البيان – السعودي – الفرنسي – الأميركي… رسالة لالتقاط اللحظة التاريخية

هيام طوق
هيام طوق

في وقت ينتظر فيه اللبنانيون ترجمة التفاؤل في ملف الاستحقاق الحكومي بولادة قريبة بعد عودة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي من السفر، والاستعداد لاجراء الاستحقاق الرئاسي في المهلة الدستورية، وترقب مصير الترسيم البحري الحدودي بين لبنان واسرائيل، التقى ممثلو كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وفرنسا لمناقشة الوضع في لبنان، وأصدروا بياناً لفتوا فيه الى دعمهم المتواصل لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، وذلك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك .

وشدد ممثلو هذه الدول في بيانهم على “أهمية إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها بما يتوافق مع الدستور. انتخاب رئيس يمكنه توحيد الشعب اللبناني والعمل مع الجهات الفاعلة الاقليمية والدولية للتغلب على الأزمة الحالية أمر بالغ الأهمية”، داعين الى “تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والإقتصادية المطلوبة بصورة عاجلة لمواجهة أزمات لبنان السياسية والاقتصادية، وتحديداً الاصلاحات اللازمة للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي”، مؤكدين أنهم “على أتم إستعداد للعمل بصورة مشتركة مع لبنان لدعم تنفيذ هذه الاجراءات الإصلاحية الأساسية التي تعتبر ضرورية لازدهار البلاد واستقرارها وأمنها في المستقبل”.

وأشارت الدول الثلاث الى “ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بتنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن الدولي 1559 و1680 و1701 و2650 وغيرها من القرارات الدولية ذات الصلة، بما في ذلك تلك الصادرة عن جامعة الدول العربية، وأن تلتزم باتفاق الطائف الذي يحفظ الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان”.

وفي هذا الاطار، أوضح النائب بلال عبد الله “أننا لفترة غير بعيدة لم نكن نلمس أن هناك تقاطعاً بين الدول الثلاث المؤثرة في لبنان، ولم تكن على الموجة نفسها. لنتحدث عن الشق الايجابي في البيان وهو الحرص على الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية في موعده”. ورأى أن “العودة الدولية الفعلية حين يتم الانقاذ الاقتصاذي للبنان. أي دعم وأي بيان وأي مساعدة اذا لم ترتبط بتخفيف معاناة الناس واعادة الروح الى الاقتصاد اللبناني وتخفيف المعاناة في التربية والاستشفاء والتعليم، تكون بلا ترجمة”.

وأشار الى “أننا في لحظة خطيرة عالمياً، ونعود الى الحرب الباردة والى انقسام دولي كبير تتأثر فيه منطقتنا بصورة مباشرة. وبالتالي، لسنا بمعزل عن الصراع الدولي القائم ولا عن اعادة رسم خطوط بين معسكرين وقوتين عظميين. في كل الأحوال، نحن بلد يريد أن يتعافى، ويخرج من أزماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية آخذاً في الاعتبار هذه الصورة الدولية، وعلى اللبنانيين أن يعوا ضرورة انقاذ الوطن ووضع خارطة طريق تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية وتنتهي بحكومة انقاذية وخطة تعاف تستطيع أن تخرج البلد من أزماته، وذلك مع احترامنا لكل دعوات الخارج ومساعداته”.

وعن مفاعيل البيان على أرض الواقع عشية الاستحقاقات الدستورية، سأل عبد الله: “هل أنهينا الترسيم مع العدو الاسرائيلي؟ هل نحن مطمئنون الى ثرواتنا النفطية والغازية؟ هل وقعنا مع صندوق النقد الدولي؟ هل نعرف الى أي اتجاه نحن ذاهبون؟ اذاً، كيف يمكن أن نطمئن؟”، مؤكداً “أننا نريد خطوات فعلية تطمئننا، لكن في الوقت نفسه هذا لا يعفينا من أننا ملزمون بانتخاب رئيس والحفاظ على مؤسساتنا الدستورية والقيام بكل جهد للتعافي. ولا يجب أن ننتظر دعوات الخارج لاتمام ذلك. كل من يحاول مساعدة لبنان نحن نرحب به، لكن المهم أن نقوم نحن بواجباتنا”.

أما النائب عبد الرحمن البزري فرأى أن “أي اهتمام دولي بلبنان والدعوة الى الالتزام بالاستحقاقات الدستورية مرحب بها خصوصاً أن لبنان اليوم بحاجة الى كل أصدقائه وأشقائه للوقوف الى جانبه في هذه المحنة. والسؤال: ما هي الأسباب التي تعوق انتخاب رئيس للجمهورية أو تشكيل حكومة؟”، موضحاً “أننا كنواب نمثل الشعب يجب ألا نقف عند أي عائق يعوق ذهابنا الى المجلس النيابي، وننتخب الرئيس الذي نراه الأفضل، وبناء على هذا الانتخاب، تشكل حكومة فاعلة قادرة على ادارة البلد بالتعاون مع المجلس النيابي ورئيس الجمهورية”.

وقال: “اذا تمت ترجمة الاهتمام الدولي بلبنان من خلال مساعدته على ترسيم حدوده مع فلسطين المحتلة لاعطاء جرعة أمل للبنانيين بالافادة من ثرواتهم، يكون هذا جيداً، لكن الافادة الحقيقية تكون حين يتمكن المسؤولون من ممارسة الاصلاح بصورة سليمة، وتغيير النمطية السياسية التي لا تزال تتحكم بالبلد منذ عقود، والتي أدت الى الانهيار والافلاس والفساد”. واعتبر أن “هذا البيان موجه الى المنظومة التي أدارت البلد على مدى 30 سنة. المنظومة التي لا تزال تتعامل مع كل الملفات والاستحقاقات وفق منطق المحاصصة من دون أن تأخذ في الاعتبار مشكلات الناس ومعاناتهم وهمومهم، والتغييرات الجدية التي أفرزتها انتفاضة 17 تشرين.”

وشدد على أن “ليس هناك من دولة تقف سداً في وجه اجراء الاستحقاق الرئاسي أو تسهّل عملية انتخاب رئيس، بحيث أن من واجب كل نائب أن يذهب الى البرلمان وينتخب الرئيس المقبل. لا أحد ينكر أن هناك تأثيراً اقليمياً ودولياً على الاستحقاقات الكبرى في لبنان، لكن اذا أخلص اللبنانيون في قراءتهم للواقع، ووضعوا المصلحة الوطنية فوق المصالح الخاصة، فإنهم قادرون على انتخاب رئيس من دون تأثير كبير للتدخلات الخارجية”.

ووصف النائب السابق فارس سعيد هذا البيان بأنه “بالغ الأهمية في توقيته ومضمونه، وهو رسالة موجهة ليس الى ايران الممسكة بالقرار اللبناني وحسب، انما أيضاً الى نواب الأمة الذين يعتبرون أنهم يمثلون الشعب، وعليهم اليوم الالتزام بهذا البيان، وايصال رئيس جمهورية ينقذ البلد من أزماته”، لافتاً الى أن “الدول تقوم بواجباتها، ولا يمكن أن نتخلى نحن عن مسؤولياتنا وواجباتنا، ولا نطلب المساعدة من الخارج من دون أن نساعد نحن أنفسنا. وفي حال لم يلتزم النواب الذين يعتبرون أن البيان تكرار لمواقف سابقة وليس له أي أهمية، بالمعايير التي نص عليها، فانهم يساهمون في إدخال لبنان مرة جديدة في أتون جهنم. نواب الأمة مسؤولون عن التقاط هذه اللحظة التاريخية وملاقاة هذا البيان الدولي المشترك والذهاب نحو انتخاب رئيس يتطابق مع هذه المواصفات”.

وذكر بأن “القرار 1559 صدر في 2 أيلول 2004 قبل 48 ساعة من التمديد للرئيس إميل لحود. هذا القرار طالب بخروج الجيش السوري من لبنان وحصر السلاح بيد الشرعية اللبنانية كما واحترام الدستور والمهل الدستورية ومبدأ تداول السلطة. عملياً هذا القرار توجه الى الرئيس السوري بشار الأسد بعدم التمديد للرئيس لحود، لكنه اعتبره حينها تحدياً له من المجتمع الدولي، وجاوب على التحدي بتحد، وطلب من وزير الخارجية حينها فاروق الشرع أن يعترض عليه، وعقد مؤتمراً صحافياً اعتبر فيه أن القرار 1559 سخيف. وبعد 6 أشهر أصبح الجيش السوري خارج لبنان”.

أضاف: “اليوم، قبل الاستحقاق الرئاسي، اجتمعت 3 دول كبرى معنية بلبنان فرنسا والسعودية والولايات المتحدة، ووضعت دفتر شروط لانتخاب رئيس جديد، وتحدثت عن الرئيس المقبل الذي عليه تنفيذ الدستور والطائف وقرارات الشرعية الدولية كما طالبت بضرورة الاصلاحات من أجل تعاون دوائر القرار العربية والخارجية مع الرئيس المقبل. وأمام ايران اليوم حل من اثنين: أو تعتبر أن هذا البيان تحد، وتجاوب على التحدي بتحد، وتعمل على ايصال رئيس لا علاقة له بكل هذه المواصفات، أو تعتبر أن هناك ضرورة للتعاون مع المجتمع الدولي، وتستجيب له من خلال الافراج عن الاستحقاق الرئاسي لأنه مخطوف منها، ومطالبة الرئيس نبيه بري بالدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس جديد وفقاً للمواصفات التي ذكرت في البيان”.

شارك المقال