الارهاب وضحاياه… الحكاية مستمرة

تالا الحريري

لا يخلو العالم من الارهاب، الذي لا يقتصر على الدول العربية وخصوصاً الاسلامية وحسب كما يروّج. مسمّى الارهاب واحد لكنه يختلف في نوع الممارسة، فمثلاً أميركا تصنّف إرهابية لكونها تسعى الى اتخاذ أي قرار مجحف قد يؤدي إلى دمار بلد وإبادة شعب كامل من أجل مصالحها فقط. إسرائيل تصنّف إرهابية بسبب ممارساتها الوحشية بحق أهالي غزة وأطفالها، وهي في الدرجة الأولى اغتصبت أرض فلسطين التي إحتلتها وأسست فيها دولة لها لا تزال أطراف كثيرة لم تعترف بها. ربّما تلك الدول لم تصنّف رسمياً، لكن ممارساتها تنطبق عليها كل معايير الارهاب، إلى جانب العديد من الجماعات والتنظيمات والحركات الارهابية. وإذا نظرنا إلى الدول، نرى أنّ الصراع هو المحرّك الأساس للارهاب، فبيئة الصراع والحرب والتنازع تكون خصبة لاحتضان الهجمات الارهابية.

اليوم الدولي لإحياء ضحايا الارهاب

إعتمد يوم 21 آب يوماً دولياً لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم، بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 165/72، وذلك من أجل تكريم ودعم ضحايا الإرهاب والناجين منه وتعزيز وحماية تمتعهم الكامل بما لهم من حقوق الإنسان وبحرياتهم الأساسية.

بُني ذلك القرار على الجهود القائمة التي تبذلها الجمعية العامة، ولجنة حقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان، التي ترمي جميعها إلى تعزيز حقوق ضحايا الإرهاب وحمايتها.

وكانت استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، التي اعتمدت في قرار الجمعية العامة 288/60 في 8 أيلول 2006، أشارت إلى أن تجريد الضحايا من إنسانيتهم هو من الأسباب المؤدية إلى انتشار الإرهاب، وأن الطريقة الأكثر فعالية لمكافحة الإرهاب هي اتخاذ تدابير تُعنى باحترام كرامة الإنسان وتعلي من سيادة القانون. 

مؤشر الارهاب العالمي لعام 2022

أصدر معهد الاقتصاد والسلام (IEP) النسخةَ التاسعة من مؤشِّر الإرهاب العالمي للعام 2022، الذي يعتمد على قاعدة بيانات موقع (Terrorism Tracker) مما يعني أن الحوادث الإرهابية المسجَّلة في المؤشِّر قد تختلف عن نظيرتها المسجَّلة في قواعد البيانات الأخرى، لأنّ هذا المؤشر يستبعد من الأعمال الإرهابية بعض الأنشطة العنيفة كالأعمال الحربية (سواء كانت تقليدية أو غير نظامية) والعنف الإجرامي الموجَّه لتحقيق الربح فقط. كما يستبعد الاضطرابات المدنية، وأعمال العنف الفردية المنعزلة، والسلوكَ العنيف المعادي للمجتمع، أي أنّ المؤشر يقيس تأثير الإرهاب حسب عدد الهجمات والقتلى والجرحى والرهائن والحوادث، باستخدام نظام تقويم مدته 5 سنوات؛ لتحديد مستوى التأثير لأيِّ سنة معينة، وهو ما يسمح برصد التأثير المستمر للإرهاب على الدول نفسها.

وكشف المؤشر انخفاض العدد الإجمالي للوفيات الناتجة عن الارهاب إلى 7,142 قتيلًا في العام 2021 أي بنسبة 1.2%، و%33 منذ الذُّروة في العام 2015 الذي قُتل فيه 10,699 شخصاً في الهجمات الإرهابية. لكن مقابل هذا الانخفاض، ارتفع عدد الهجمات من 4,458 في العام 2020 إلى 5,226 في العام 2021، بزيادة قدرها %17.

الجماعات الارهابية في العالم

من أكثر الجماعات الارهابية المعروفة المسؤولة عن أكبر عدد من القتلى في العام 2021، تنظيم “داعش” الذي شنَّ هجمات في 21 دولة في العام 2021، مقارنةً بنحو 30 دولة في العام 2020. وكان العراقُ أكثر الدول المتضررة من هجمات “داعش”؛ الذي شنَّ فيه 327 هجمة في العام 2021. أمّا أفغانستان فسجلت أكبر عدد من القتلى من ضحايا “داعش”.

الجماعة الثانية هي حركة “طالبان” التي استعادت الأراضي في جميع أنحاء أفغانستان في العام 2021، وعادت إلى السلطة بحلول شهر آب الجاري. وكانت مسؤولة عن 376 حالة وفاة في العام 2021، بانخفاضٍ بلغ 32% عن العام 2020. وانخفضت هجماتها إلى 232 هجمة في العام 2021، واستهدفت 47% منها المدنيين الذين بلغوا 64% من إجمالي الوفيات.

بالنسبة إلى الجماعة الثالثة وهي حركة الشباب المجاهدين الصومالية، التي تتسم بالعنف والدموية، فمن بين 571 حالة وفاة منسوبة إليها في العام 2021، وقعت %93 منها في الصومال، و%6 في كينيا. وانخفض العددُ الإجمالي للحوادث الإرهابية المنسوبة الى الحركة في العام 2021 الى 303 اعتداءات.

أمّا جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وهي منظمة عسكرية جهادية، تكونت بعد اندماج أربع حركات مسلحة مشاركة في الصراع في شمال مالي، فقد بلغت هجماتها والوفيات الناتجة عنها أعلى مستوياتها في العام 2021 وذلك منذ ظهور الجماعة في العام 2017. وزادت الهجمات بنسبة 80% بين العامين 2020 و2021. وكانت الجماعةُ مسؤولةً عن 351 حالة وفاة في العام 2021، بزيادة 69% عن العام 2020، ووقع نحو 59% منها في مالي، و40% في بوركينا فاسو. غير أنَّ المدنيين كانوا غالبيةَ ضحايا هذه الهجَمات، وتضاعف عددُهم أكثر من ثلاثة أضعاف بين العامين 2020 و2021. 

قائمة الدول الأكثر تأثراً بالارهاب

لا تزال أفغانستان والعراق في قمة أكثر البلدان تأثراً بالإرهاب للعام الثالث على التوالي. وتجاوزت بوركينا فاسو كلاً من سوريا ونيجيريا لتكون في المرتبة الرابعة لأكثر البلدان تأثراً بالإرهاب، وانتقلت باكستان من المرتبة الثامنة إلى المرتبة العاشرة، وتراجعت نيجيريا درجتين لتحتل المرتبة السادسة. كما كانت النيجر وميانمار من أحدث الدول المنضمّة إلى قائمة البلدان العشرة الأكثر تأثراً بالإرهاب، بحيث احتلتا المرتبتين الثامنة والتاسعة. فيما سجلت نيجيريا وسوريا والصومال تحسناً في النتيجة من العام 2020 إلى العام 2021.

وفي الغرب بلغت الهجمات الإرهابية ذروتها في العام 2018 بـ 182 هجمة، في حين سجَّلت الوَفَياتُ الناتجة عن الإرهاب أعلى مستوى لها في العام 2016، فبلغت 191 قتيلاً. وعلى الرغم من تراجع تأثير الإرهاب ذي الدوافع الدينية في الغرب في السنوات الأربع الماضية، ارتفع مستوى الإرهاب ذي الدوافع السياسية. إذ ينقسم الإرهاب السياسي في الغرب إلى إرهاب اليسار المتطرف وإرهاب اليمين المتطرف.

التأثير النفسي للارهاب على الضحايا

على الصعيد النفسي، أشار مختص في علم النفس لـ”لبنان الكبير” إلى أنّ “جميع الأشخاص الذين يعيشون التعذيب والسجن والضغط السياسي والانفجارات وغيرها، بالتأكيد مرّوا بما يسمّى إضطرابات ما بعد الصدمة، إذ يفقد الشخص تركيزه، وتصبح عيناه غير واضحتين وهذا ما رأيناه في الأطفال السوريين عند نزوحهم. كما أنّنا عشنا هذه التجربة في لبنان أثناء الحروب بحيث يصبح الشخص بحاجة إلى علاج نفسي، بسبب عيشه وجعاً جسدياً ونفسياً وقلقاً وتعباً وصولاً الى الاكتئاب”.

شارك المقال