آخر أيام العهد… “نومينيه” التيار الوطني الحر

محمد شمس الدين

إعتاد الملوك والسلاطين في العصور القديمة على التخلص من كل من يهدد عرشهم أو يعارضهم في أي رأي، وكانوا يكيدون المؤامرات لازاحته، بل ان الملك في بعض الدول كان يحق له أن يتخلص من منافسيه بعد تولي العرش، وتنتشر الروايات التاريخية عن عمليات قتل جماعية لأخوة ولي العهد الذي تولى السلطة. ولكن التاريخ تغير، فلم يعد هناك ملوك الا قلة، والقتل ليس مسموحاً، وفي الدول المتطورة أًصبحت السلطة غير وراثية مطلقاً، بل ان توريث السلطة غير قانوني، إلا باستثناء بعض الدول التي لا تزال تحافظ على نظام الملكية، وحتى فيها لم يعد الملك سلطة مطلقة، بل أصبح هناك تشارك فيه نفحة ديموقراطية، كون العالم تغير، ولم يعد بمقدور الملك التحكم بشعبه كالسابق. أما في لبنان، فالوراثة لا تزال مستمرة، بغبار ديموقراطي، وأكبر دليل على ذلك هو وراثة الصهر جبران باسيل رئاسة “التيار الوطني الحر” من عمه الرئيس ميشال عون، واستطاع عبر السنين التخلص من كل القيادات التي تشكل خطراً عليه، على الرغم من أنها من مؤسسي التيار، ومن المناضلين عشرات السنين في الحالة العونية، وآخر فصول التطهير التي قام بها، حصلت مع ثلاثة صقور من التيار، هم النواب السابقون زياد أسود، ماريو عون وحكمت ديب، الذين أَصْبَحُوا خارج التيار، وسط انتشار أخبار عن خلافات عميقة مع قيادته منذ فترة طويلة، انفجرت مع الاستحقاق النيابي في أيار الماضي.

“التيار الوطني الحر” مع اقتراب نهاية العهد يتحول شيئاً فشيئاً إلى ما يشبه البرنامج الشهير “ستار أكاديمي”، الذي يخرج فيه متسابق كل أسبوع، فيما اللبنانيون ينتظرون من هو “النومينيه” الجديد، الذي سيلتحق بزملائه. ومن بين المبعدين الجدد، قد يكون زياد أسود هو الأعلى صوتاً، اذ ينشر تغريدات متلاحقة على موقع “تويتر” عن مشكلاته مع قيادة التيار، وعندما يسأله مناصرو التيار، يجيبهم ويتحاور معهم، ولكن السؤال إن كان الفساد والفشل متغلغلين إلى هذه الدرجة في قيادة التيار، فلماذا انتظر إلى ما بعد طرده كي يتكلم؟ ألم يكن هو أحد الأسلحة التي يطلقها باسيل في وجه خصومه؟ ألم يقد الجبهات ضد أي فريق سياسي في البلد من أجل راية التيار؟ ربما هي المصلحة التي تحكم السكوت عن الفساد، وقد انتهت مصالح التيار مع أسود وهو انتهت مصالحه معه، فتغريداته خطيرة تتحدث عن فساد وكذبة الـ”ما خلونا”، وتبييض أموال وفضائح عدة.

ونشر تغريدة اول من امس جاء فيها: “برنامج سياسي #حزبي ضايع أن تحارب #تبييض الأموال وتضعه خطياً في برنامج #حزبك وتعلنه على المحطات وفي المهرجانات وتتباهى أو تتذاكى، ثم وبنفس الوقت #ترشّح من طالهم وتعرفهم وتغض النظر عنهم، بس واحد يحكي الشي وعكسو يا بدو الشي أو عامل عكسو أو #بيضحك عناسو”.

فمن هم الذين رشحهم باسيل ومتهمون بتبييض الأموال؟ ألا يجب أن يعتبر القضاء كلام أسود إخباراً؟ ألا يستوجب استدعاء أسود والتحقيق معه؟

إضافة إلى هذه التغريدة كان لأسود ردود عديدة، أولها على تغريدة زميله ماريو عون، الذي رد على خبر فصله من التيار، فنشر أسود تعليقاً جاء فيه: “حكيم ليش مهتم أساساً؟ أغلاطهم بيرموها ع غيرن، فاشل ومتكبر وما خلو، انسى انت أكبر من هيك…”.

وبهذا التعليق أكد أسود كذبة الـ “ما خلونا” التي يبرر بها باسيل فشل العهد والتيار، وكانت له ردود عدة على متابعيه أو مناصري التيار الذين يهاجمونه، وأبرز هذه التغريدات:

“فيها تسأل وديع عن الملفات والاخبارات يللي مقدمن من سنين وحدا موقفها لأن طلع بالدرب حدا من عنا… ماشي مش كل شي مناصب ومراكز متل ما بيصورولكن ليغطو تفنيصاتهم ع الناس، ويشوهو صورتنا يللي عارضت كل ألاعيبهم”.

“ما تهتمي، أصلاً مش قاريهم، وقت الحاجة تخبو ووقت التبولة تشمسو وتمشو ووقت الفساد قبضو ليسبو ويغطو فاسد، بدن إصلاح على القطعة ودولار عند القطعة. انسي يا عزيزتي، بالنزلة كل المبادئ راحت وبالطلعة ما في مبادئ الا شعارات بلا نتيجة، ساعة مع رياض وساعة غضو النظر عن شريكو، تبييض ماشي ولحيسة”.

“صحيح راحت، ع صغير بس بقيت ع كبير، يا صديقي، يللي حارب الاقطاع بعدو متمسك بالاقطاع،new look القصة مش هيك ومش هلقد سخيفة، البيعة أكبر من مجرد اقطاع أو مش اقطاع، الايام بتدلك وهلق تحياتي وأحد مبارك”.

تغريدات أسود تدل على فساد وقبض ورشاوى وتغطية فاسدين، وكذلك تشير إلى ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والأخذ والرد بينه وبين التيار، مما يدل على أن الحملة عليه ليست لأسباب إصلاحية بل لأسباب مصلحية، إضافة إلى اعتبار أسود أن التيار يتمسك بالإقطاع الذي من مبادئه محاربته. وفي تغريدة أخرى توعد أسود بالمزيد لأحد المتابعين، قائلاً: “هلق مبسوطين وعنا عرس ومرجعيون المنباعة والمنسية بانتخابات وتمريرات بتسلم عليكم، مش فاضيلكم، بس أفضى بفرجيكم، شو مخبيين عنكم”.

كل هذه التغريدات تدعو إلى متابعة أسود الذي يبدو أنه سيفضح باسيل والتيار بعد تخليهما عنه، ومن الاَن إلى حين انتهاء العهد يبدو أن المسبحة ستكر، وتحديداً لأن هناك خلافاً كبيراً بين قيادات عدة في التيار، على رأسها النائبان ابراهيم كنعان والياس بوصعب، اللذين وفق معلومات “لبنان الكبير” قطعا التواصل مع قيادة التيار، بسبب خلافات حصلت إبان الاستحقاق الانتخابي. وتبقى الأنظار موجهة نحو خطوات النائب اَلان عون بعد انتهاء ولاية العهد، فهو يمتلك قاعدة شعبية داخل التيار، وليس مسروراً بالحال التي وصل إليها، لاسيما أنه أبعد عن انتخابات رئاسة التيار لإفساح المجال أمام باسيل.

شارك المقال