إنتخاب بشار يثير غضب الطرابلسيين

إسراء ديب
إسراء ديب

عاشت مدينة طرابلس ليلة مظلمة أضاءتها القنابل اليدوية التي ألقيت على العديد من المناطق والأبنية المختلفة، وهذا ما كان يخشى منه أبناء المدينة مع حلول الانتخابات السورية التي كان ولا بدّ أن تُشعل نيران الفتنة بين عدد من اللبنانيين وبعض اللاجئين السوريين إلى لبنان.

ما جرى في الساعات الأخيرة في المدينة، يشي بأنّ الكثير من الطرابلسيين عجزوا عن لملمة جراحهم التي عمّقها النظام السوري، كما يُظهر رغبة عدد من الأطراف في إدخال المدينة في حروب الزواريب من جديد، فالبعض لم تكفه سنوات من الحرب التي ألهبت المدينة، بل يُريد استغلال هذه المناسبة أيضًا حتى يدفع الأمور إلى مزيد من القتل والدمار، إلا أنه في حقيقة الأمر، أهالي طرابلس لا يُريدون الحرب ولا التقاتل مع أحد لا سيما مع اللاجئين السوريين الذين استضافتهم المدينة نظرًا لإدراكهم ظروفهم الصعبة الناتجة عن الحرب، إذ لم ينس الطرابلسيون آثار الحرب وضربات القوات السورية خلال الحرب اللبنانية، ولكن في الوقت عينه، لا يتقبل أبناء المدينة اللاجئين الذين انتخبوا رئيسهم الذي هربوا منه وفق ما كانوا يقولون.

لم تمرّ عمليات الاقتراع لانتخابات الرئاسة السورية للمقيمين في الخارج على ما يُرام في العديد من المناطق اللبنانية التي استفزتها الأعلام والشعارات المناصرة لبشار الأسد، ما استنفر العديد من المواطنين، ضدّ الحافلات التي توجهت إلى اليرزة استنكاراً لمظاهر مناصرة الأسد المستفزة والمنظمة من قبل حلفاء النظام في الداخل اللبناني، الأمر الذي أدّى إلى حدوث إشكالات عديدة. الواضح في طرابلس، أن أهل المدينة لا يتقبلون النظام السوري ويستفزهم رفع صور بشار الأسد، هم الذين عانوا من الجيش السوري ونظام مخابراته التي عملت على إشعال نيران الفتن في المدينة خلال الحرب الأهلية وقامت بعمليات اغتيال وقتل وخطف العديد من شبان المدينة لم يعرف أحد تفاصيلها، ومصير ضحاياها مجهول حتّى هذه اللحظة، فضلًا عن الكثير من الأحداث الأمنية الشائكة التي كان آخرها تفجيريّ مسجدي التقوى والسلام واللذين اتهم فيهما عدد من الطرابلسيين النظام السوري بارتكابهما.

مشهد التعرض للحافلات السورية لم يكن مستغربًا، في ظلّ عدم رغبة الكثير من المواطنين اللبنانيين بتوجه عدد من اللاجئين السوريين للتصويت للرئيس السوري بشار الأسد، فبالنسبة إلى الكثير منهم، كان الأسد سببًا رئيسًا في تهجير السوريين من أرضهم بعد حرب دامية ومستمرّة في سوريا منذ عام 2011، ويقول أحد المواطنين من القبة لـ”لبنان الكبير”، متسائلًا: “كيف سيُعيدون انتخاب رئيس كان السبب الأساسي في خروجهم من بلادهم؟ وكيف نسمح لهم بالخروج من طرابلس إلى اليرزة بهذه السهولة؟”.

وتعبيرًا عن غضبهم، تجمع مواطنون طرابلسيون عند أوتوستراد البالما في طرابلس، واعترضوا الحافلات العائدة من اليرزة، مشدّدين على “ضرورة محاسبة كلّ من انتخب بشار الأسد، ويعبر أحد المواطنين المحتجين على الأوتوستراد: “السوري الذي لم ينتخب بشار هو في قلوبنا ونحترمه جدًا، ولكن من قتل الطرابلسيين في التقوى والسلام وقتل الأبرياء من لبنان وغيره، لن نرحب به”، ويضيف: “تحمّلنا السوريين لأنّهم إخوة لنا ولكن بعدما شهدناه في عملية الانتخاب بالسفارة سيكون لنا كلام آخر (وكل شي بوقته حلو)”.

في التبانة، تجول عدد من المواطنين في طرقات المنطقة، مع وضع أغانٍ وأناشيد معارضة للأسد في سياراتهم فضلًا عن حرق علم سوريا، تعبيرًا عن معارضتهم للأسد ولمناصريه.

وكانت قد توجهت حوالي 50 حافلة تقريبًا من طرابلس إلى اليرزة، ومن جبل محسن تحديدًا، والمعروف بمناصرته للرئيس السوري، حوالي 12 حافلة تقريبًا، وكان لبعض هذه الحافلات نصيب من الاعتداءات التي وقعت تحديدًا في ساحة ساسين- الأشرفية، وفق ما يُفيد مصدر من جبل محسن لـ” لبنان الكبير”، مؤكّدًا حصول عمليات تكسير واعتداء على مواطنين من الجبل، “الأمر الذي أحدث حالة غضب واستنكار كبيرين عند بعض الأهالي، ما دفعهم إلى النزول إلى الشارع لقطع طريق سكة الشمال، ولكنّ الجيش اللبناني تمكّن مباشرة من إعادة فتحها، فيما حاول بعض الأهالي عند أوّل الجبل التجمّع ولكن الجيش أيضًا منعهم بالقوّة للحدّ من ومنع أيّ اعتداءات قد تحصل”.

كما انطلقت مسيرة داخل الجبل، شارك فيها بعض الشبان من أبناء المنطقة بالتزامن مع وصول باصات المواطنين السوريين التي شاركت في الانتخابات، مع نشر لافتات معارضة لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وذلك بعد البيان الذي أصدره مؤخرًا بمناسبة حلول الانتخابات السورية ورغبة بعض اللاجئين التصويت لصالح الرئيس السوري الحالي.

مساء يوم الانتخاب لم يكن الوضع في الشمال مستقرًا، فقد أقدم مجهول على رمي قنبلة مولوتوف على مكتب حزب “الكتائب اللبنانية”، في شارع المطران، ما أدّى إلى نشوب حريق فيه، كما أقدم آخر على رمي قنبلتي مولوتوف في اتّجاه مستوصف الخيّال الخيري، التابع لـ”القوات اللبنانية” في ساحة النجمة، الأمر الذي أدّى إلى تضرّر الشرفة الخارجية، في وقتٍ عمل فيه أهالي المنطقة على إخماد الحريق قبل أن يمتدّ إلى الداخل، فضلًا عن قيام الجيش اللبناني بضرب طوق أمنيّ حول مكتب القوات في طرابلس منعًا لأيّ عملية اعتداء كانت مرتقبة.

على الرّغم من الأزمة بين الطرفين، “إلا أنّ الأمور لن تتوجه إلى مزيد من التخبط أو الاشتعال”، وفق ما يقول مصدر من جبل محسن لـ”لبنان الكبير”، مؤكّدًا “أهمّية دور الجيش اللبناني لحفظ الأمن والسلام بين الجميع في هذه الظروف والمناسبات”.

وكان بعض الشبان قد أقدموا على الاعتداء على حافلة كانت قد انطلقت من طرابلس إلى الجنوب للتضامن مع القدس، ووفق المعلومات اعتقد هؤلاء الشبان أنّها حافلة تابعة للسوريين الراغبين بالتصويت لصالح الأسد أيضًا، ما أدّى إلى تكسير زجاجها وجرح بعض ركابها.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً