لا حرب جنوباً… الأولوية للاتفاق الإيراني – الأميركي

محمد شمس الدين

انتهت الحرب الأخيرة في فلسطين أخيراً بوقف إطلاق نار بين العدو الاسرائيلي وفصائل المقاومة، بعد وساطة إقليمية يبدو أنَّ مصر كانت رأس الحربة فيها. الحرب التي شهدت تضامناً عربياً ودولياً واسعاً مع فلسطين، طرحت تساؤلات عديدة: هل هناك من إمكانية لاشتعال جبهة الجنوب اللبناني؟ وهل يمتلك الطرفان مقومات الحرب؟ هل تتدخل دول إقليمية فيها؟

قراءة في مشهد حرب غزة الأخيرة… المفاوضات أولاً

أكد العميد خليل حلو أنَّ فرضية المواجهة بين العدو و”حزب الله” احتمالها ضئيل، وهي لا يمكن أن تحصل إلا بخطأ تقدير من أحد الطرفين.

واعتبر حلو أنَّ الحزب لا يمكن أن يتخذ قراراً بالمواجهة إلا بأخذ الإذن من إيران، هذا من المسلمات، وإنَّ الحزب هو الورقة الأساسية بيد إيران في الخارج بين كل الميليشيات التابعة لها في المنطقة، إن كان في العراق أو اليمن أو لبنان أو البحرين، وبالتالي طهران لن تلعب ورقتها الأقوى إلا بحال كان هناك خطر على النظام الإيراني أو وصلت الأمور إلى المواجهة الشاملة، والآن الجو بعيد عن هذا السيناريو، أما “إسرائيل” فلديها هامش مناورة أوسع من الحزب، ولكن لديها حدوداً لا يمكن أن تتخطاها هي الولايات المتحدة الأميركية، وقد بدا ذلك واضحاً عند وقف إطلاق النار في غزة، حيث إن الأميركيين لم يمانعوا في البداية، ولكن عندما طالت الحرب وأًصبحت تشكل عبئاً وإحراجاً للعالم العربي وأيضاً إحراجاً لأميركا، التي تفاوض إيران في فيينا عندها انتهت الحرب. ويمكن الاستدلال على ذلك بالمفاوضات التي استمرت بل تقدمت في فيينا، أضف إلى ذلك أنه عند حرب غزة الأخيرة محور الممانعة لم يتحرك، حيث لم يصدر أي تصريح إيراني يدين أميركا، ولم تحصل أي تظاهرات تأييداً لغزة في إيران، كما لم تخرج تظاهرات في الضاحية الجنوبية أيضاً.

ورأى حلو أنَّ البعض أساء التقدير بربط الحرب الأخيرة بالتأزم الإقليمي، بينما نتيجتها هي صعودٌ لكلٍ من اليمين المتطرف الاسرائيلي و”حماس” وفي هذا السياق اعتبر حلو أنَّ كل طرفٍ سيعلن أنّه انتصر. “حماس” انتصرت بفرض الشروط، وإسرائيل انتصرت من الناحية العسكرية، وستعلن أنّها استطاعت ردع حماس 5 أو 6 سنوات في المستقبل، مثلما حصل في حرب غزة 2014، وهذه الدوامة ستستمر طالما ليس هناك حل جذري للقضية الفلسطينية.

إسرائيل تستعد لخوض حرب على جميع الجبهات منذ سنين

أما في حال نشوب الحرب، فإنَّ إسرائيل تستعد للمواجهة الشاملة منذ أكثر من 10 سنوات، وكان يحصل مناورات وفرضيات حربٍ على جميع الجبهات، وهي كانت على بعد نهارٍ واحد قبل نشوب الحرب الأخيرة من القيام بمناورات عسكرية تشمل الداخل الإسرائيلي والأراضي المحتلة، وتشمل أيضاً لبنان وسوريا والعراق واليمن وغزة، وبالتالي مقومات الحرب الشاملة موجودة في إسرائيل، أما عن لبنان ورغم أنَّ الحزب لديه القدرات العسكرية، إلا أنَّ الحرب تكلف مالأً والوضع الاقصادي الداخلي في لبنان منهار ولا يملك مقومات الحرب بأي شكل.

أما العميد الياس فرحات فرأى أنَّ “حزب الله” لديه الجهوزية الكاملة لرد أي اعتداء اسرئيلي، وقد صرح بذلك عدة مرات الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله،

وأكد فرحات أنَّ اسرائيل دائماً هي المعتدي وهي التي تبادر بالعدوان، لذلك لا يكون أمام المقاومة والجيش إلا مواجهة العدوان والتصدي له، وطبعاً هناك احتمال أن تستيقظ الخلايا الارهابية خلال الحرب وتشن هجمات لتعكير الجو وتسهيل مهمة العدو.

ويختلف فرحات مع حلو حول قدرة اسرائيل على المواجهة في جبهات متعددة، مشيراً إلى حرب 1967 حيث حيدت اسرائيل جبهات وركزت على جبهةٍ واحدة، انتهت من المصرية، ثم انتقلت إلى الأردنية وبعدها إلى السورية، وبالتالي هي لم تقاتل على الجبهات الثلاث في الوقت نفسه.

التدخل الإيراني بأي حرب مقبلة مستبعد

يصعب تقدير التدخل الإيراني بأي حربٍ إذا كان سيحصل أم لا وفقاً لفرحات، حيث إن هناك أوضاعاً داخلية في إيران ليس معلوماً متى تسمح بذلك، كما أنَّ مسرح العمليات العسكرية يصعب التنبؤ به.

 

 

يشك حلو بأي تدخل إيراني في حال نشوب حربٍ بين “حزب الله” وإسرائيل، مذكراً بحرب تموز 2006، حيث دعمت إيران الحزب ولكنها لم تتدخل. أما أميركا فمستبعد جداً أن تدخل في حربٍ إلى جانب اسرائيل، كون فعلياً اسرائيل ليست بحاجة لذلك. أما في حال فشلت مفاوضات فيينا، وكان الإيرانيون بحاجة لأموال متأملين برفع العقوبات، واندلعت الحرب، هنا يمكن أن تتدخل أميركا، ولكنها ليست واردة برأي حلو، كون إدارة بايدن راكضة باتجاه انجاز التفاهم مع إيران، وإنَّ اللوبي الإيراني في الولايات المتحدة الأميركية يدفع باتجاه هذا الاتفاق، الذي يعود بمصالح مالية كبيرة خاصة وعامة لدى الطرفين.

لا حلول لأزمات المنطقة ولبنان سيحافظ على الستاتيكو

لن تكون هناك حلول في الشرق الأوسط، وهذا واضح من القراءة التاريخية للمنطقة وفقاً لحلو. أما في لبنان يبدو أنَّ الجميع يريد الحفاظ على الستاتيكو الموجود، ولن يقبل أحد بتقديم لبنان هدية إلى “حزب الله” والنظام السوري، عكس كل الشائعات والتحاليل التي تصدر بين حينٍ وآخر، وبالتالي لا يوجد حل جذري في لبنان بل المحافظة على الستاتيكو. والحل البسيط للواقع اللبناني هو تنفيذ الدستور بحذافيره وتنفيذ القرارات الدولية.

اندلعت الحرب أو لم تندلع، لن تحل الأزمات في المنطقة، بل سيكون هناك تقاسم جديد لثرواتها، والمؤسف بالموضوع أنَّ الشعوب لن يكون لديها الحق بتقرير مصيرها فعلياً، بل سيفرض عليها واقع القوى الكبرى. أما عن “حزب الله” فحتى لو انتصر بأي حربٍ قادمة سيبقى لبنان مهزوماً بسبب أزماته، التي أساسها النظام الطائفي ومكوناته التي تربط نفسها بالدول الإقليمية وتضع فيتوات على أي تغيير حقيقي ينهض بالبلد.

 

 

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً