الخطاب التاريخي واسقاط انقلاب “الأزلام”

محمد نمر
محمد نمر

لم تكد تنتهي مفاعيل الصفعة الأولى التي طالت رئيس الجمهورية ميشال عون جرّاء تصريحات وزير الخارجية المتنحي شربل وهبة، حتى أتت الصفعة الثانية اثر الرسالة “المفخخة” التي وجهها إلى مجلس النواب ويطالب فيها باعادة النظر في تكليف الرئيس سعد الحريري.
صفعة أولى سعودية وثانية حريرية، حشرت عون في زاوية “الإفلاس السياسي” وانعدام الخيارات، وحوّل على اثرها عون موقع رئاسة الجمهورية إلى “ساعي بريد”. إذ لم يعد أمام مستشاريه سوى السهر على كتابة الرسائل. وفي الوقت الذي يبحث فيه الشعب عن محروقات في المحطات ودواء في الصيدليات وعن رزق يبقيه على قيد الحياة في “جهنم العهد القوي”، ينشغل عون برسالة جديدة إلى الشعب، وعلى الرغم من كثرة عدد الكلمات فيها إلا أنها تدور حول كلمة واحدة: “المهل”، ولخّصها اليوم جبران باسيل الذي تحدث في الجلسة باسم القصر، واعتبر أن الحل هو بتحديد مهلة للرئيس المكلف ليشكل الحكومة مقابل تحديد مهلة لرئيس الجمهورية للدعوة إلى استشارات ملزمة.
شكراً سعادة الصهر على هذا الطرح “العبيط”، فإن دعوة رئيس الجمهورية إلى الاستشارات لا تتطلب مهلة فهو ملزم فيها لأن لا رأي له بالتكليف، بل النواب من يسلّمون رئيس الجمهورية الاسم، لتصدر بعدها المراسيم من بعبدا، كما أن التأخير في الدعوة إلى الاستشارات ولو لساعة واحدة يعتبر من “أنواع التعطيل” و”أسلحة الفراغ”.
أما تحديد مهلة للرئيس المكلف، فلا تعني سوى الانقلاب على اتفاق الطائف، والالتفاف عليه واعادة عقارب الزمن إلى ما قبل العام 1989.
إن تحديد مهلة للرئيس المكلف يعطي لرئيس الجمهورية امكانية رفض توقيع التشكيلة، بحجّة “عدم ميثاقيتها”، وانتظار انتهاء المهلة لتكليف رئيس حكومة جديد “غب الطلب”، وبالتالي إن تحديد مهلة لرئيس الحكومة، يؤمّن لرئيس الجمهورية صلاحية تمرير الحكومة التي تعجبه واسقاط الرئيس الذي لا يلبي مصالح “الصهر”. هي فكرة “عونية” تقوم على هدفين:
– الدعس على خيار اللبنانيين الممثلين في مجلس النواب بتكليف رئيس الحكومة الذين يرونه مناسباً، واعطاء رئيس الجمهورية حق الفيتو على أي رئيس، في الوقت الذي انتخب عون، اساساً، من هذا المجلس.
– ضرب موقع رئاسة الحكومة واضعافه، وتحويل الرئيس إلى “باش كاتب” لدى رئيس الجمهورية وموظف همّه الأول إرضاء فخامته للبقاء على الكرسي.
إن الهدفين، في عمقهما يضربان “اتفاق الطائف” الذي قام على الفصل بين السلطات واعطاء لكلموقع دستوري قيمته ودوره، ومنذ بداية العهد يحاول رئيس الجمهورية تحقيقهما بـ”الممارسة”.
من هنا، تأتي أهمية خطاب الرئيس سعد الحريري الذي وضع فيه النقاط على الحروف، وأسقط محاولة جديدة للانقلاب على “الطائف” ومنع أي تعديل دستوري ولو “بالممارسة”، وردّ في خطابه تُهم التعطيل إلى القصر الجمهوري، مقدماً بخطاب تاريخي مطالعة عنوانها: “فشل ميشال عون”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً