أمّن المازوت وناقش أطروحتك في “جامعة الوطن”!

محمد شمس الدين

تعاني الجامعة اللبنانية من الويلات حتى قبل بدء الأزمة الاقتصادية في العام 2019، ولكن معاناتها كانت بسبب التقسيم السياسي والطائفي وحسب، وبعد الأزمة اتجهت إلى منحدر لا يبدو أن هناك خلاصاً منه، وقد تكون فعلاً نهاية جامعة الوطن. فمنذ يومين انتشر خبر مفاده أن إدارة الجامعة تطلب من المتقدمين لنيل شهادة الدكتوراه أن يؤمنوا المازوت من أجل مناقشة أطروحاتهم. ولاقى هذا الأمر انتقادات واسعة في الرأي العام اللبناني، فما حقيقته؟

علم “لبنان الكبير” أن موضوع المازوت حصل في المعهد العالي للدكتوراه في الحقوق والعلوم السياسية والادارية والاقتصادية في سن الفيل، ولكن القصة ليست أن إدارة الجامعة تفرض على الطلاب تأمين المازوت كي يناقشوا أطروحتهم، بل الأمر اختياري للطالب، اذ أن الجامعة تقبل أن يناقش المتقدمون لنيل الدكتوراه الأطروحة بلا كهرباء، وذلك عبر القيام بطبعها نسخاً عدة على أوراق، ولكنهم لن يستطيعوا الافادة من التقنيات، مثل جهاز العرضprojector) ) والحاسوب وغيرها. وكذلك سيضطر الطالب الى مناقشة الأطروحة من دون تكييف أو إنارة، بحيث يعتمد على نور الشمس فقط، لذلك قُدم خيار للطلاب بأن يؤمنوا المازوت على حسابهم من أجل مناقشة أطروحاتهم في حال أرادوا ذلك، ولكن الأمر ليس ملزماً.

مصادر الجامعة اللبنانية أكدت في حديث لـ “لبنان الكبير”، معاناة الجامعة، معتبرة أنها تحتضر. وقالت: “هناك فروع للجامعة تؤمن الكهرباء فيها عبر مؤسسات خاصة، مثل أحد الفروع الذي تؤمن مكتبة مقابلة له الكهرباء لحاسوب واحد، كي تتأمن للطلاب مستنداتهم،، والمكتبة تقوم بذلك ليس كعمل خيري، بل لأن الأمر يفيدها مباشرة، اذ أن الطلاب يحتاجون إلى نسخ وهم يطبعونها في المكتبة. وفي فرع آخر كشف موظف يسرق خطاً كهربائياً من الميتم الموجود في مبنى الجامعة نفسه. وغالبية الطلاب في كل فروع الجامعة تخوض الامتحانات وتقدم أطروحاتها ورسائلها من دون كهرباء، بينما الموظفون لا يجدون أي عمل يقومون به بسبب عدم وجود كهرباء، وأحياناً يؤمنون حاجيات الطلاب من حسابهم الخاص، على الرغم من أن الكثيرين منهم مثل المدربين والأساتذة المتعاقدين لم يقبضوا رواتبهم منذ شهر كانون الثاني”.

وتساءلت المصادر عن أموال PCR المطار، مؤكدة أن “الـ 50 مليون دولار هي من حق الجامعة ولم تصلها، وكذلك الفرق في الدفع ببطاقات الائتمان في المطار تستفيد منه شركة أريبا، ولا أحد يجرؤ على السؤال عن مصير هذه الأموال؟ أين وزير الأشغال من هذه السرقة الموصوفة؟ أما في قصر بعبدا، فالكيدية دخلت على الخط، خلاف على تعيين العمداء بين رئيس الجامعة ورئيس الجمهورية، الذي لا يزال يرفض توقيع 3 مراسيم تقر مساعدات للجامعة”.

وأشارت المصادر الى أن “جهة حزبية في أحد فروع الجامعة، قامت بتأمين المازوت واللوجيستيات كي تجري الامتحانات لطلابها، وكذلك أمّنت أساتذة ومدربين من منطقة أخرى، ودفعت لهم من حسابها الخاص”، سائلة “هل إهمال الجامعة هدفه تقسيمها حزبياً؟ هل هناك من يريد أن يكون جيل المستقبل مديناً له بدل أن يكون مديناً لبلده؟”.

واستهجنت المصادر “عيش رئيس الجامعة في النعيم”، لافتة الى “أننا مقبلون على شهر أيلول، ولا يبدو أن هناك حلاً في الأفق، كيف سيُسجّل الطلاب وتجرى امتحانات الدخول؟ على أي كهرباء؟ وقد قسم طلاب الجامعة بين ناس بسمنة وناس بزيت، بحيث أن بعض فروع الجامعة يحظى بدعم حزبي وتؤمن له الكهرباء والإمكانات، أما في فروع أخرى فلا يؤمن أي شيء، وتحديداً في الشمال”.

ورأت المصادر أن “الجامعة اللبنانية تحتضر، ولا أحد يبالي، وقد يكون كل هذا مقصوداً، كي تبقى الأحزاب مسيطرة على جيل الشباب، بحيث أن لكل طرف في البلد جامعاته الخاصة، وسيحصر التعليم بالحزبيين فقط، وهذا الاستنتاج منطقي، فهل يعقل أن بلداً، مهما كانت أزماته، يهمل قطاع التعليم؟ هذا تدمير ممنهج للمستقبل”.

على الرغم من قساوة الحرب الأهلية رفض اللبنانيون الخضوع لآلة الدمار، وكان الطلاب يغامرون بحياتهم من أجل حضور صفوفهم، كي يكونوا رواد المستقبل. انتهت الحرب منذ أكثر من 30 سنة، وازدهر لبنان في القطاع التعليمي لمدة طويلة من الزمن، بل أصبح مقصداً تربوياً من الدول الاقليمية، إلى أن دمره زعماؤه، وأصبح في خطر الأمية.

شارك المقال