غابت ستريدا فطار النصاب

عاصم عبد الرحمن

…وطويت أولى صفحات جلسات انتخاب الرئيس الـ14 للجمهورية اللبنانية على مرشح جدي وحيد وآخر اختباري وأوراق بيض لجس نبض أكثرية ما قد تتفق مستقبلاً حول المرشح سليمان فرنجية. وعلى الرغم من غياب 6 نواب إلا أن عدم حضور النائب ستريدا جعجع كان لافتاً إثر حضور جميع زملائها، فماذا لو حضرت في الجلسة الثانية لانتخاب الرئيس؟

ترجمت “القوات اللبنانية” شعارات السيادة ومواجهة فريق الممانعة سياسياً بالسير خلف المرشح الرئاسي السيادي ميشال معوض الذي نال 36 صوتاً في مقابل 11 صوتاً لسليم إده مرشح قوى التغيير، على وقع تهافت الأوراق البيض التي ملأت صندوقة الاقتراع تفادياً من فريق 8 آذار و”حزب الله” لحرق المرشح سليمان فرنجية قبل تأمين التوافق حوله.

عند الساعة 11 قبل الظهر اكتمل نصاب الجلسة الأولى لانتخاب رئيس للجمهورية بحضور أكثرية 122 نائباً فتأمن النصاب الدستوري المحدد بـ86 نائباً. اقترع النواب وتم الفرز سريعاً، استعد معظم الحاضرين لانعقاد جلسة الدورة الثانية التي توجب حضور 86 نائباً مع إمكان فوز أي مرشح بأكثرية 65 صوتاً. وكان لافتاً استمهال الرئيس نبيه بري في الدعوة إلى الجلسة الثانية إفساحاً في المجال أمام نواب محور الممانعة للخروج من قاعة المجلس. وجه رئيس المجلس الدعوة وأحصي عدد النواب الحاضرين ليتواجد 85 نائباً فطار النصاب القانوني وطارت جلسة انتخاب الرئيس الثانية كما كان متوقعاً.

أربعة نواب غابوا بأعذار منها بداعي السفر وأخرى بداعي المرض، وغاب نواب آخرون بدون عذر فكان لافتاً عدم حضور النائب عن حزب “القوات اللبنانية” ستريدا جعجع التي لو حضرت لكانت النائب 86 المطلوب دستورياً لانعقاد الجلسة الثانية.

ساد اعتقاد في فترة ما قبل تحديد جلسة انتخاب الرئيس أن قوى المعارضة والتغيير ستلجأ إلى تعطيل نصاب الجلسة الثانية لقطع الطريق الرئاسي أمام مرشح “حزب الله” سليمان فرنجية والفوز بأكثرية النصف زائداً واحداً بصفقة من هنا وتسوية من هناك تحت مظلة مصالح متبادلة ضمن بيت 8 آذار وآخرين، فكانت المفاجأة بتبدل الدور التعطيلي بين فريقَيْ مجلس النواب خرج الممانعون وبقي السياديون، ظهر الفريق الأول ضعيفاً إذ دخل الجلسة الانتخابية بمرشحته الوحيدة وهي الورقة البيضاء في مقابل مرشح سيادي سياسي وآخر من خارج الطبقة السياسية، عاقداً الأمل على تغيير النهج السياسي المعتمد منذ وصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية عام 2016.

يتساءل مراقبون عن سبب غياب ستريدا جعجع على الرغم من توجه تكتل “الجمهورية القوية” بمرشح رئاسي واضح التف حوله حتى آخر لحظات الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس، معتبرين أنه لو حضرت النائب جعجع لانعقدت الجلسة الثانية، عندها ربما قد تتغير الوجهة التصويتية لنواب آخرين خصوصاً قوى التغيير لينال النائب ميشال معوض قرابة الـ 50 صوتاً وتنطلق على إثرها المعركة الرئاسية لمعارضي نهج “حزب الله” وحلفائه بمرشح جدي أمَّن حداً جيداً من التوافق حوله.

مرةً أخرى تتوجه الأنظار حول العلاقة الخفية بين حزب “القوات اللبنانية” وحركة “أمل”، إذ يتساءل مراقبون عن تفاهم قواتي – أملي لاكمال نصاب تطيير الجلسة الثانية بغياب النائب ستريدا جعجع على اعتبار أن خروج كتلتَيْ “أمل” و”الوفاء للمقاومة” وغياب نواب آخرين لم يكن كافياً، فهل غابت ستريدا لأمرٍ في نفس نبيه؟

شارك المقال