أولى جلسات انتخاب الرئيس: 3 مرشحين وتعطيل نصاب

عاصم عبد الرحمن

ها هو الرئيس الثالث عشر للجمهورية اللبنانية ميشال عون يستعد لطي صفحات عهده الرئاسي بعد ست سنوات عجاف من الحكم الاستثنائي على الصعد كافة أتت على أخضر لبنان ويباسه في أزمة غير مسبوقة في التاريخ اللبناني. وعلى وقع استعداد رئيس مجلس النواب نبيه بري لضرب مطرقته إيذاناً بافتتاح أولى جلسات انتخاب الرئيس الجديد، هناك ثلاثة مرشحين يستعدون لخوض غمار المعركة الرئاسية، ونواب آخرون يعدون عدة تطيير نصاب الجلسات الانتخابية، فأي سيناريو انتخابي ينتظر اللبنانيين؟

تنص المادة 73 من الدستور اللبناني على أنه: “قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر يلتئم المجلس بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد وإذا لم يُدعَ المجلس لهذا الغرض فإنه يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس”.

وعليه وبما أن ولاية الرئيس ميشال عون تنتهي في 31 تشرين الأول 2022 فإن مهلة الدعوة إلى انتخاب الخلف قد بدأت في الأول من أيلول، إلا أن الرئيس نبيه بري كان قد ربط موعد الدعوة بإقرار قوانين إصلاحية قبل أن يدعو إلى انتخاب الرئيس على اعتبار أن المجلس يصبح هيئة ناخبة ولا يحق له مناقشة أو عمل أي شيء آخر وذلك وفقاً للمادة 75 من الدستور. ربما هي فرصة أتاحها رئيس المجلس ربطاً بإقرار الإصلاحات من جهة، ولإفساح المجال أمام حد أدنى من التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية أو أقله رسم سيناريو تأجيل جلسات الانتخاب من جهة أخرى، مع العلم أن بري يلزم نفسه بالدعوة إلى هذه الجلسات لسببين:

– القيام بواجبه الدستوري في الدعوة لانتخاب رئيس الجمهورية وإن كانت الجلسات محكومة بالفشل والتأجيل لأجل غير مسمى.

– انطلاقاً من حرصه على حقوق المسيحيين خاصةً وعدم ترك الموقع الدستوري (الماروني) الأول شاغراً مهما تعددت الأسباب.

لذا، فإنه من المتوقع ألا يشهد شهر أيلول أي دعوة إلى جلسة انتخاب الرئيس الخلف لميشال عون.

سياسياً، سيناريوهات عدة تُرسم لأولى جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، وعليه يبدو أن السيناريو الأقرب إلى الواقعية السياسية راهناً هو أن توجه الدعوة إلى أولى جلسات انتخاب رئيس للجمهورية مطلع تشرين الأول، بحيث تعقد هذه الجلسة بنصاب مكتمل أي أكثر من 86 نائباً في الجلسة الأولى وفق ما ينص عليه الدستور، على أن تشهد هذه الجلسة منافسة ثلاثة مرشحين لرئاسة الجمهورية وهم: المرشح الأول سليمان فرنجية المدعوم من “حزب الله” وقوى 8 آذار بعد شبه تسوية الأمور مصلحياً مع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، المرشح الثاني ميشال معوض المدعوم من أكثرية قوى التغيير وستدعمه “القوات اللبنانية” التي ستفتح من خلال هذا الدعم طريق التفاوض مع هذه القوى خاصة أنه يتمتع بعلاقات دولية جيدة وأميركية على وجه الخصوص، المرشح الثالث نعمت افرام المدعوم من النائب جميل السيد وقلة قليلة من نواب التغيير لما يروج له من مشروع اقتصادي نهضوي للبنان.

وفي محصلة الجلسة الانتخابية الأولى فإنه من المتوقع ألا يتخطى فرنجية الـ70 صوتاً في حال أقنع بري جنبلاط، في مقابل معوض الذي من المتوقع ألا يتخطى الـ 40 صوتاً أما افرام فقد لا يتخطى الـ 10 أصوات كحدٍ أقصى من عدد النواب، وهكذا يفشل المرشحون الثلاثة في الوصول إلى النصاب الدستوري المحدد بـ 86 صوتاً للمرشح في الجلسة الأولى، لينتقل بعدها المرشحون والناخبون إلى الجلسة الثانية التي يحددها رئيس المجلس بصورة مباشرة تلي الأولى والتي من الممكن أن يفوز فيها مرشحٌ لرئاسة الجمهورية بأكثرية 65 صوتاً من النواب.

وعن مسار الجلسة الثانية التي من الممكن أن تلي الأولى بدعوة من رئيس المجلس، فمن المتوقع أن تعطل قوى التغيير ومعها “القوات اللبنانية” و”الكتائب” وغيرهم من النواب المعارضين نصاب الجلسة الثانية منعاً لفوز مرشح “حزب الله”، كما تسميه المعارضة سليمان فرنجية الذي يحاول طرح نفسه كمرشح وسطي، وفي هذه الحال يتعطل نصاب الجلسة وتصبح في حكم المؤجلة وعندها ينطلق لتأجيل الجلسات مسارٌ آخر مجهول الهوية السياسية والمصير الديموقراطي.

تتعدد السيناريوهات والنتيجة واحدة، دعوات متتالية لجلسات انتخاب الرئيس من دون اكتمال النصاب، شغور رئاسي على وقع مزيد من التأزم الدستوري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي وغير ذلك، ومن ثم تسوية ما برعاية إقليمية – دولية ستلوح في الأفق، عندها نكون أمام رئيس تسووي للجمهورية يحمل راية التوافق الوطني ليقود بعدها مسيرة حل الأزمة اللبنانية بملفات ثقيلة أبرزها ترسيم الحدود وإصلاح الاقتصاد وليس آخرها ترميم علاقات لبنان العربية. فمن سيكون هذا المنقذ؟

شارك المقال