بري لخرق حكومي… وباسيل يسمم الأجواء بـ”الحوار”

رواند بو ضرغم

رئيس الجمهورية وفريقه السياسي مأزوم، أما رئيس مجلس النواب فيراكم الانتصار تلو الانتصار. هذه هي خلاصة جلسة مناقشة رسالة الرئيس ميشال عون التي ثبتت إرادة المجلس النيابي بتكليف الرئيس سعد الحريري رغماً عن إرادة رئاسة الجمهورية بإقصائه. وبعد أن نجح الرئيس نبيه بري في انتشال المجلس النيابي من رمال التعطيل، وإحباط نوايا التيار الوطني الحر في تحويل السجال الحكومي إلى صراع مسيحي سني من باب الصلاحيات، فإنه بدأ العمل بنية جدية لتحقيق خرق إيجابي حكومياً، مبني على أسس ضرورة التلاقي وكبح جماح الأجواء السياسية المحمومة.

الفكرة التي يستسيغها النائب جبران باسيل، وقالها علانية في قاعة مجلس النواب، الطلب من رئيس الجمهورية دعوة الفرقاء السياسيين إلى طاولة حوار في قصر بعبدا، يكون على جدول أعمالها أولاً تأليف الحكومة وإعلانها بحسب الأصول، وثانياً الإصلاحات، وثالثاً النظام وتطويره. فكان من الأجدى أن يطلب باسيل من عون أن يدعو الرئيس المكلف لزيارة بعبدا ليحددا كشريكين أطر الحكومة وكيفية تأليفها… لماذا؟

طرحُ باسيل بدعوة رؤساء الكتل النيابية للحوار، إذا استجاب له رئيس الجمهورية واضعاً التأليف الحكومي بنداً أول على جدوله “لن يلقى استجابة من المدعوين ولن تشارك فيه أغلب الكتل النيابية، وعلى رأسهم الرئيس المكلف سعد الحريري”، وذلك لأن في هذا الطرح خرقاً لصلاحيات الرئاسة الثالثة، حيث إن الدستور واضح بهذا الخصوص إذ يحصر التأليف بالرئيس المكلف بالتوافق مع رئيس الجمهورية، أما دور الكتل النيابية فانتهى مع انتهاء الاستشارات النيابية غير الملزمة، ولا دخل للنواب في التأليف إلا بعد إصدار مرسوم الحكومة لمنحها الثقة. والأخطر من كل ما تقدم أنه “مع تبني الرئاسة الأولى طرح باسيل يكون عون قد أكد المؤكد بأن للبلاد رئيسين، رئيس الظل فيها اسمه جبران باسيل”.

هو رئيس الظل وثبتها باسيل بكلامه في مجلس النواب قائلاً: أنا أتحدى أي واحد أن يستطيع أن يأخذ من رئيس الحكومة المكلف لائحة مفصلة عليها، الوزارة والمذهب ومرجعية التسمية! عجز عن ذلك الرئيس، والبطريرك وحزب الله والفرنسي وكل ساعي خير …

في هذا الكلام اعتراف من باسيل بأنه هو من كان وراء كل هذه المطالب والشروط وليس عون. أما مطلبه بوضع خانة لمرجعية التسمية فيشكل سابقة على مر العهود وفي تاريخ رئاسة الجمهورية، حيث إنها للمرة الأولى يُطلب من رئيس الحكومة بموجب ورقة أو نموذج التقيد بهذه الخانات الثلاث، وتعتبر محاولة من باسيل لفرض أعراف دستورية جديدة بدلاً من تطبيق أحكام الدستور.

في المقابل كلمة الرئيس المكلف سعد الحريري، في جلسة مناقشة رسالة رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي، تفهمتها الكتل النيابية ورأتها بمثابة الرد على الإهانة بالإهانة، حيث صوب الحريري على الكثير من الإساءات التي تعرض لها من قبل رئاسة الجمهورية، وكان أبرزها تسريب اتهامه بالكاذب، ومخاطبته بواسطة دراج بصفته رئيس حكومة مستقيلاً وليس مكلفاً.

فهل ما حصل على مسرح مجلس النواب يسرع وتيرة الحل الحكومي؟

في ظاهر الأمور، ما جرى يبطئ عملية الحل. ولكن هل سيستكين الرئيس نبيه بري ويرتاح قبل أن يساهم في إخراج البلاد من نفق الأزمات السياسية والحد من الكيديات والنكد؟ وهل سيطلق مبادرة جديدة؟ الإجابات عن هذه الأسئلة هي رهن الأيام المقبلة.

هذا وكان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، قد نصح رئاسة الجمهورية في مرتين سابقتين بعدم إرسال الورقة التي سميت بالنموذج إلى رئيس الحكومة المكلف بالشكل التي أرسلت اليه، وعدم إرسال الرسالة إلى مجلس النواب، ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود؟! فلا يزال البعض يعملون لمصلحة الرئاسة الأولى وللحفاظ على هيبتها، وقلة ممن يحبون رئيس الجمهورية وتياره لا يزالوا ينصحونهم، الا أن مشكلتهم أنهم لا يحبون أنفسهم ويمعنون في سياسة اشعال البلاد وتعميق الانهيار لعيون الصهر.

 

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً