فرنجية أقوى من باسيل وجعجع بقدرته على حفظ التوازنات الطائفية

رواند بو ضرغم

يسعى رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الى الرئاسة، ولكنه لن يبقى أسيرها المؤبد. لن يسمح بوضع اسمه في خانة الاستهلاك الرئاسي عند كل استحقاق، ولن يخرج عن قناعاته لاسترضاء أحد، فإما يصيب هذه المرة وينتقل الى القصر الرئاسي بأجواء توافقية، أو يخيب ويترفع عن هاجس الموارنة التاريخي، مبقياً على زعامته الوطنية واسمه الجامع.

لا تجمع “حليفه وخصمه” المسيحيَّيْن أي استراتيجية سياسية أو مصلحة وطنية أو قضية مسيحية. وحده سليمان فرنجية من يوحّد “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، عندما يستشعران قربه من كرسي بعبدا. فاستولد اتفاق معراب عام 2016، وتوافقا من دون اتفاق على التعطيل وحجب الأكثرية المسيحية عن انتخابه رئيساً عام 2022. يعيّرانه بتمثيله النيابي اليتيم، في حين أنهما يخافانه لقدرته على جذب احترام الخصوم وثقة الحلفاء به.

يعلم البطريرك بشارة بطرس الراعي أن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل لن يحصل “مسيحياً” على أكثر من عدد أعضاء تكتله أي تسعة عشر نائباً، ولا رئيس حزب “القوات” سمير جعجع قادر على استمالة أكثر من عدد أعضاء كتلته المسيحيين وهم تسعة عشر أيضاً، غير أن رئيس تيار “المردة” قادر على الحصول على خمسة عشر نائباً مسيحياً من ذوي التوجهات السياسية المختلفة، ومن دون توافقات. لذلك، فإن فرنجية يتقدم على ثنائية باسيل وجعجع، ولم تعد بكركي بعيدة عن الاقتناع بأنه قادر على إدارة الازمة وجمع اللبنانيين بدل تفرقتهم، ونسج التفاهمات لما فيه مصلحة البلاد وتخفيف حدة السجالات. فهو لم ولن يعترف بأي ممر إلزامي للوصول الى الرئاسة سوى إلزامية التوافق والتعاون، ولن يكون باسيل جسر عبوره للرئاسة، ولا يقبل فرنجية أن يكون رئيس ظل ولا تابعاً ولا “باش كاتب”. فإما يترك بصمة في عهده الرئاسي، أو لا داعي للمناصب. ففي قاموس فرنجية، لا اتفاقات مصلحية تلغي الآخرين، ولا استفراد في الإدارات، إنما كل فريق سياسي يأخذ حقه في التمثيل الوزاري والتعيين الإداري.

عارفو فرنجية على ثقة بأنه لن يذهب الى أي جلسة انتخابية من دون حلفائه، ولن يحيد عن التوافقات وتوسيع مروحتها، واذا كانت رئاسة باسيل تتوقف على أصوات كتلة فرنجية، فعندها سيحاول اقناع أعضائها بإعطائه أصواتهم الأربعة، ويقدم له الرئاسة.

بات معلوماً لدى جميع الفرقاء السياسيين أن الرئيس الوسطي يعني الفراغ الرئاسي، وعلى أي رئيس مقبل أن يقرأ المتغيرات الإقليمية والدولية ويجاريها، حتى لا تعود بانعكاسات سلبية على مسيحيي لبنان وتقليص فعالية قرارهم، فندخل حقبة المثالثة السياسية بعد أن عانَى المسيحيون من نار الهجرة والهرب من قوة جهنم التي نعيش.

يحرص فرنجية على حفظ التوازنات الطائفية ولا يسعى الى كسر أي مكون سياسي. يفضل أن يعود الرئيس سعد الحريري ولكنه لن يخرج عن الإرادة السنية. يعتبر فرنجية الحريري صديقاً وتربطه به علاقة مميزة جداً وثابتة، ولا يهزها أي بيان أو انتقاد، فإشكالية “الاتصالات” وترقيات العونيين فيها، لا علم مسبق لفرنجية بها ولم تكن بإيعاز منه، والوزير جوني القرم محسوب على النائب فريد هيكل الخازن وهو من سمّاه.

شارك المقال