فانوس حرفوش: “شبيك لبّيك شعاراتي بين إيديك”

إسراء ديب
إسراء ديب

رصد أحد الطرابلسيين خلال عودته من عمله في العاصمة بيروت إلى مدينته طرابلس، انتشار صور ولافتات تعود للمرشح السابق للانتخابات النيابية عمر حرفوش على الطرقات، وبدأ بملاحظة ظهورها بدءاً من عمشيت وصولاً إلى مدخل طرابلس الجنوبي. وكتب على هذه الصور التي كانت صورة واحدة ثابتة شعارات عدّة سياسية واقتصادية، في وقتٍ تغيب فيه الاستحقاقات السياسية والدستورية التي يُمكنه المشاركة فيها، فلا انتخابات نيابية قريبة، ولا أفق سياسي يسمح بحصول الانتخابات البلدية كما يُخطّط لها المعنيون، ومن أبرز هذه الشعارات: “انتخاب رئيس جمهورية من الشعب”، “حان وقت جمهورية لبنان الثالثة”، “أكفاء في الحكومة” و”إعادة كافّة الودائع للناس”…

ولم تنتشر هذه اللافتات في طرابلس، لا سيما في قلب المدينة التي لن تسأل عن الشغور الرئاسي ولا عن عودة الأموال المنهوبة. وبعد عدم نجاح حرفوش في الانتخابات النيابية في دائرة الشمال الثانية، يتساءل مراقبون عن سبب عودته إلى الساحة بعد غيابه ولو جزئياً عنها (كان يكتب كلّ فترة منشوراً على صفحاته الاجتماعية)، وفي أحد التصريحات الصحافية أعلن حرفوش أنّه بمناسبة قرب الفراغ الجمهوريّ، تُطلق منصّة استفتاء بدأ بها للتصويت وهي تُركّز على أن يكون انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب، وهو ما كان سبق لرئيس “التيار الوطنيّ الحرّ” النائب جبران باسيل أن طرحه في خطاب استشعر فيه المناصرون وغير المناصرين “روح العلمانية” التي أتحفنا بها لفترة زمنية وجيزة ولم يتمكّن من الاستمرار فيها طويلاً، ولم يتلقف هذه “المبادرة” أحد من المعنيين ولم يقم هو أساساً بمتابعة مثل هذه الاقتراحات التي من المفترض أن تدعم موقع رئيس الجمهورية كما يرى مؤيدّو هذا الطرح الباسيلي.

يبدو أنّ حرفوش يتأثر بصورة أو بأخرى بمواقف العونيين “الأسطورية” والتي لم نره يُهاجمها بحرف واحد على الأقلّ، بل رأينا منذ أشهر مناصرة خفية منه لـ “الحليف” أيّ “حزب الله” وسلاحه الذي من المفترض أن يُخالف فكرة العلمانية وشرعية الدّولة التي يدعو إليها.

وبعد مناصرته لفكرة انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة، يُؤيّد وفقاً لتصريحاته تغيير الدستور “غير الممكن حالياً”، وكذلك النظام السياسي واصفاً إياه بـ “الشاذ”، وهي نظريات عونية بامتياز لا تبدو منفصلة عن لائحته الانتخابية التي اكتشف فيها وجود مرشحين عونيين في لائحة من المفترض أنّها تمثل طرابلس، المنية والضنية التي ترفض هذه الأحزاب والتيارات السياسية بتحالفاتها رفضاً قاطعاً.

يُمكن القول انّ المثل الشامي القائل “يلي بغيّر عادته بتقلّ سعادته” لا يزال يطبّق على حال الموسيقار العالمي الذي دخل فجأة إلى المجال السياسي بالدعاية والاعلانات المبالغ فيها وهو لا يزال مستمراً على النهج نفسه، فتدخل في ملف النفايات تارة، وفي ملف استعادة الأموال المنهوبة تارة أخرى، وأشعر الكثير من المواطنين بأنّه “الفانوس السحري” الذي يُمكن أن يُحدث تغييراً كبيراً في المجتمع “الفاسد”، “القاهر”، “الظالم” و”المستعبد”، فمن خلال “حكّ” الفانوس يُمكنك محاربة التطرف، السرقة والفساد، ومن جهة أخرى يكتشف فيما بعد حصول انسحابات من لائحته التي تقلّصت بغياب أو تراجع المصاريف الانتخابية كما أكّد بعض من انسحبوا، فيما نفى حرفوش هذه الأقاويل، معتبراً أنّها خيانة عظمى بحقّ من جاء بـ “حكمة” لمحاربة الفساد عبر إدخال أجواء علمانية لا تُشبه العلمانية بمبدأ، وعبر إقحام مبادئ جديدة لا تُشبه أساساً أبناء طرابلس الذين لا يحتاجون إلى دعم “الهشك بشك” كيّ تتطوّر مدينتهم، ومع أنّ شعاراته التي أطلقها أخيراً لا ترتبط بطرابلس ولا تتحدّث عنها، تُشير مراجع طرابلسية لـ “لبنان الكبير” إلى أنّ تدخل حرفوش في هذه المسائل لا يُعدّ بريئاً، لكنّه لا يُشبه أبداً المرحلة الصعبة التي يُريد التحدّث عنها هو شخصياً، فالاستحقاق الرئاسي لن يكون سهلاً ولن يكون انتزاع الرئاسة من عون والعونيين بسهلٍ أبداً…”، متسائلة عن سبب تحدّثه عن “الأكفاء” في الحكومة، ولماذا يغيب عن “الرئيس العتيد ومواصفاته؟”.

عموماً، إنّ حرفوش الذي يملك أموالاً طائلة لدعم الوسائل المرئية في فترة الانتخابات وكذلك عبر نشر اللافتات، لا يزال يدعم موقعين الكترونيين ينشران مواضيع وأخباراً له من “لا شيء”، وفق بعض المتابعين، لإضافة بريق لم تمنحه إياه الوسائل المرئية ولا حتّى الالكترونية منها، فمن لا يحظى بدعم مدينته التي يبتعد عنها “سفر سنة” ووضع في بداية مشواره السياسي والانتخابي منشورات ولافتات في الضاحية الجنوبية قبل الفيحاء، لا يتوقّع نجاحاً مهما انقلبت الموازين سياسياً أو شعبياً.

شارك المقال