سيناريو 11 سبتمبر… هل يتكرر في الشرق الأوسط؟

تالا الحريري

هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، هذا اليوم من العام 2001 الذي استهدفت فيه مجموعات إرهابية تعود الى تنظيم “القاعدة” الولايات المتحدة الأميركية بـ4 طائرات، نجحت اثنتان منها في الاصطدام بالبرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في منطقة مانهاتن السفلى، لينهار كلا البرجين المكونين من 110 طوابق، إضافة إلى المباني المحيطة. الطائرة الثالثة تحطمت في مقر وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، أمّا الرابعة فكانت محاولتها فاشلة إذ إستطاع الركاب التحكم بمقود الطائرة وتغيير مسارها، فسقطت أرضاً وإنفجرت في ولاية بنسلفانيا. نتج عن هذه الهجمات 2977 قتيلاً من بينهم 8 عرب 4 منهم لبنانيون إلى جانب الارهابيين الـ19 الذين نفذوا هذه الهجمات، اضافة الى العديد من الجرحى والمصابين نتيجة انبعاثات الغازات السامة من هذه الانفجارات.

يعود بنا المشهد إلى 2 آب/ أغسطس 2014، حين اختطف مسلحون تابعون لجبهة “النصرة” عدداً من العسكريين في الجيش اللبناني، في بلدة عرسال، وذلك بعد توقيف عماد جمعة الملقب بـ”أبو أحمد” قائد “لواء فجر الاسلام” الذي بايع أبو بكر البغدادي. وكان الهدف من هذه العملية، احتلال عرسال وإسقاط مراكز الجيش اللبناني لقتل العدد الأكبر من جنوده وأسر آخرين لمبادلتهم بالموقوف جمعة، وتمهيداً لتنفيذ مخطط أكبر متصل بأهداف كبرى لتنظيم “الدولة الإسلامية”.

توزّع العسكريون على عدة فصائل، كان عدد الأسرى الأكبر لدى جبهة “النصرة”، فيما اختطف مسلحو “داعش” سبعة عسكريين فقط. أمّا قائد مجموعة تتبع لـ”مغاوير القصير”، عبد الله بكار، المعروف بـ”المقنع” فتمكن من أسر أربعة عسكريين، الذين طالب بهم مسلّحو “داعش” بعد صلب “المقنع”، وبالتالي بات في عهدة التنظيم ١١ عسكرياً، مقابل ٣٣ لدى جبهة “النصرة.”

وكانت خلاصة محاضر تحقيقات الجيش ومضمون القرار الاتهامي في أحداث عرسال الذي استند إلى إفادات الموقوفين، أنّ عدداً من الجنود رفضوا الاستسلام للمسلّحين، واختاروا الشهادة على تسليم أنفسهم. ووصلت حصيلة العسكريين المخطوفين الى ٤٣ عسكرياً من الجيش وقوى الأمن الداخلي.

وبعد ذلك، تمكنت مديرية مخابرات الجيش والأمن العام وقوى الأمن الداخلي من توقيف مئات المشتبه بهم الذين تبيّن أنّ بعضهم على علاقة مباشرة بالغزوة وبجريمة خطف العسكريين.

ومؤخراً، قالت النشرة الاستخباراتية انّ “الأحداث الأخيرة، بما في ذلك الضربة التي وقعت في 30 يوليو/ تموز، وأسفرت عن مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري والذكرى السنوية الأولى لانسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، قد تظهر بشكل بارز في النشرات الإعلامية للمنظمات الإرهابية الأجنبية بشأن أحداث 11 سبتمبر هذا العام، في محاولة لزيادة مشاركة المتطرفين العنيفين محلياً ودعمهم عبر الإنترنت”.

وذكرت بأنّه “على الرغم من عدم وجود تهديدات مستوحاة من أحداث 11 سبتمبر للولايات المتحدة، لا تزال الجماعات الإرهابية الأجنبية تحدد الوطن الأميركي كهدف استراتيجي”.

كان لهذه الهجمات تأثير بالدرجة الأولى على منطقة الشرق الأوسط حيث عانت شعوبها من رعب ومخاوف خشية أن يؤدي هجوم “القاعدة” إلى رد عسكري أميركي قوي ومدمر في الشرق الأوسط.

وأشار خبير العلاقات الدولية الدكتور علي حمود لـ”لبنان الكبير” الى أنّ “هجمات 11 سبتمبر كان لها تأثير كبير على العالم كلّه وعلى التحاويل المالية، التي فرضت رقابة عليها وباتت الدول لا تسمح بتنقل الـcash money، كما فرضت تقديم تبريرات لأي تحويل”.

وأوضح أن “القوانين السائدة في المنطقة هي التي سمحت للولايات المتحدة بالتدخل، وكانت تدخلاتها عابرة للحدود في كل الشؤون حتى بالرقابة المالية والتدخل في جميع الدول. ونرى تأثيرها على منطقة الشرق الأوسط خصوصاً عندما جاء جورج دبليو بوش بمجموعة من الاشخاص المهووسين بالشرق الأوسط والعالم الاسلامي لرسم السياسات الخارجية لواشنطن، واعتبروا أنّ العراق هي مكان لتنفيذ رؤيتهم وذلك أيام وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الذي حاول التوصل إلى الطرق لربط الهجمات التي خطط لها أسامة بن لادن في العراق. وهذه الملاحظات كانت أساسية لغزو العراق والتي سببت الأزمة فيه. كما أنّ صناع السياسة الأميركيين حاولوا ربط الهجمات بالرئيس صدام حسين مع الترويج لفكرة أنّه يقوم بتصنيع أسلحة دمار سراً لكن تبيّن لاحقاً أنّ لا علاقة له بذلك”.

ولفت حمود الى أنّ “هذا الغزو كان سريعاً وعنيفاً بحيث تفاقمت الأزمات في المحيط، وتفكك العراق ونتجت عن ذلك أزمة تسببت بإلهام المجاهدين خصوصاً بعد المشكلات في شمال سوريا، التي شكلت حركات جهادية. وهذه الحركات أثرت بالمنطقة من العراق الى سوريا حتى شمال لبنان وهددت المنطقة بأكملها بعدم الاستقرار. كانت تأثيراتها أيضاً على ليبيا وأوروبا ومنها فرنسا حين شهدنا أحداثاً دموية جراء تلك الحركات الارهابية”.

وأكد أنّ “العراقيين يعتبرون اليوم أنّ هذه الحادثة (11 سبتمبر) تمر مرور الكرام لأنها ذكرى لا تعني لهم شيئاً سوى أنّها ساهمت في تخريب بلدهم ودفعت بالارهاب إلى التصاعد أكثر فأكثر وخلقت لهم داعش وأخواتها”.

واعتبر أن “الارهاب هو أكثر ما أثر في المنطقة لدينا ودمّر الاستقرار، وبدمار الاستقرار يعني أن لا أمن ولا أمان وبالتالي لا اقتصاد، لذلك فإنّ النمو الاقتصادي معدوم”.

شارك المقال