هل يمكن إعطاء الثقة للحكومة بعد أول جلسة انتخاب رئيس؟

محمد شمس الدين

مبارك للورقة البيضاء استحصالها على أكبر عدد من الأَصوات في أول جلسة نيابية لانتخاب رئيس للجمهورية، اذ لم تستطع الكتل التوافق على اسم واحد تمنع به الفراغ، بل حتى أن الكتل الحليفة لبعضها البعض لم تتمكن من التوافق على اسم، إلا كتل “الجمهورية القوية” و”الكتائب” و”اللقاء الديموقراطي” التي أعلنت تبنيها ترشيح النائب ميشال معوض للرئاسة، الأمر الذي اعتبره البعض حرقاً لترشيحه. أما نواب التغيير فقد صوّتوا لسليم إده، وهو رجل أعمال وابن الوزير السابق ميشال إده، وكان له تصريح سابق لوسائل الاعلام عن أولوياته كرئيس جمهورية، وهي التعليم والثقافة، بدءاً بجامعة القديس يوسف، ومتحف “ميم” الموجود في الجامعة الذي أسسه إده نفسه، ولكن بعيداً عن حسابات الأرقام ودلالات الجلسة، منذ أن دعا الرئيس نبيه بري الى جلسة الانتخاب، هناك جهات تقول إن مجلس النواب لا يمكنه أن يجتمع من الآن فصاعداً، إلا لانتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي لا يمكنه عقد جلسة ثقة للحكومة في حال حصلت المعجزة وتم التوافق عليها، فهل هذا الأمر صحيح دستورياً؟

رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر علّق على هذه الفتاوى الدستورية في حديث لموقع “لبنان الكبير”، مذكراً بفترة الفراغ الدستوري التي حصلت بعد انتهاء عهد الرئيس ميشال سليمان، قبل انتخاب الرئيس ميشال عون. وأوضح أن “مجلس النواب كان يقوم بالتشريع خلال فترة الفراغ الرئاسي، لأن النص الدستوري يقول إنه عندما يدعو رئيس المجلس الى انتخاب رئيس للجمهورية يصبح هيئة انتخابية، ولا يحق له أن ينظر في أي شأن آخر، الا في الجلسة المخصصة لانتخاب الرئيس فقط، ويمكن لرئيس مجلس النواب، الذي يحدد جدول أعمال الجلسة، أن يحدد جلسة لأي أمر تشريعي آخر، مثل جلسة الثقة للحكومة أو لاقرار الموازنة، أو من أجل مشروع معجل مكرر، إلخ…”.

أضاف صادر: “لا يستقيم قانوناً القول إن المجلس يصبح هيئة انتخابية فقط، وهذا الرأي مسند وفقاً للمواد من الدستور، 49 التي تحدد آلية انتخاب رئيس الجمهورية بأكثرية الثلثين في الدورة الأولى، وبالأكثرية المطلقة في الدورة الثانية، والمادة 73 التي تنص على أن رئيس المجلس يجب عليه الدعوة الى انتخاب رئيس للجمهورية خلال شهرين على الأكثر، وشهر على الأقل، وإن لم يدع، في آخر 10 أيام من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، يلتئم المجلس تلقائياً من دون الحاجة الى رئيس المجلس في حال لم يقم بواجبه، وهذا لم يحصل بل دعا الرئيس بري ضمن المهلة، وأخيراً المادة 75، التي تقول إنه عندما يلتئم المجلس النيابي، لانتخاب رئيس يصبح في هذه الجلسة هيئة ناخبة”.

واعتبر صادر أن “المصيبة الكبرى هي أن كل طرف يقرأ أحكام الدستور حسب مصلحته، علماً أن النص واضح، فالدستور منصوص حتى لا تتوقف السلطات وتتعطل، ويصر على استمرارها، فهل يعقل أنه إذا كان هناك قانون إصلاحي مهم، لا يمكن أن يجتمع المجلس من أجل إقراره لأنه يجب أن يجتمع من أجل انتخاب رئيس للجمهورية فقط؟”. وأعرب عن أسفه لأن “المواد الدستورية اغتصبت لدرجة، أنه أصبح صاحب دكان سمانة يريد أن يفتي بالدستور ويعطي رأيه به”.

وأكدت مصادر “التيار الوطني الحر” لموقع “لبنان الكبير” أن موضوع جلسة إعطاء الثقة للحكومة بعد الدعوة الى انتخاب رئيس للجمهورية لم يناقش في التيار، “ولكن وفقاً لبعض المشاورات، بالمبدأ لا يوجد مانع من أن يجتمع المجلس النيابي من أجل إعطاء الثقة للحكومة، وتحديداً أنه كانت هناك سابقة في هذا الموضوع بين العامين 2014 و2016، عندما كان الرئيس نبيه بري يدعو الى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، ومن بعدها يدعو الى جلسة تشريعية”.

الدستور واضح وفق رئيس مجلس شورى الدولة السابق، و”التيار الوطني الحر” يعترف بأن هناك سابقة في موضوع التشريع بعد جلسة انتخاب الرئيس، فإذاً السؤال هو من يحاول التسويق لفكرة عدم إمكان إعطاء الثقة للحكومة بعد أول جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية؟ ولمصلحة من تطيير الحكومة؟ وهل يجوز أن يصبح الدستور فتاوى غب الطلب وفقاً لأهواء بعض الجهات؟ للأسف لبنان بلد العجائب، وبين فترة وأخرى يأتي رجال سياسة لا يمتلكون أي حس وطني ليودوا بالبلاد إلى الخراب.

شارك المقال