تحركات الناس الموجوعة… هل تقود الى الثورة مجدداً؟

تالا الحريري

17 تشرين الأول 2019 كان موعد بدء انتفاضة المواطنين على قرارات الطبقة الحاكمة واجراءاتها، بعد إقرار تعرفة الواتساب 6 دولارات. واستمرت هذه الثورة أشهراً عدة، أمل الكثيرون منها أن تحقق تغييراً جذرياً، بينما البعض الآخر إعتبر أنّها تسبب الخراب فقط. تزايد الأمر سوءاً حتى تدهور سعر صرف الليرة، ورُفع الدعم عن كل المستلزمات الحياتية وآخرها البنزين، وفقد الخبز والأدوية، وبتنا نشهد إضراباً كل يوم ولكل قطاع، عدا الأزمات الأخرى من وقف العمل بجوازات السفر وإخراجات القيد، وصارت كل القطاعات متقاعسة عن عملها تطالب الدولة بمستحقاتها في ظل الانهيار الحاصل. لكن بعد ثورة 17 تشرين أين هو الشعب اللبناني؟

الجميع يدرك أنّ للطابور الخامس يداً في تخريب ثورة كان بالفعل يقودها بعض اللبنانيين بإسم التغيير، ومنذ أن “فرطت” هذه الثورة بدأت تتلاشى المجموعات وتتقلص الأعداد، حتى وصلت الى 10 أو 20 شخصاً كحد أقصى يتجمعون ويقطعون الطرقات إحتجاجاً على الوضع المعيشي الذي أودى بهم إلى ما هو أسوأ من جهنم.

والسؤال اليوم، هل من جماعات ثورة حقيقية، وأين هي؟

ترشحت بعض الأسماء التغييرية للانتخابات النيابية وحصدت الأصوات من مواطنين آمنوا بالتغيير على أيديها، كونها كانت في الصفوف الأولى للثورة، ناضلت باللحم الحي وعاندت وعندما وصلت تلاشت فكرة الثورة. بات كل من هؤلاء يتصرف منذ دخوله المجلس النيابي حسب مزاجه ومصالحه. ولم نر حتى اليوم أنّ أحداً منهم طرح حلاً واحداً يخفف من وطأة هذا الوضع على اللبنانيين، هم الذين طالما نادوا بالتغيير.

الوضع المعيشي بات أصعب من أن يتحمّله أي مواطن، والرواتب لا تكفي الأيام العشرة الأولى من الشهر. وحتى الـ 20 مليون ليرة باتت غير كافية إذا أراد المواطن أن يحصل على الحد الأدنى من مستلزمات المعيشة بين أكل وشرب وبنزين وإشتراك مولد وغاز ومدارس وغيرها.

وعند ظهور أي أزمة أو رفع الدعم عن أي مورد أساس، ترى مجموعات من الناس تندفع إلى قطع الطرقات في مشهد لا يستمر سوى ساعات قليلة. الشعب وصل الى حد الاختناق وملّ من هذا الواقع المأسوي، وكلّما حاول الانتفاض يتم إحباطه، ثم يقولون أين الشعب مما يحدث؟

وفي الأساس، كل لبناني يلوم الآخر، والكثير منهم يقول “بكرا بيتعودوا” وهذا ما يجعل هذه الطبقة تتحكم بالشعب وترتكب كل هذه الفظاعات في حقه لأنّها متأكدة أنّ انتفاضته اذا حصلت فلن تدوم.

المزبودي: الواقع يختلف عن الكلام

هذه التحركات الشعبية الخجولة التي تظهر كل فترة وتختفي، وصفها الناشط الاجتماعي والسياسي محمد المزبودي بأنّها “تحركات الناس الموجوعة فعلاً”، مشيراً الى “أننا كلنا ندرك وضع لبنان حالياً، فهناك من يحصل على الفريش دولار من الخارج، وهناك من يعمل على صيرفة وآخر ييسّر وضعه من هنا وهناك. الناس باتت تحسن أمورها وفقدت الأمل، والناس الموجوعة فعلاً هي من تنزل إلى الطرقات”.

ورداً على سؤال عما اذا كان لبنان يحتاج إلى ثورة 17 تشرين جديدة، قال المزبودي لـ”لبنان الكبير”: “أعتقد أنّ لبنان لا يحتاج إلى هكذا ثورة مجدداً، فقد سنحت لنا فرصة هي الانتخابات النيابية التي كنا نتوقع تطييرها وعدم حصولها في الأساس، لكنّها حصلت وأضعنا تلك الفرصة من بين أيدينا”.

ورأى أن “فسحة الأمل الوحيدة التي يجب العمل عليها هي أن نعمل على حدة وكل شخص يعمل على نفسه و(يقبع شوكه بإيده). أملنا بأنفسنا وبالشباب، نقوم بتقديم المبادرات وغير ذلك لا يمكننا أن نقوم بالبلد، نحاول قدر المستطاع أن نجعل الناس تعي ما يحصل ووصلنا الى مرحلة نحتاج فيها إلى مبادرات فردية”. وأشار إلى أنّ “الواقع يختلف عن الكلام وعن العمل الذي نقوم به، الأحزاب تقوم بإعادة هيكلة نفسها وتلعب نفسياً ومادياً على عقول الناس”.

شارك المقال