أمن لبنان أسير الفوضى وحسابات “حزب الله”… والحكومة في الخدمة

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

شهد لبنان خلال الأسابيع الأخيرة حالة من الفلتان الأمني المقصود، لكن بقي الموضوع الاقتصادي – الاجتماعي الحاضر الأكبر، والذي يجبر الناس على الدخول في متاهات لا تحمد عقباها، وصولاً إلى اقتحام المصارف الذي قيل إنه كان مدبراً عبر خرق الخط الأحمر الموصل إلى الهاوية، بالإضافة إلى إنهاك الجيش اللبناني والقوى الأمنية التي تشكل ضمانة للبنان بسبب تماسك مؤسساتها حتى هذه اللحظة والتي يحاول البعض ضربها في هذا البلد.

والواضح أن جوع الناس والحالة الاقتصادية والأمنية أسلحة بيد “حزب الله” وحليفة “التيار الوطني الحر” وتستخدم من أجل الضغط بأعمال مدبرة لكي تفرض خياراتها في انتخابات رئاسة الجمهورية، وهذا ما تؤكده مصادر مطلعة لــ “لبنان الكبير”، موضحة أن “فريق حزب الله عندما لم يجد أن التوجهات في هذا الملف تنحو بإتجاهه ومع التعثر في التوصل الى تسمية شخصية توافقية، لأسباب داخلية وخارجية، وبما أن لا أحد من الأطراف قادر على فرض مرشح، اضافة الى عدم قبول الخارج بمرشح يحمي الحزب، وهذا ما كان واضحاً في البيان الفرنسي – الأميركي – السعودي، قرر تسهيل تشكيل الحكومة”.

من هنا تعتبر المصادر أن “حزب الله والتيار الوطني الحر في مأزق، مما دفعهما الى اختلاق حالة تزيد من الاشكالات والفلتان الأمني والانهيار الاقتصادي، وسط ثورة دائمة من الناس، وجرت عمليات إقتحام المصارف وأخذ الودائع بالقوة وكأنها حركة منظمة هدفها الضغط على مصرف لبنان وإجبار أو إدخال رئيس الجمهورية في مشروع يقضي قبل رحيله بالقاء القبض على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتحقيق نوع من الانتصار الوهمي تحت شعار تحقيق العدالة والتدقيق الجنائي، وهي محاولة لتحميل المصارف ومصرف لبنان المسؤولية عن الأوضاع وليس القاء اللوم على الطبقة الفاسدة والمسؤولين السياسيين الذين سرقوا البلد وهربوا أموالهم الى الخارج، وسيستفيد من هذه الحالة الاقتصاد المتوازي والمصارف المتوازية والصرافين المنتشرين في المناطق اللبنانية الذين يعملون لمصلحة حزب الله، الذي يحاول أن يقدم نفسه بأن لديه تصورات اقتصادية ثابتة مرتبطة بعملية انقاذ للبنان، وهو يريد فرض مرشح قريب منه في الرئاسة حتى ولو كان من الدرجة الثالثة لتقديم خدمات للكتل الكبرى وخصوصاً لكتلة جبران إن كان في عملية التعيينات أو التوزير”.

وتلاحظ هذه المصادر تأكيداً لما سبق أن “حزب الله لم يقل أي كلمة بخصوص التعطيل الممنهج الذي مارسه الرئيس عون في تشكيل الحكومة وكان صامتاً حتى يجد الوقت المناسب لكي يقدم توجهاته الفعلية ويصرح عن مواقفه الحقيقية. وهو يدفع بالأوضاع الى الانهيار الكبير الذي ظهر في التضخم والارتفاع الصاروخي للدولار وتحكم المافيات المرتبطة به والتي تعمل لتحقيق مصالحه ومصالح حليفه الطامع بالقصر، وهو ما يبدو واضحاً من خلال دعم مافيات موتورات الكهرباء بالمازوت الذي يقدم الى لبنان من الدول، وتحصل أموالاً هائلة على حساب شركة الكهرباء، فهذه المافيات مرتبطة مباشرة بالمسؤولين السياسيين الذين يتحكمون بالبنزين وبالخبز للامساك بالناس من رقبتها، بينما وزير الاقتصاد أمين سلام الذين يدين لجبران بتوزيره لا يقوم بأي دور للجم التدهور والغلاء وكأنه غير موجود وهو من الوزراء المطروح اسمهم للتغيير”.

وتشير الى ما جرى خلال جلسة مناقشة الموازنة “التي وضعت من دون تخطيط وتبين أنها موازنة غير مدروسة وفقاً لبرنامج إقتصادي انقاذي يستطيع تأمين الأمن الاقتصادي اللبناني في ظل الانهيار والفلتان، بل وضعت وفقاً لخطة سياسية لا علاقة لها بالاقتصاد ولا بالعلم، وغيّب عنها مفهوم التفاوض مع البنك الدولي وكيفية تأمين مطالب المودعين وانهاء هذه القضية التي أصبحت قضية العصر، وتسهيل أمور الناس في استلام رواتبهم كاملة لاسيما موظفو الدولة، وعدم التحجج بالانهيارات الاقتصادية لتقسيطها من قبل المصارف. فما يجري اليوم يأتي ضمن خطة ممنهجة من كتل سياسية في الحكم تسعى الى وضع المسؤولية الكاملة على المصارف وهدفها الأساس ضرب مصرف لبنان والنظام المصرفي، وهذا لا يعني أن رياض سلامة والمصارف لا يتحملون المسؤولية، لكن معالجة هذه الأزمة لا تنتهي بضرب النظام المصرفي في لبنان واقالة سلامة، وانما بوضع نظام انقاذي فعلي لعمل المصارف ودورها ينهي الفوضى غير الخلاقة التي تمارس في البلد، لأن السيطرة على الدولة تتطلب ضرب مؤسساتها ووضع موازنات وهمية غير مبنية على قواعد، إذ لا يمكن رفع الأجور والتعرفات في دولة من دون نقاشها في الموازنة، وهذا ما دفع بنواب الكتل السيادية الى الخروج من جلسة نقاش الموازنة لأنهم لا يريدون أن يكونوا شهود زور على ما يريده حزب الله وما تريده الحكومة التي يخطط جبران والحزب لفرضها على لبنان وبالتالي يذهبون للتأييد والموافقة عليها”.

وتلفت المصادر الى “هذه الفوضى، بدءاً من التهديد بالحرب من كاريش وبالاعتداء على قوات الطوارئ الذين تم التجديد لهم وفق القرار 1701 الذي أراد حزب الله أن يغير فيه قواعد الاشتباك، لكن هذا القرار الدولي اتخذ بالاجماع بمن فيهم روسيا وصوّتوا على تثبيته واعطاء حرية أكثر لقوات الطوارئ بالتجول في هذه المنطقة من دون مرافقة الجيش. وهذا ما حاول حزب الله أن يثيره بأعمال شغب وخلق الفوضى واعتبار قوات الطوارئ قوات احتلال، وجاءت أخيراً فوضى التهريب عبر البحر واستباحة بحر لبنان وحدوده في محاولة للضغط على الأوروبيين وهذا أمر مارسه وسهله النظام السوري، وآخرها غرق العبارة اللبنانية في طرطوس التي حملت مهاجرين لبنانيين وسوريين وفلسطينيين، فالأسد يريد بتسهيل الهجرة عبر لبنان وعبر الحدود السورية وفتحها أمام المهاجرين من لبنان مخاطبة العقلية الأوروبية عبر تخويفها بإغراقها بالمهاجرين حتى تخضع لارادة حزب الله ومخططاته لا سيما بعد مطالبة الولايات المتحدة الأميركية دولاً أوروبية بفرض العقوبات على أجنحة حزب الله الارهابية”.

وترى هذه المصادر أن “حزب الله اليوم أصبح بحاجة الى حكومة تحميه ويريد منها اتخاذ قرارات اقتصادية – اجتماعية تستطيع أن تهدئ الناس، بعدما رأى أن الفوضى التي استغلها ستنقلب عليه من المجتمع الدولي الذي يدعم الجيش اللبناني”. واستطراداً تعتبر أن “حزب الله سيذهب إلى التوافق على تشكيل حكومة والضغط على ميشال عون وجبران باسيل عبر ادخال ستة وزراء سياسيين، واجراء تعديل وزاري بأربع وزارات من شخصيات يرفض الرئيس نجيب ميقاتي العمل معها، وهم عصام شرف الدين وأمين سلام ووليد فياض وهكتور حجار”.

شارك المقال