“حزب الله” يستقوي “دينياً” باستعراضات عسكرية

آية المصري
آية المصري

بدأ “حزب الله” منذ أسابيع بالاستعداد لاحياء ذكرى أربعين الإمام الحسين، وإختار هذا العام منطقة بعلبك لهذه المناسبة، وجرت التحضيرات من رفع اللافتات واللوحات السود والأعلام وتعليق مرتبات الخشب بالقرب من مسجد السيدة خولة، كما وضعت خيم الطعام بمختلف أنواعه وأصنافه من أجل توزيعه اليوم على الجميع.

وعشية هذه الذكرى، أراد “حزب الله” التباهي بأسلحته وذخائره ورادارات التشويش من خلال نشر مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر عربات تحمل أسلحة للحزب في شوارع الضاحية الجنوبية وعلى طريق ضهر البيدر الدولية التي توصل الى منطقة البقاع. وفور إنتشار هذه المشاهد طغت موجة من الفخر العلني على أنصار “حزب الله” الذين باتوا يتباهون بما يملكون من أسلحة عسكرية.

في المقابل، يدرك الجميع أن “حزب الله” يدرس كل خطوة يقوم بها، وهذه الخطوة لا تبشر بالخير خصوصاً وأنها تحمل الكثير من المعاني والرسائل الداخلية قبل الخارجية. والمثير للجدل أن الحزب أصدر تعميماً يوضح فيه ان “كل ما شاهده الناس من أسلحة ورادارات تشويش وذخائر هو في إطار ذكرى أربعين الامام الحسين في بعلبك، والتي ستقام يوم السبت بتاريخ 17/9/2022 صباحاً”. اذاً، بات “حزب الله” يثير الإرباك والإستفزاز لشريحة كبيرة من اللبنانيين من جهة، ويحاول طمأنتها الى أنه لا يريد القتال من جهة أخرى، فما هذا الانفصام؟

كما أن هذه الاستعراضات العسكرية تثير العديد من علامات الاستفهام، فما الحاجة الى هذه الكمية الكبيرة من الأسلحة يوم إحياء ذكرى أربعين الحسين؟ هل يريد الحزب محاربة آل قريش مثلاً؟ وما المغزى والهدف من هذه الاستعراضات؟ وكيف مرت كل هذه الأسلحة على الحواجز الأمنية من دون توقيفها؟

الأمين: العروض العسكرية تقام يوم تحرير القدس

المحلل السياسي علي الأمين قال لموقع “لبنان الكبير”: “لفت إنتباهي الخبر الذي نقلته إذاعة إسرائيلية ومفاده أن حزب الله وإيران ينسحبان من سوريا بالتزامن مع إنتشار هذه الفيديوهات عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وفي المقابل لم ينف الحزب حتى هذه اللحظة الخبر”. وأوضح أن “العروض العسكرية تقام عادة يوم تحرير القدس وليس في ذكرى أربعين الامام الحسين، وفي كل الأحوال هذا مشهد من مشاهد تحلل الدولة، وتراجع ما تبقى من احترام لمؤسسات الدولة والأجهزة”، معتبراً أن “التعامل بهذه الطريقة هو من أجل خلق نوع من الاستفزاز وإيصال رسالة واضحة الى اللبنانيين والاستقواء عليهم، خصوصاً وأنه يرى أن كل البلد لم يعد راضياً عليه، وغير موافق على سياسته وادارته له”.

وذكر بأن “السيد حسن نصر الله قالها في السابق انه يملك 100 ألف مقاتل، وهذه الرسالة لم تكن للجانب الإسرائيلي أو الأميركي بل للشعب اللبناني، وعرض الأسلحة هذا موجه أيضاً الى الجانب اللبناني لأنه يعترف بصورة متواصلة بأن إسرائيل تدرك جيداً إمكاناته العسكرية وبالتالي عرض الأسلحة علنياً من أجل تهديد الجهة المعارضة له”.

أضاف الأمين: “في عمق الموضوع هذه الاستعراضات عبارة عن ضعف وتراجع لحزب الله عن طريق زيادة العصبية وإستغلال مناسبة دينية للقول ان هذا سلاح شيعي، وهذا غير صحيح. وفي حال كان الهدف منه المقاومة فليستخدم الحزب هذه الذخائر في مناسبة وطنية، فلماذا يستخدمها في مناسبة دينية مذهبية؟ ما الغاية؟”.

الجوهري: طريقة الحزب سخيفة وتافهة

“هذه العقلية التي يمتلكها حزب الله، يحاول من خلال ما بين يديه من قوة وأسلحة في كل مكان أن يفرض فيها خياراته على الآخرين”، بحسب الشيخ عباس الجوهري، الذي اعتبر أن “الحزب يستعرض بهذه الطريقة السخيفة والتافهة، وكأنه سيحارب جيش ابن زياد، وللأسف هذه العقلية التي تشارك في بناء الدولة تضربها ولا تبنيها”.

وأشار الجوهري الى أن “حزب الله يخاف اليوم من التلفت الأمني، ولاسيما أنه يحكى عن مظاهرات وإحتجاجات ستقام أمام منازل المسؤولين وبالتالي يحاول اليوم حماية نفسه بهذه الطريقة. وفي المقابل بامكان الفرد أن يحيي ما يؤمن به بأي طريقة يحبها، لكن لا يستطيع أن يجعل من أفكاره مادة للتغول على الآخرين، وكل هذا اسمه إستغلال للمناسبات الدينية لتحريك مآرب حزبية وفئوية وسياسية، وهذا لا علاقة له باحياء المناسبة ولا بالإمام الحسين ولا بثورته أو نهضته بل بالسيطرة والصمود والقمع وقطع الطرقات. وهذا جزء من إفشاء تسلطهم على المجتمع الشيعي والا لكان احياء الذكرى بغير هذه الطرق”.

يسعى “حزب الله” الى استغلال كل فرصة من أجل شد العصب الطائفي والمذهبي، وفي المقابل لا يريد تصديق أن هناك فئة كبيرة من الطائفة الشيعية لم تعد تؤيده لا بل هي ضد مواقفه وأفعاله. لهذا يحاول التباهي بقدراته العكسرية والقتالية كي يهمين على عقلية العدد الأكبر من بيئته. فالى متى سيستمر في ضرب سيادة الدولة اللبنانية وهيبتها؟

شارك المقال