أعمال أم لا.

وسخرت المصادر من هذه الفكرة، قائلة: “هذا هو المنطق الأعوج الذين يحاولون به الضحك على الناس، فعند انتهاء ولاية أي رئيس تصبح الحكومة حكومة تصريف أعمال تلقائياً، فما الفرق بينها وبين حكومة تصريف أعمال قبل انتهاء ولاية الرئيس؟”.

ورأت المصادر أنه “في حال قرر عون البقاء في القصر، يصبح مغتصب سلطة، وسيكون لقبه في الإعلام الرئيس المغتصب، وسيدخل البلد في متاهة، وهنا من واجب قائد الجيش سحب عناصر الحرس الجمهوري عند الساعة 12 من منتصف ليل 31 تشرين الأول، وليبقَ عون عندها في القصر وحده، إلا إذا استعان بسلاح غير سلاح الجيش ليحمي قصره، كي يثبت على نفسه تهمة الاغتصاب والخروج عن الدولة. وإذا كان الأمر متعلقاً بغاية نفسية برتقالية كي يبقى على كرسي الرئاسة، فلنؤجره القصر عندها، ويبقى يعطي الأوامر للحاشية كي يشعر بالسعادة دون كيشوت العصر”.

أضافت المصادر: “الله يستر البلد من خضة دستورية تأخذ منحى طائفياً سيفتعلها العهد”.

رئيس مجلس النواب نبيه بري استشرف باكراً زوبعة الاستحقاق الرئاسي، لذلك أعلن أنه لن يدعو إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية قبل إقرار الإصلاحات المطلوبة، ويرغب في الاستعجال بملف ترسيم الحدود وإقرار الإصلاحات التي يطلبها صندوق النقد الدولي، كي تستطيع الحكومة التي ستخلف الفراغ الرئاسي الاستمرار بالعمل بها، ويكون هذان الملفان أخذا الشرعية الكاملة بتوقيع رئيس الجمهورية عليهما، هذا ما أكدته شخصية تعنى بالشأن السياسي، مذكرة بخطاب الأمين العام لـ “حزب الله” الذي تناول فيه الشأن الحكومي، “فالسيد نصر الله طالب بتفعيل عمل الحكومة في هذا الخطاب، ملمحاً الى أنه لن يكون هناك انتخاب لرئيس الجمهورية”.

تنفس اللبنانيون الصعداء في بداية هذه السنة، حين ظنوا أنهم سيتخلصون أخيراً من عهد جهنم الذي كانت له المساهمة الأكبر في دمار البلد، ولكن اليوم يبدو أنهم سيضطرون الى حبس أنفاسهم من جديد، فأولياء العهد لا يريدون المغادرة بسلام، لتخوفهم من أن تكون نهاية العهد نهاية وجودهم على الساحة السياسية اللبنانية، ولذلك يحاولون بشتى الطرق والبدع البقاء في السلطة، وللأسف قد يستطيعون تنفيذ ذلك، كون البلد محكوماً بآفة الطائفية، بل قد يحشدون أنصارهم في القصر الرئاسي في مشهد مشابه للعام 1989، مما قد يدفع القوى الوطنية التي تخاف من أي فتنة في البلد، إلى مسايرتهم بطريقة ما، كي لا تكون نهاية العهد… نهاية لبنان.

شارك المقال