بلا فلسفات واجتهادات… تطبيق الدستور في الاستحقاقات

هيام طوق
هيام طوق

إذا صحّت الأجواء التفاؤلية، فإن الحكومة ستلد منتصف الأسبوع المقبل على قاعدة “لا يموت الديب ولا يفنى الغنم”، مع العلم أن العرقلة تبقى واردة الى حين اعلان مراسيم التشكيل خصوصاً أن الرمال التفاوضية متحركة، وذلك على الرغم من الضغوط الخارجية لاتمام الاستحقاقات الدستورية، وهذا ما شدد عليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال لقائه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتّحدة في دورتها السابعة والسبعين في نيويورك.

واعتبر البعض أن اعلان رئيس الجمهورية ميشال عون أنه يعمل على تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات تتولى في حال حصول شغور رئاسي بعد 31 تشرين الأول المقبل صلاحيات الرئيس كاملة، دليل على أن الحكومة ستتشكل وأن البلد سيتجنب الدخول في الفوضى الدستورية التي يُخشى أن تتطور الى تحركات وفلتان في حال عدم التشكيل.

وفي هذا الاطار، انقسم المحللون السياسيون في قراءتهم للمرحلة المقبلة في حال التشكيل أو عدمه، اذ رأى البعض أنه لا بد من التسليم بأن اجراء الاستحقاقات واجب دستوري وليس خياراً. الحكومة الأصيلة تتولى إدارة البلد وتتسلّم صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال الشغور، وتعمل على تمرير المرحلة بسلاسة. وأكثر المستفيدين من التأليف فريق العهد الحالي ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بحيث أن الحكومة ستحفظ لهم حصة وازنة في السلطة التنفيذية التي ينتظرها حسم الكثير من الملفات المهمة خصوصاً أن ولاية العهد تنتهي في 31 تشرين الأول، ولا يمكن للرئيس البقاء في القصر الا اذا أراد الاطاحة بالقانون والدستور وجر البلاد الى انزلاقات خطيرة، وهذا ما تحذر منه جهات خارجية وما تخشاه قوى داخلية. وبالتالي، من مصلحة التيار تأليف حكومة، و”يخرج الرئيس من قصر بعبدا كبيراً كما دخله كبيراً” وفق النصيحة التي قدمها له البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي. في حين اعتبر آخرون أن التشكيل لا يعني بالضرورة ايجابية في المرحلة المقبلة، لا بل على العكس يمكن أن تكون تداعياته سلبية على الاستحقاق الرئاسي بحيث أن تسلم الحكومة الجديدة ادارة السلطة ستجعل المتضررين من انتخاب رئيس للجمهورية يتمادون في المماطلة والمراوغة، ويستمر الكباش على هذا الصعيد وصولاً الى تسوية إقليمية دولية تأتي بكلمة سر تؤدي الى انتخاب رئيس جديد، فيما عدم التشكيل يشكّل عاملاً ضاغطاً على القوى السياسية لإنجاز الاستحقاق الرئاسي تحت ضغط الفوضى الدستورية وغير الدستورية.

أكد النائب أديب عبد المسيح “أننا مع اجراء الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها، وتشكيل الحكومة استحقاق دستوري يجب أن يحصل. وأن تكون لدينا حكومة كاملة الصلاحيات أفضل من حكومة مستقيلة، لكن نحن لا نريد المشاركة في مثل هكذا حكومة لأنها نتيجة توافق بين أهل المنظومة المترسخة التي أوصلتنا الى الانهيار”، لافتاً الى أن “الحكومة المقبلة صورة معدلة عن الحكومة الحالية، وبالتالي، لن تستطيع انقاذ البلد. نريد انتخاب رئيس للجمهورية سيادي وانقاذي، ومن ثم تشكيل حكومة وطنية قادرة على النهوض بالبلد وانقاذه. نحن مع انتخاب رئيس في الموعد الدستوري، وضد التعطيل الذي لا نقبله، لكن في الوقت نفسه لن نوافق على رئيس للجمهورية يقودنا الى جحيم أعمق مما نحن فيه”.

أما النائب فادي علامة فشدد على “تطبيق الدستور لا أكثر ولا أقل. تشكيل الحكومة ضرورة بغض النظر ان كان هناك استحقاق رئاسي من عدمه. لا يجوز التفكير بالشغور بل علينا التركيز على اتمام الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها”، متسائلاً: “من مصلحة من المماطلة في انتخاب رئيس للجمهورية خصوصاً أن البلد في غرفة العناية الفائقة؟”.

وأشار الى وجوب “أن ندفع نحو انتخاب رئيس للجمهورية، ولا ننتظر كلمة السر أو الضوء الأخضر من الخارج. حين نسمع أن التشكيل يعني الشغور، هذا تفكير خاطئ من أساسه. ولا علاقة لا من قريب ولا من بعيد بين الاستحقاقين الحكومي والرئاسي”، معتبراً أن “البلد كان في السابق مرتاحاً نسبياً، لكن اليوم لا يجوز التأخير في أي استحقاق لأن الوضع لا يحتمل”.

وأوضح الوزير السابق فادي عبود أنه لا يوافق على هذه التحليلات “على اعتبار أن عملية ربط التشكيل الحكومي بانتخاب أو عدم انتخاب رئيس للجمهورية غير منطقية. رئيس الجمهورية ينتخب بأكثرية مجلس النواب، واذا كانت هناك حكومة جديدة أو ان استمرت الحكومة المستقيلة، فلن تتغير مواقف النواب. نحن نجتهد في نظريات المؤامرة، ونربط الأمور ببعضها البعض، وكل هذا الكلام ليس في محله”، معتبراً أنه “اذا كانت هناك نية بالتعطيل، فيمكن التعطيل بغض النظر عن شكل الحكومة. والقوى الاقليمية اذا أرادت العرقلة، تستطيع ذلك بغض النظر ان كانت هناك حكومة كاملة المواصفات أو حكومة مستقيلة. نشهد على زيادة الفلسفة وكثرة المتفلسفين”.

فيما رأى النائب السابق هادي حبيش أن “من الضروري تشكيل حكومة لأن التوازنات في المجلس النيابي لن تسمح بالتوافق على انتخاب رئيس ما يعني أننا ذاهبون الى شغور على المستوى الرئاسي. وبالتالي، من الضروري أن تكون هناك حكومة كاملة المواصفات كي لا يزيد التأزم في البلد، وتفادياً للدخول في الفوضى الدستورية والاجتهادات والتأويلات في هذا الاطار”.

وطلب ممن يدعون الى انتخاب رئيس للجمهورية “أن يشرحوا لنا ما هي الطريقة لتأمين الثلثين في المجلس النيابي في وقت كل فريق يتمسك بمرشحه، والجميع يعلم أنه لا يمكن ايصال رئيس من قوى المعارضة ولا من قوى الموالاة”.

شارك المقال