العد العكسي للفوضى

لينا دوغان
لينا دوغان

هل تبشرنا عملية اقتحام المصارف باقتراب فوضى الجوع والفقر؟ سؤال كبير لكن جوابه طبيعي وواضح خصوصاً وأن المراحل التي عاشها اللبناني خلال كل هذا العهد لم تهل بشائرها خيراً ولا إصلاحاً ولا تغييراً كما وُعدوا، بل عاشوا بدل الإصلاح فساداً وبدل التغيير إستمراراً وإمعاناً في الذل والقهر وذاقوا بدل الخير أسوأ أيامهم حتى وصل بهم الأمر إلى عدم قدرتهم على تحصيل أموالهم…

مسلسل اقتحام المصارف والذي بدأ منذ فترة بعمليات مرة هنا ومرة في مصرف معين وصل الى مرحلة شُنت فيها عدة عمليات في يوم واحد في أكثر من منطقة وأكثر من مصرف، وهذا يعني وصول البلد الى مرحلة خطرة جداً توصلنا الى الفوضى الشاملة في لبنان ليس على المصارف وحسب، بل أيضاً على المرافق الأخرى، فكيف السبيل الى لجم حالة الانهيار المتسارعة هذه؟

بداية هناك حاجة الى التفكير في حل الأزمة الاقتصادية والمصرفية والمالية بصورة جوهرية والنظام المصرفي يكمن في صميم ذلك، ولن نكون قادرين على المضي قدماً في ما يتعلق بإعادة بناء الاقتصاد واستعادة الثقة إذا لم نعالج أساس المشكلة وهي القطاع المصرفي.

من هنا ينظر العديد من الخبراء الاقتصاديين الى خطورة اقتحام المصارف وتداعياتها على القطاع وفقدان الثقة أكثر فأكثر بالاقتصاد المتهاوي أصلاً وبالنظام المصرفي، ويعتبرون أن ما يحصل يجب أن يكون بمثابة جرس إنذار لتقوم الحكومة بما يجب أن تقوم به ومعالجة قضية الودائع خصوصاً من ناحية إقرار قانون ضبط رأس المال وإعادة هيكلة المصارف والاعتراف بالدين.

وفي ما يتعلق بالمسؤولية عن الودائع فتتقاذفها الجهات المعنية، المصرفيون يرفضون تحميلهم أزمة المودعين ويعتبرون أنها مسؤولية الدولة والسلطة السياسية التي لم تباشر الإصلاحات لاستعادة الثقة وتدفق رؤوس الأموال الخارجية، أما الدولة فتعتبر أن تحميلها مسؤولية الودائع هي بدعة لأن أموال الناس لدى المصارف وليست لديها.

وفي التراتبية القانونية فإن المسؤولية تقع أولاً على المصارف، ثانياً على المصرف المركزي، ثالثاً على لجنة الرقابة على المصارف، ورابعاً على الدولة ممثلةً بوزارة المال.

كل ذلك والمودع يريد أجوبة عن ثلاثة أسئلة: ما مصير أمواله؟ ما هي المهلة الزمنية؟ ومتى سيعود ويتصرف بها بحرية؟

لم يحصل المودع على جواب على الرغم من الوعود بتسهيل أمور صغار المودعين الذين بدأوا على ما يبدو بالتحرك تباعاً الى أن وصلت الأمور الى اقتحام أكثر من مصرف مما دفع جمعية المصارف إلى الإقفال ثلاثة أيام إستنكاراً للاقتحامات، لكن بحسب مصادر من الممكن أن تشهد البلاد المزيد من عمليات الاقتحام بعد فتح المصارف، فالوتيرة آخذة في الازدياد والناس ستتوجه نحو العنف والسلاح لتحصيل حقوقها، وعملية إقفال المصارف ستؤدي الى المزيد من الضغط في الشارع.

من هنا وطالما أن لا حلول في المدى المنظور خصوصاً على المستوى السياسي في الموضوع الحكومي وبالتالي الرئاسي وتوقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، فإن الأزمة الاجتماعية ستنفجر مع ارتفاع الدولار وواحدة منها هي أزمة المودعين التي تسلل عبرها العنف الى المصارف ومنها الفقر والفوضى الى البلاد.

شارك المقال