بعلبك جاذبة للمشكلات… والرصاص “هواية” الرجعيين

آية المصري
آية المصري

المشكلات لا تنتهي في منطقة بعلبك – الهرمل والمحيط المجاور، نتيجة التفلت الأمني والعقلية الرجعية لدى فئة من أهالي العشائر والعائلات الكبيرة التي لا يهمها أي شيء و”هوايتها” القيام بمعارك ومشكلات شبه يومية.

من يقصد هذه المنطقة يرى على أرض الواقع كيف يمكن أن تتفاقم المشكلة في لحظة واحدة وربما أحياناً من نظرة واحدة، اذ لا تجرؤ على النظر الى من ينصّب نفسه زعيماً في بعلبك بسبب عائلته الكبيرة ومحيطه المليء بالطفار والخارجين عن القانون. وفي الكثير من الأوقات تكون المشكلة داخل العائلة الواحدة وربما بين الأخوة في البيت نفسه فتراهم يتسابقون على الرصاص والقذائف. والمظلوم في هذا الوضع هو القريب منهم جغرافياً، فحي الشراونة وحورتعلا، وبريتال، والخضر والحمودية مناطق الخط الأحمر ولا تعلم متى يحين موعد القتال وتبادل الرصاص الحي، ما يجعل زوار البقاع يتهيبون أن يقصدوا المنطقة التي تسيطر عليها هذه الزمرة الخارجة عن القانون.

صوت الرصاص لا يغيب عن المنطقة يومياً، ولكن بعد عملية البحث الأخيرة عن أبو سلّة وإلقاء القبض على العديد من تجار المخدرات اختلف الوضع نسبياً، ولم تعد المشكلات تحصل كالسابق نتيجة الخوف من مداهمات الجيش اللبناني. ولكن هذا لا يعني إختفاء الرصاص الحي، فبالأمس شهدت منطقة شرقي بعلبك إشتباكات عنيفة بين شبان من بلدة حورتعلا وآخرين من بلدة الخضر استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة بمختلف أنواعها ومنها قذائف B7 لفترة طويلة.

وجرى تداول أخبار عدة حول العائلات التي تسببت بهذا الخلاف، فالبعض قال انه بين عائلتي المصري ومظلوم، ومنهم من قال انه بين آل عوده وآل مظلوم نتيجة “تشيفط” سيارة أثناء عزاء، وكل هذه الأخبار غير مؤكدة حتى الآن، ولكن المؤكد أن أبناء المناطق المجاورة عاشوا حالة من الرعب لا مثيل لها ولا يرضاها أحد. وأمام هذا الواقع المرير، هل باتت بعلبك تهوى المشكلات وتجتذبها؟ وما رأي المحافظ وأهالي الجوار؟

“الجيش يعمل على معالجة الوضع، ومنذ المداهمات الأخيرة لحي الشراونة لم يحدث أي خلل أمني، فالأجهزة الأمنية تقوم بكل ما يلزم على الرغم من شح الإمكانات” بحسب ما قال محافظ بعلبك – الهرمل بشير خضر لموقع “لبنان الكبير”، معتبراً أن “المشكلة تكمن في العقلية الرجعية عند قلّة من الناس وليس عند العسكري الذي يحصل على راتب لا يتجاوز الـ50 دولاراً ويستشهد، وبالتالي السياسة العامة في لبنان تجاه بعلبك تلعب دوراً مهماً في هذا الشق”.

محمد الذي يعيش قرب منطقة بريتال أكد “أننا اعتدنا على هذا النوع من المشكلات ولم نعد نخاف من صوت الرصاص والقذائف، الذي نتعايش معه يومياً نتيجة خلافات فردية أو عمل ما بين بعض العائلات، ولكن نسأل الله أن يريحنا من هذه الطبقة ومن الأحزاب التي تحميها وتؤمن غطاء شرعياً للطفار والخارجين عن القانون”.

اما بتول فقالت: “أعيش في منطقة دورس التي تبعد عن حورتعلا ما يقارب 17 دقيقة ومع هذا سمعنا صوت القذائف ليلة أمس (الاول)، وأخذنا نتساءل هل بدأت الحرب؟ وهل تشن إسرائيل هجوماً على منطقة بعلبك؟ صدقاً ان كمية الرصاص والقذائف التي استخدمت جعلتنا نعتقد أنها ناتجة عن حرب وليس عن خلاف فردي بين عائلتين”.

ورأى حسن أن “من يقرر البقاء والاستقرار في منطقة بعلبك سيندم ألف مرة، فما نعيشه يومياً لا يقبله أي مواطن”، متسائلاً: “أين الدولة؟ وأين الأجهزة الأمنية؟ ساعة بكاملها نستمع الى صوت الرصاص ونشاهده بأعيننا ولم تتحرك الأجهزة المعنية. فهل بات الهدف إبقاء بعلبك وجوارها تحت رحمة تجار المخدرات والطفار؟ وهل يعقل أن نخاف يومياً من الجلوس خارج المنزل كي لا نصاب برصاصة طائشة؟”.

واعتبر فؤاد أن “الشاب الذي كان يحمل السلاح قديماً يتميز برجولته ويهابه الجميع، ولكن اليوم اختلفت النظرة الى الرجولة ولم يعد المعيار يقتصر على السلاح واطلاق الرصاص. ومن يقوم بهذه الأعمال التخريبية لا يمت الى الرجولة بصلة. تكفينا أزماتنا المعيشية والاقتصادية فليرحمونا”.

يبدو أن مصير البعلبكي هو البقاء تحت رحمة العشائر والخارجين عن القانون، ومكتوب عليه اما الموت برصاصة طائشة أو بمرض ناتج عن الخوف الذي يعيشه مع كل طلقة. ارحموا أهالي البقاع لأن الحياة والسلطة لا ترحمانهم.

شارك المقال