مقتل مهسا باسم الدين يشعل ثورة نسائية إيرانية

آية المصري
آية المصري

“هي” نصف المجتمع، من تبني ولا تهدم، من تربي الأجيال وتحرص على مستقبل أولادها، من تؤسس أسرة ناجحة وتهتم بعملها ووظيفتها، هي الأم والأخت والصديقة والحبيبة، من تحل أكبر الأزمات بتدخل بسيط، ومن أنهت حروباً وأزمات عديدة.

حقوقها مهدورة في معظم البلاد العربية نظراً الى العقلية الذكورية المتفشية في المنطقة الى جانب النظرة الدونية للمرأة أمام الرجل، وكثيرات من تعرضن للعنف الأسري والمنزلي وهدرت حقوقهن ومنعن من أولادهن. وفي المقابل، كثيرات هن الفتيات اللواتي تهدر دماؤهن تحت ذريعة ما يسمى بالشرف والكرامة، الى جانب ما يمارس من اغتصاب بحقهن في مختلف المناطق. وما تعيشه إيران في الآونة الأخيرة خير مثال على الأنظمة الديكتاتورية، التي تمارس التعسف والقمع بحق الفتيات والنساء خصوصاً في ما يتعلق بموضوع الحجاب القسري.

وعلى الرغم من أن لا إكراه في الدين ويجب على من ترتدي الحجاب أن تكون مقتنعة به تماماً والا فان لا حسنات تسجل لها، مع ذلك رأينا ما حدث للمواطنة الايرانية – الكردية مهسا أميني بعدما أوقفتها شرطة “الأخلاق” المعنية بمراقبة قواعد اللباس لدى النساء في ايران، معتبرة أنها ترتدي “حجاباً سيئاً”. وبعد نقلها الى ما يسمى “مركز إعادة التثقيف” بحسب ما صرحت السلطات، دخلت في غيبوبة ثم توفت، وألقت أسرتها والحقوقيون باللوم على وحشية قوات الشرطة السيئة السمعة، نافين أن تكون تعاني من حالات صحية في القلب وأنها في كامل صحتها.

ومنذ خبر وفاتها عمّت المدن والشوارع الايرانية الاحتجاجات تنديداً بطريقة معاملة قوات الأمن للنساء خصوصاً وأنهم لا يعتقدون أن الحكومة ستجري تحقيقاً شفافاً موثوقاً في الحادثة، وهتفت النساء “طفح الكيل” فيما أزالت الكثيرات منهن الحجاب وقصصن شعورهن مرددات “الموت للديكتاتور”.

ومنذ سنوات والنظام الإيراني مستمر في الضغط على شعبه في مختلف أوجه الحياة، وبصورة دائمة تهاجم “الشرطة الدينية” النساء وتوقفهن بحجة أنهن لا يحترمن “قوانين الحجاب”. كما تملك هذه الشرطة صلاحية التحذير والإحتجاز والتغريم حتى يصل الأمر الى حد الحكم بالسجن والتعرض للنساء بالعنف اللفظي والجسدي. وترفض فئة من الشعب الإيراني وتحديداً النساء هذه الأفعال، لاسيما وأن الآلاف منهن تعرضن خلال السنوات والعقود الأخيرة للمضايقة والاعتقال بحجة عدم إحترام قوانين الحجاب. فكيف تقرأ الناشطات النسويات ما حدث مع مهسا والاحتجاجات الأخيرة في إيران؟ وما رأي الحقوقيين في ما يحدث؟

مرشاد: ما حدث مع مهسا وحشي وقذر

مسؤولة الحملات والتواصل في “التجمع النسائي الديموقراطي اللبناني” حياة مرشاد اعتبرت في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “ما حدث مع مهسا أميني ليس حدثاً جديداً فالأنظمة القمعية والأبوية تفرض بصورة مستمرة سلطتها على أجساد النساء وعلى حياتهن ومارست الكثير من العنف والقمع على مدار التاريخ بحق النساء، وايران واحدة من هذه الأنظمة. وموضوع الحجاب القسري هو واحد من الأدوات التي تستخدمها هذه الأنظمة باسم الدين كي تحكم وتفرض سلطتها التامة على النساء وحياتهن وحريتهن”.

ووصفت ما حدث مع مهسا بأنه “وحشي جداً وقذر وبشع ولكنه ليس بجديد”، مشيرة الى أن “النساء يقتلن يومياً تحت ذرائع مختلفة، كما نرى اللواتي يذبحن في الشارع تحت ذريعة ما يسمى بالشرف، وذريعة إثارة غضب الرجل أو حجاب لم يعجبه، اما الايجابي فما نراه اليوم خصوصاً بعدما أشعلت هذه الجريمة ثورة لدى النساء الإيرانيات وهذا ما يعطينا أملاً أنه لا تزال هناك نساء لن يقبلن أن تذهب دماء أخواتهن هدراً”.

أضافت مرشاد: “اليوم سمعنا أن هناك محاولات لقمع تحرك النساء الايرانيات ويتعرضن لعنف وهناك قطع للانترنت في العديد من المناطق، الى جانب التخوف العالي من أن يتم قمع هذا الحراك، ولكن في النهاية نوجه تحية حب وتضامن ودعم الى النساء الايرانيات ونعلم جيداً أن ما يقمن به ليس سهلاً، ونأمل أن تفرز هذه الاحتجاجات المزيد من العدالة والحرية للنساء في المنطقة كلها”.

نصر الله: حقوق المرأة مقدسة

اما المحامي أنطوان نصر الله فرأى أنه “لا يمكن لجهة كانت تتحدث عن حقوق الانسان في الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي المقابل تقمع شعبها، حقوق الانسان بديهية خصوصاً حقوق المرأة التي تحفظها كل الأديان بعكس ما يحكى وما يقال عن الأديان”، معرباً عن اعتقاده أن “ما يحدث اليوم عبارة عن نوع من إستعادة حقوق المرأة وهذا يجب أن يحصل في كل المنطقة وليس في إيران فقط. حقوق المرأة مقدسة ومماثلة لحقوق الرجل والطفل، ولا يجب أن نتحدث عن هذه الحقوق لأنها من البديهيات، وكوننا نتحدث عنها فهذا أكبر دليل على تأخرنا”.

لا تزال حقوق النساء مهدورة في غالبية البلاد والمجتمعات، وإيران مثال واضح لأنها كانت وما زالت تقمع شعبها ونساءها نتيجة أحكامها التعسفية والقمعية، فالى متى ستذهب دماء الفتيات هدراً؟ والى متى ستبقى الذكورية تطغى على مجتمعاتنا؟

شارك المقال