مشكلات في إدارة السجون… والنزلاء على مشارف الموت

تالا الحريري

السجون في لبنان هي فعلاً أداة تعذيب للسجناء، لا طعام ولا كهرباء ولا دواء ولا من يحزنون! ويعود اليوم ملف السجون إلى الواجهة بعد وفاة عدد من السجناء في ظروف غامضة لم تكشف حتى الآن. ومؤخراً، طالب وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي بتسريع المحاكمات، مشيراً الى أن “لدينا 79% من السجناء لم تتم محاكمتهم في حين أن 43% من النزلاء أجانب”.

وتشير الاحصاءات إلى أنّ 6989 سجيناً في لبنان موزعين ما بين 5391 في سجن رومية وغيره من السجون و1598 موقوفاً في النظارات وقصور العدل وأماكن الاحتجاز التابعة لقوى الأمن الداخلي. فيما تشهد السجون اكتظاظاً هائلاً، باعتبار أن عدد نزلائها يفوق قدرتها الاستيعابية بثلاثة أضعاف، وهناك 40% من السجناء من غير اللبنانيين.

واستناداً إلى هذه الأرقام، أوضح المحامي خضر سيف الدين لـ “لبنان الكبير” أنّ “محاكمة السجناء الأجانب تتم بناء على الصلاحية المكانية التي نسميها الصلاحية الاقليمية في القانون التي تسمح للدولة بمحاكمة أي شخص يرتكب جرماً جزائياً على أراضيها. ترحيل السجناء ليس الحل لأنه في النتيجة اذا ارتكب الشخص جرماً في لبنان، فنحن لا نضمن أن ينال عقابه كما في لبنان خصوصاً أنّ من يطلب إنزال العقاب هو النيابة العامة. يحق لنا محاكمة أي شخص ارتكب جرماً على الأراضي اللبنانية مهما كانت جنسيته لأنّه أخل بالقانون والنظام اللبناني”.

لا يضم السجن المجرمين فقط أي من ارتكب جريمة قتل أو سرقة، بل هناك أشخاص ألقي القبض عليهم ووضعوا في السجن فيما ملفهم لا يتحرّك ويبقون بين “أربع حيطان” إلى أن تُفرج. هذا الواقع ليس جديداً، فمنذ سنوات وحال السجون إلى الأسوأ والجوع متغلغل فيها من دون إصلاح أو تفقد.

وتتردد معلومات حول وفيات في السجون في ظروف غامضة، وتشير الى وفاة 3 سجناء في سجن رومية خلال الأيام الثلاثة الماضية نتيجة فيروس داخل السجن لم يكشف بعد. فقد توفي أحدهم في مستشفى “الحياة” نتيجة إصابته بعارض صحي، والثاني داخل الزنزانة في سجن رومية نتيجة توقف قلبه فجأة. وإثر ذلك طالب الأهالي بالإفراج عن أبنائهم بعدما استكمل ملفهم القضائي.

وهنا أشار سيف الدين الى أنّ “المشكلة تكمن في ظروف التوقيف وغياب الغذاء والظروف الصالحة للعيش من ماء وكهرباء مما أدّى إلى ظهور العديد من الأمراض الجلدية والأوبئة، اضافة إلى إرتفاع تكاليف العلاج وتأمين الدواء للسجناء الذين يعانون من أمراض مزمنة وهذا ما أدى إلى وفاة بعض السجناء قبل اتخاذ القرار بنقلهم إلى المستشفى”.

ووجهت رئاسة الحكومة كتاباً عاجلاً إلى وزير الداخلية لاجراء تحقيق وكشف طبي على السجون التي يزعم وجود فيروس فيها.

فيما ترجح بعض المعلومات أنّ يكون سبب حالات الوفاة هذه جرعة مخدرات زائدة خصوصاً بعد تفتيش وزير الداخلية السجون وعثوره على كمية من الممنوعات وهواتف خلوية وآلات حادّة وغيرها. وأعلن عن إجراء أكثر من دراسة بشأن السجون والعمل على إيجاد حلول واضحة، لافتاً إلى أنّه قد يتوجه إلى المجلس النيابي في أواخر الأسبوع بطلب معالجة لوضع السجون.

كما دعا كل من وزراء الداخلية والعدل والصحة إلى “اتخاذ تدابير عاجلة لوضع الأمور في نصابها، كالكشف على السجون والسجناء وتسريع المحاكمات وتأمين مستلزمات الرعاية الطبية”، بإعتبار أنّ مطلب العفو العام بات ملحاً، لأنّ السجون مكتظة وتحوي ثلاثة أضعاف قدراتها الاستيعابية.

وفي هذا الاطار، رأى سيف الدين أن “بداية المشكلة الكبيرة تكمن في اخضاع ادارة السجون إلى وزارة الداخلية، على عكس العديد من الدول المتقدمة التي تخضع ادارة السجون فيها إلى وزارة العدل. وهذه النقطة أساس في بدء عملية اصلاح السجون “.

وأكد أن “الغاية والهدف من السجن التأهيل وإعداد السجين الذي ارتكب جرائم شائنة بتأهيله للانخراط في المجتمع من جديد. أمّا واقع السجون في لبنان فهو سيء على الرغم من محاولة المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بالتعاون مع العديد من الجمعيات المدنية تحسين ظروف السجناء وذلك قبل الأزمة الاقتصادية، التي عصفت بكل هذه الجهود، وما ترافق معها من أزمة كهرباء ومياه”.

ولفت الى أنّ إحدى المشكلات في السجون المتعلقة بالمحاكمات هي “عدم التفريق بين السجناء المحكومين أي الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية والذين لا يزالون في طور محاكماتهم والذين لم تصدر بحقهم أحكام بعد ومن الممكن أن يكونوا أبرياء. ويكمن ذلك في توقيف السجناء الخطيرين أي الذين ارتكبوا جرائم تصنّف خطرة على المجتمع مثل القتل والارهاب والسلب، مع السجناء الذين تعتبر قضاياهم مالية كالشيك من دون رصيد وافلاس بعض التجار وهم ليسوا بمجرمين عدوانيين”.

وما يزيد الأمور سوءاً هو توجيه كل من شركة الديراني غروب، مؤسسة مرسال زخيا الدويهي، شركة عبدالله غروب، مؤسسة أنطوان بدوي اسكندر، مؤسسة برنارد الحايك، مؤسسة هنيدة الياس اسكندر، كتاباً إلى مولوي، مطالبين بـ “تحويل كامل مستحقاتنا التي تبلغ 80 مليار ليرة وهي السلفة التي أقرتها الحكومة اللبنانية وصادق عليها المجلس النيابي، وذلك بسب عدم سداد مستحقاتنا لأكثر من سبعة أشهر، وإلا اضطررنا للتوقف عن تقديم المواد الغذائية لزوم سرية السجون المركزية في رومية وسجن القبة وسجن زحلة ابتداء من أول أيلول”.

شارك المقال