شربل وهبه: العقل العوني واستهداف أهل السنة

كمال ريشا
كمال ريشا

أثار كلام وزير الخارجية اللبناني الطالب التنحي عن مهامه شربل وهبه، استغراب واستهجان لبنانيين وعرب مواطنين ومسؤولين، في المقابل نشطت حملة تضامن مع وهبه من أنصار التيار العوني على مواقع التواصل الاجتماعي، عبرت عن مكنونات “العقل العوني”، تجاه الغير عموماً، وأهل السنة خصوصاً، وفي مقدمهم أهل الخليج العربي، بما نم عن عنصرية إلغائية لطالما كانت في صلب سياسة العونيين ورئيسهم السابق وخلفه الحالي.

العقل العوني يستسهل استهداف أهل السنة، باعتبار أنهم طائفة من دون “أنياب”، حيث لم يلجأ زعماء السنة في لبنان إلى تشكيل ميليشيا مسلحة، وكانت مشاركتهم في الحرب، جزئية في بيروت وطرابلس، عبر تنظيمات سرعان ما انتهت على أيدي ميليشيات أخرى.

وفي يقين العقل العوني أن استهداف أهل السنة يعزز مكانته لدى الثنائي الشيعي فيخوض عنه معركته، التي يخشى اندلاعها من لبنان فتتوسع إلى أصقاع الأرض، ويتم استحضار التاريخ، والتخوين والعقائد الدينية، وتندلع حروب شاملة ومتفرقة قد يعرف أحد متى تندلع ولكن أحداً لا يعرف متى تنتهي.

وفي يقين العقل العوني أيضاً أن استهداف السنة، يسهل الاستفراد بالدروز واستضعافهم، بعد أن أصبحوا محاصرين في الجبل، بين سندان حزب الله، واستفزازات صغار العونيين وكبارهم.

وعلى المستوى المسيحي يأخذ استهداف أهل السنة، في العقل العوني، منحىً وجودياً، يهدد المسيحيين، حضوراً ودوراً وممارسة دينية، فيلجأ إلى تخوين كل من يعترض على منطق التخويف الوجودي، حيث يعمل العقل عينه على شيطنة أهل السنة واتهامهم بالإرهاب تنفيذاً واحتضاناً، خصوصاً أنه بالنسبة للتيار العوني، السنّة يختارون بين الانهزام والتطرف والإرهاب، وفي الحالتين يسهل وضعهم في موقع الاستتباع في حال الانهزام، وفي الدفاع عن النفس في حال الاتهام باحتضان الإرهاب، الذي يمثل للسنة مشكلة داخلية سنية – سنية، أولاً، ومشكلة مع الآخر، أي آخر، مسيحياً كان أم غير مسيحي.

وحدها الحريرية السياسية عملت على نقل السنة من موقع الاستتباع والانهزام والاتهام، إلى الاعتدال والقوة الناعمة، ونقلهم من المحلية إلى العالمية بشبكة علاقات امتدت عبر أصقاع الأرض، ودول القرار، وما زالت إلى اليوم، الحريرية السياسية، تنهل من معين ما بناه الرئيس الشهيد رفيق الحريري من تلك الشبكة العالمية.

مثلت الحريرية السياسية وعمقها الخليجي خصوصاً والعربي عموماً، محل حسد وغيرة عونية، عمقت الحقد العوني على الحريرية خصوصاً، والسنة وأهل الخليج عموماً، وفي الظروف الحالية الني تمر بها الحريرية السياسية تمخض العقل العوني عن فرصة تسمح بالانتقام من كل المرحلة السابقة، التي طبعها الرئيس الشهيد رفيق الحريري بعلامات فارقة لبنانياً وعالمياً على كل المستويات، الاقتصادية منها خصوصاً، علما أن الرئيس الشهيد كان وراء اتفاق الطائف، الذي حمله عون مسؤولية تنحيته عن رئاسة الجمهورية لصالح الرئيس الشهيد رينيه معوض، ومن بعده الرئيس الياس الهراوي، وإقصاء الجنرال عن الحكم ليعود، عبر “بندقية المقاومة” كما قال ذات يوم نائب “حزب الله” نواف الموسوي.

الفرصة العونية، جاءت عبر التسوية التي استفاد منها الجنرال من اتفاق الطائف، حيث بقي يشكك في شرعية المجالس النيابية التي أنتجها اتفاق الطائف منذ بداية تسعينيات القرن الماضي إلى حين انتخابه رئيساً، وعندها انقلب على التسوية، وحاول عبر خليفته الوزير باسيل، استتباع زعماء السنة في لبنان دون استثناء، وعندما رفض الرئيس سعد الحريري منطق الخروج على الدستور، أوغل التيار العوني ورئيسه السابق والحالي، في انتهاك الدستور، وما قام به شربل وهبه، ليس سوى عينة من العقل العوني، وهو قام بتقديم اعتذاره عن الاستمرار في مهامه كوزير للخارجية لرئيس الجمهورية، بدلاً من رئيس الحكومة، في استعادة لنظام ما قبل الطائف، وما قام به الرئيس عون من توجيه رسالة صوتية إلى المجلس النيابي في محاولة لسحب التكليف من الرئيس الحريري، سوى محاولة إضافيه لخرق الدستور والانقلاب على اتفاق الطائف، مع يقينه أن الدستور لا يسمح بسحب التكليف من رئيس حكومة مكلف، إلا في حالة استقالة رئيس الجمهورية، أو استقالة المجلس النيابي.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً