الطرابلسيون ينصرون المقاومة… ولكن المزاج تغير

إسراء ديب
إسراء ديب

لم يتخلّ الطرابلسيون عن مفهوم المقاومة، المرتبط بمحاربة العدو الصهيوني، فالمقاومة الحقيقية بالنسبة لهم هي مقاومة العدو، وغير ذلك عمل لا يليق بالمقاومين، مثل التنطح للعب أدوار في حروب المنطقة، فالسلاح إذا ضل طريق الوصول إلى العدو لن ينجح في مهمة التحرير مهما كثرت ادعاءاته وانفعالاته.

في 25 أيّار، عيد المقاومة والتحرير، لم تنس طرابلس وأهلها الانتصار الذي احتفلت به كغيرها من المناطق، فهي فرحت ببهجة الجنوب وصفقت لإنجاز انتصار كبير بعد إعلان انسحاب جيش العدو، ولكن تغير المزاج الطرابلسي بحكم ممارسات الهيمنة وسياسات التخوين، لكن ما زال الطرابلسيون يُقدّرون المقاومين في أرض لبنان وليس خارجه.

في تحرير الأرض، كان لطرابلس دور أساسي في مناصرة المقاومين وتقديم الشهداء. لم تُقصّر المدينة في توفير الدعم بأي طريقة للإسهام في تغيير المعادلة وإخراج العدو من الأراضي المحتلة، وما عاشته طرابلس في السنوات الأخيرة من أحداث وويلات كاد يقلب المعادلة رأسًا على عقب بفعل ممارسات أدت إلى ربط قرار المقاومة بتوجهات من خارج الحدود، فكيف يفهم الطرابلسيون المقاومة اليوم، هذا ما قالوه لـــ “لبنان الكبير”.

الطرابلسيون ومفهوم المقاومة

هزاع ملاط: “لن أصفق لمن ينتظر فرصة لذبحي، فيوم احتلال بيروت في 7 أيار لا يُلغيه تحرير 25 أيار الذي ما يزال محفورًا في قلوبنا”.

ولم تعد تعني هذه المناسبة شيئاً للمواطن محمّد درنيقة، ويقول: “المقاومة باتت موجهة ضدّ لبنان واللبنانيين، ولكن كانت تعني لي الكثير في وقتٍ سابق حين كنا نشعر بوجود مقاومة حقيقية في بلادنا”.

أما المواطن خلدون أ. (26 عامًا) وهو من سكان أبي سمراء فله رأي مختلف، اذ يعتبر أن “المقاومة المتمثلة بحزب الله قامت بواجبها إزاء تحرير الأراضي المحتلة ومقاومة العدو”، ويقول: “لا يوجد طرف لبناني اليوم يُسهم في إعادة الأراضي المحتلة والجميع يستغل القضية الفلسطينية والصراع العربي ـــ الإسرائيلي من أجل تحقيق أهدافه، فالحزب اليوم منشغل بإيران وما تُريده هذه الدولة الكبرى والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله كان قد اعترف مسبقًا بهذا الأمر، وهو لا يخشى من ذلك أو يخفيه، المشكلة اليوم أنّنا أضعنا البوصلة، ولكن الحقّ يٌقال حين هتفت المقاومة ضدّ العدو عام 2006 كنّا معهم فعليًا وبكلّ وجداننا ولكن ما يحصل اليوم أسوأ ممّا كنا نتوقع”.

أمّا فؤاد ق، فيؤكد أنّه كان يُناصر “حزب الله” قبل اندلاع الأزمة السورية عام 2011، ولكن بعد تدخله في سوريا واليمن والبحرين، بتنا نخشى من أهدافه”.

من جهتها، ترفض فاطمة س. ربط مفهوم المقاومة بالحزب أو أي قوى محدّدة، وتقول: “المقاومة هي مقاومة العدو الصهيوني فحسب، على أن تكون هذه المقاومة لبنانية صرفاً، لا ترتبط بدول مختلفة أو لها أهداف دولية وإقليمية باتت معروفة، فطرابلس تقف حاليًا إلى جانب المظلوم لا الظالم في كلّ الأحوال، وتقاوم مع من يُقاوم ونرفع القبعة لأيّ محاولة نستعيد بها انتصارنا وكرامتنا”.

المزاج تغيّر

يرى نائب رئيس ” تيّار المستقبل” مصطفى علوش أن “أيّ إنسان سويّ وعاقل سيكون مناصرًا لتحرير الأرض من العدو، فمقاومة الصهاينة مبعث للفرح والفخر”.

ويقول لـ”لبنان الكبير”: “تغيّر المزاج الطرابلسي اليوم بشكلٍ كبير، فمن يدّعي الانتصار في هذا اليوم يُهيمن على الناس ويقطف ثمار هذا الانتصار ليضغط على الشعب بشكلٍ واضح، فيكون ظالمًا أكثر وقاهرًا للبنانيين والسوريين وغيرهم. ومنذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام 2005، تغيّرت النظرة لهذا الفريق السياسي ومع 7 أيار حتّى يومنا هذا، الظلم ما زال مستمرًا وصانع الانتصار يصنع قهر الناس لمآرب مذهبية وسياسية معروفة”.

الشامي: مواجهة الاحتلال ضرورة

بدوره، يرى منفذ الحزب السوري القومي الاجتماعي في طرابلس فادي الشامي أن “الصراع الدائم هو صراع وجود لا حدود فحسب، وسيستمر وصولًا إلى إعادة الأراضي المحتلة كلّها إلى أصحابها”.

ويقول: “نحن في صميم المقاومة جنوبًا وقد قدّمنا شهداء لأرض الجنوب، ولكن بعيدًا عن الضغوط التي يعيشها المواطن الطرابلسي اليوم، كلّ الناس هنا مع فلسطين وتُناصر القضية الفلسطينية إذ كانت طرابلس دائمًا هي الأولى التي تنتفض بمظاهرات ليس لها أي مثيل في أي مكان آخر محلّيًا”.

ويُضيف:” تُؤثر الأوضاع الاقتصادية كما الاجتماعية على المزاج الطرابلسي العام، هذا من جهة ولكن من جهة أخرى تسود بعض المفاهيم السياسية الخاطئة حول وجود محور يُطلق عليه محور الممانعة ومحاور أخرى، ولكن حتّى بوجود محاور سياسية مختلفة لا تُخفي بعضها مناصرتها لفلسطين وقضية ضرورة مواجهة الاحتلال”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً