“نورد ستريم” واللغز الذي يهدد أوروبا بحرب الصقيع

حسناء بو حرفوش

ما الذي يعنيه تخريب “نورد ستريم” بالنسبة الى القارة الأوروبية؟ وفقاً لمقال في موقع “ذا ويك”، “ينذر هذا التخريب بأزمة حقيقية في أوروبا إلى جانب الحرب الأوكرانية، وهذا ما تبرهنه الاجابات عن الأسئلة التالية:

ما هي خطوط أنابيب “نورد ستريم”؟

أنابيب “نورد ستريم” مملوكة لشركة “غازبروم” الروسية العملاقة للطاقة وهي لا تنقل جميع صادرات الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا فحسب، بل تكمن أهميتها في الكميات الكبيرة التي تحملها. ويعود الاعلان عن أول خط أنابيب الى العام 1997 وقد بدأ تشغيله في العام 2011، وفقاً لتقارير”سي أن أن”. وعلى مدى العقد الماضي، شكل هذا الخط شرياناً رئيساً لنقل إمدادات الغاز الروسية الهائلة إلى أوروبا، ومثل حوالي 35% من إجمالي واردات أوروبا من الغاز الروسي العام الماضي. وعلى الرغم من الانتهاء من خط الأنابيب الثاني العام الماضي، والاستعداد لتشغيله، أتى الغزو الروسي لأوكرانيا، فأوقفت ألمانيا كل شيء.

هل أثارت هذه الأنابيب الجدل قبل الحرب؟

لم تثر هذه الأنابيب أي جدل البتة من قبل. وذكرت قناة “سي إن بي سي” في العام 2019 أنه بينما كان الأوروبيون ينظرون إليها كـ”طريقة مستدامة لضمان أمن الطاقة الأوروبي”، ساورت المخاوف العديد من المراقبين، لا سيما في الولايات المتحدة، لناحية “اعتماد ألمانيا على الطاقة الروسية والتعرض للاستغلال وللتدخل”. وحذر وزير الطاقة آنذاك من أن الغاز الروسي مرهون بشروط (…)، مشيراً في العام 2020 إلى أن لعبة بوتين النهائية هي إحكام القبضة المؤكدة على سوق الطاقة الأوروبية. ومن شأن ذلك “السماح لبوتين بالتحكم بإمدادات الطاقة الشتوية وأخذها رهينة للحصول على فدية من الاتحاد الأوروبي”.

ماذا الذي حدث منذ بدء الحرب؟

لا شك في أن للمخاوف الأخيرة مبرراتها، وحتى مع قيام الدول الأوروبية بقطع الطريق أمام روسيا في أسواقها، حاولت تجنب القطع الكامل لامدادات الطاقة، لكن هذا لم ينجح حقاً. وفي نيسان، أوقفت روسيا شحنات الغاز إلى بولندا وبلغاريا “في تصعيد انتقامي رداً على العقوبات الغربية المفروضة على غزو موسكو لأوكرانيا”. ثم في تموز، أوقفت روسيا تسليم الغاز عبر خط أنابيب “نورد ستريم 1” لمدة 10 أيام بصورة تامة، ظاهرياً بحجة الصيانة، قبل الاعلان عن إغلاقه لأجل غير مسمى في وقت سابق من هذا الشهر. ومن هذا المنطلق، لم يتغير الوضع: أوروبا لم تكن تتسلم الغاز من روسيا عبر خطوط الأنابيب، وأضيفت الى الوضع المتوتر بالفعل حالة من عدم اليقين.

كيف تواجه أوروبا الشتاء؟

الأمور متقلبة في الوقت الحالي. وأدى تقليص إمدادات الغاز من روسيا إلى رفع الأسعار وفرض ضغطاً هائلاً على القارة. وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن “أسعار الطاقة المرتفعة تضرب الصناعة الأوروبية، مما يجبر المصانع على خفض الانتاج بسرعة والتخلي عن عشرات الآلاف من الموظفين”، عدا عن مخاطر الركود. وفي بريطانيا، أعلنت هيئة تنظيم الطاقة الوطنية في آب أن “سكان المملكة المتحدة سيشهدون زيادة إضافية بنسبة 80% في فواتير الطاقة المنزلية السنوية”.

من الذي خرّب الأنابيب؟

كتبت إيما أشفورد في موقع “فورين بوليسي”، أنه يمكن اختصار الاجابة كالتالي: “لا نعرف وسنبقى في حالة من الإرباك لبعض الوقت”. لكن هناك الكثير من التكهنات. وفي غضون ذلك، أشار مسؤولون أمنيون أوروبيون إلى رصد سفن البحرية الروسية في المنطقة قبل وقت قصير من ملاحظة التسرب في خطوط الأنابيب. ومن الواضح أن لا أحد يريد تحمل الملامة.

ماذا عن العواقب؟

تتنوع العواقب سواء على المدى القصير أو البعيد. ومن الأمثلة على ذلك، تصنيف تسربات الغاز على أنها “كارثة مناخية”. كما يعني الضرر الحاصل عدم القدرة على استخدام أنابيب “نورد ستريم” لنقل أي غاز الى أوروبا هذا الشتاء حتى ولو توافرت الارادة السياسية. وهذا يعني أن الأوروبيين قد يواجهون أزمة غاز حقيقية هذا الشتاء”.

شارك المقال