“الكتائب” يتوعد عون… في ذكرى البشير

آية المصري
آية المصري

مرت الذكرى الأربعون على إغتيال رئيس الجمهورية السابق بشير الجميل، وفي كل عام ينظم حزب “الكتائب اللبنانية” مهرجاناً يضم أكبر عدد من الكتائبيين من مختلف المناطق اللبنانية للتعبير عن رمزية هذا اليوم المشؤوم وللتأكيد على إستمرارهم في حمل قضية الرئيس الجميل ورسالته. وتقدم الحشود في المهرجان الذي نظم أول من أمس في ساحة ساسين في الأشرفية لأنها تلقب بـ “أشرفية البشير”، ممثلون لمختلف الأحزاب الموالية لخطه وعدد من النواب والوزراء الحاليين والسابقين. وجرت العادة أن يتحدث كل من نجل الرئيس الراحل النائب نديم الجميل ورئيس حزب “الكتائب” سامي الجميل، الذي كان كما في سائر خطاباته، معارضة في العلن وهاجم “حزب الله” وأمينه العام، وتطرق الى موضوع رئاسة الجمهورية، معدداً مواصفات الرئيس المقبل.

اما نديم الجميل ففي معظم خطاباته يتطرق الى السلطة الحاكمة و”حزب الله” الذي يعتبره أساس الخراب والبلاء في لبنان، لكن هذا العام كان خطابه مختلفاً عن المرات السابقة، ولهجته حادة لم يعتد المواطن سماعها منه، خصوصاً عندما تحدث عن رئاسة الجمهورية موجهاً رسالة واضحة الى الرئيس ميشال عون، بقوله: “في ما خص بقاء الرئيس في بعبدا أو مغادرته القصر نقول يترك أو ستين عمره ما يترك، فهو أصلاً غير موجود واذا كان لا يريد أن يترك فنحن سننزله”.

والسؤال الذي يطرح: كيف تقرأ هذه اللهجة في الخطابات، ولاسيما كلام نديم الجميل؟ وماذا عن اللهجة الحادة والصراعات القائمة بين الكتل المسيحية؟

خير الله: نديم الجميل نقل كلام عامة الناس

الكاتب والباحث السياسي بشارة خير الله الذي شارك في احياء الذكرى، رأى أن “لهجة النائب نديم الجميل تجاه رئيس الجمهورية حادة في الشكل لكنها حقيقية في المضمون، ونقل ما تقوله عامة الناس يميناً وشمالاً، ساحلاً وجبلاً… وأنا لدي مئة تبرير لكلامه، خصوصاً في ظل الأوضاع التى نعيشها اليوم والتي أوصلتنا إليها سياسة الرئيس عون. وأقل ما يقال (كتر خير الناس اللي بعدا صامدة)”.

وقال خير الله لموقع “لبنان الكبير”: “نديم الجميل هو ابن رئيس جمهورية استشهد لأجل بناء الدولة القوية العادلة، دولة المواطن بمعزل عن دينه أو مذهبه، وفي ذكرى والده قد يكون خرج عن اللغة الديبلوماسية لكنه نائب يمثل الأمة جمعاء، وهو يعلم جيداً أن الشعب موجوع والناس كفرت، وبالتالي ماذا ينتظر الرئيس عون بعد هذا السلوك التدميري الجهنمي؟ أن نرفع له المبخرة ونبخره؟”.

ووصف خطوة “التيار الوطني الحر” بعدم المشاركة في الجلسة النيابية بـ”الجيدة”، قائلاً: “لابقلو التيار الذي جنراله عون باعنا كل خطابات بشير الجميل، وشد الشعب على خطابات بشير، المشاركة في جلسة نيابية يوم ذكرى اغتيال البشير”.

أضاف خير الله: “للمرة الأولى سأقولها الشعب أحبَّ ميشال عون وكان وراءه بسبب خطابات بشير، مع العلم أنه قام بتضليلنا وأنا أعترف بهذا. عون قام بتضليلنا بخطاب بشير الجميل خصوصاً ما باعنا إياه في 1988. بشير الجميل رئيس جمهورية كل لبنان وليس محصوراً بالمورانة أو المسيحيين، رئيس منتخب وشرعي ودستوري وقانوني وشهيد الوطن”.

وفي ما يتعلق بالشق الدستوري، أوضح خير الله أنه “يفترض برئيس جمهورية أقسم اليمين أن يحترم الدستور، خاصةً وأنه مذكور أن لا تبعة على رئيس الجمهورية الا في حالتين الخيانة العظمى وخرق الدستور. وهناك جدل حول الخيانة العظمى، اذا كان الولاء لايران يُعد خيانة عظمى أم لا، لكن خرق الدستور والبقاء دقيقة واحدة في القصر الجمهوري هو خرق واضح ويفترض بالقيمين على القصر والحرس الجمهوري إخراج الرئيس من القصر في حال فكر بالبقاء بعد انتهاء الولاية الرئاسية. اضافة الى أن التمديد غير قانوني وغير دستوري، والولاية عبارة عن 6 سنوات ويفترض بالرئيس إحترامها وميشال عون الذي أعرفه، يعرف تماماً أن البقاء هو تجاوز فاضح للدستور، وبتقديري ليس بإمكانه تحمل وزر اغتصاب الدستور”.

نصر الله: خطاب نديم “ولادي”

اما الناشط السياسي والمحامي أنطوان نصر الله فاعتبر أن “خطاب نديم الجميل ولادي لأن لبنان يمر بمرحلة تاريخية ومصيرية خاصةً وأن الوضع المسيحي هش لأنهم في الداخل لا يدركون كيفية إتخاذ القرارات، ولأنهم مقسومون فقط بهدف شد عصب جمهورهم، وطريقة إنتقاد الجميل لا تعبّر عن نائب. وبالتالي يحق للشعب وعامة الناس أن ينتقدوا لكن النائب مسؤول، وشاء أم أبى يتحمل مسؤولية ما وصلنا اليه اليوم”.

ورأى أن كلام النائب سامي الجميل “فارغ لأنه لا يقدم أي حل أو مشروع، صحيح أن حزب الله وإيران المشكلة الأساسية في لبنان بحسب رأيه لكن ما هو الحل؟ لا أحد يقدم الحلول اللازمة للبلد وبالتالي بات أسهل شيء الإنتقاد”.

وبالنسبة الى صراعات الكتل المسيحية، أكد نصر الله أن “التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في حال إجتمعا مع بعضهما البعض يتفقان على حساب المسيحية وفي حال إختلفا يتقاتلان على حساب المسيحية. وبالتالي أثناء كل إستحقاق دستوري سواء انتخابات نيابية أو بلدية أو رئاسية تزداد الخلافات بينهما، لكن ليس على قاعدة رؤية لبنان أو ما يريدان تقديمه للبنان بل على قواعد لشد العصب نحوهما وكيفية إستقطاب العدد الأكبر لمخيماتهما السنوية وهذه هي الاشكالية الكبيرة”.

وقال: “لم يتمكن فريق ثالث حتى هذه اللحظة من تعبئة الفراغ، وأن يكون فريقاً منفتحاً على الجميع، وطنياً ويؤمن بسيادة الدولة، يقدم مشروعاً حقيقياً للبنان كي نتمكن من بناء البلد، وبالتالي فريق لا يسمح للبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً بالتفكير في الهجرة وإنقاذ مؤسسات الدولة التي تنهار واحدة تلو الأخرى”.

يتظهر من كل ذلك أن صراع الكُتل المسيحية لن يتوقف أقله في هذه المرحلة، وأن النواب والشعب يستغلون كل فرصة للتصويب على رئيس الجمهورية الذي وعد بأنه لن يترك بعبدا، فهل سنشهد في الفترة المقبلة أفعالاً أقوى من هذه الخطابات؟

شارك المقال