اعترفوا بالضم أم لا… روسيا الرابح الأكبر

حسين زياد منصور

منذ بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في الأراضي الأوكرانية، كان لبعض مناطقها أهمية خاصة بالنسبة الى روسيا، وذلك لعوامل عدة أبرزها جغرافية وتاريخية واستراتيجية، فهي تعتبرها أراضي روسية سلخت عنها وأعطيت لأوكرانيا.

ومن ناحية أخرى، لا يمكن لروسيا بعد توسع نفوذ حلف الناتو في أوروبا الشرقية تأمين حدودها من دون السيطرة على الممرات البحرية الجنوبية في حوض آزوف والبحر الأسود وربط شبه جزيرة القرم بالأراضي الروسية براً، وبذلك يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسع النطاق الأمني حول أراضي بلاده في ظل مواصلة توسع الغرب عسكرياً بالقرب من روسيا.

تتميز الأقاليم الأربعة التي ضمت الى الأراضي الروسية فضلاً عن الأهمية العسكرية والاستراتيجية بميزات عدة من حيث الديموغرافيا والمساحة والاقتصاد.

اقتصادياً

قبل بداية العملية العسكرية أفادت إحصاءات وتقارير أن ما يقارب 70 ٪ من ثروات أوكرانيا في الجهة التي تقع فيها دونيتسك ولوغانسك، ومن هذه الثروات أكبر مناجم الفحم الحجري والحديد والصلب، ومن أبرز المدن فيها ماريوبول، التي تتميز بأهم موانئ التصدير، وأنها ورقة مهمة في شبكة المواصلات ان كان من البر أو البحر والتصدير تجاه الكثير من المناطق حول العالم وأبرزها الشرق الأوسط.

ومنذ سنوات وصفت دونباس في أوكرانيا بـ “سلة الصناعة والغذاء” لحجم الثروات الطبيعية فيها الى جانب المساحات الزراعية والصناعات الموجودة من مناجم الحديد والفحم.

وهناك أيضاً زاباروجيا التي تتمتع بخصائص عدة أبرزها موقعها وطرق المواصلات البرية والنهرية في نقل البضائع والتجارة. والأهم من ذلك محطة زاباروجيا التي تعمل على الطاقة النووية وتغذي أوكرانيا بالكهرباء، وهي تعد المحطة الأكبر في أوروبا والرابعة على الصعيد العالمي. ومن خلال ضم هذه الأراضي الى روسيا ستنتقل ملكيتها وادارتها للروس الذين لن يسمحوا بخضوع المحطة لاشراف دولي.

المساحة

ستزداد مساحة روسيا بعد ضم هذه المناطق بنسبة 0,6٪ أي 108,148 كيلومتراً مربعاً.

في دونيتسك يسيطر الانفصاليون على نصف مساحة الاقليم، لكن ضمه يعني جميع الأراضي قبل التوزيع الأوكراني قبل الحرب في العام 2014، مما يؤدي الى اعتبار النصف الآخر من الأراضي القابع تحت سيطرة الأوكرانيين أراضي محتلة.

اما خيرسون والتي تعد من أكبر المناطق الأوكرانية فمساحتها تبلغ 28461 كيلومتراً مربعاً، وزاباروجيا تبلغ مساحتها 27180 كيلومتراً مربعاً، وتضم خمس مقاطعات.

الديموغرافيا

تشير آخر إحصاءات الانفصاليين الى وجود 1,4 مليون نسمة يقطنون لوغانسك و2,2 مليونين في دونيتسك، اما بالنسبة الى الإحصاءات الحكومية الأوكرانية في شباط الماضي فان عدد سكان زاباروجيا 1,636 مليون نسمة، اما سكان منطقة خيرسون فأقل بقليل من مليون نسمة.

في هذه المناطق كانت ولا تزال اللغة الروسية سائدة وتعتبر اللغة الأم لديها، الى جانب من هم من أصول روسية فنسبتهم مرتفعة.

في النهاية روسيا هي الرابح الأكبر من الضم على الرغم من أعباء إعادة الاعمار والبنية التحتية واستفادة المزيد من الناس من خدمات الدولة، الا أن أوكرانيا خسرت ما يقارب 20٪ من أراضيها واقتصادها وعدد سكانها وهي ضربة موجعة لها صوصاً أنها منذ استقلالها وهي تستفيد من موارد دونباس والصناعات في مجال التعدين والحبوب والصناعات الكيميائية التي أنشأها الاتحاد السوفياتي في لوغانسك ودونيتسك وزاباروجيا وخيرسون التي كانت أساس اقتصاد أوكرانيا خلال الفترات الماضية، اذ ساهم اقتصاد زاباروجيا بـ 4٪ من الناتج الإقليمي الإجمالي و 3,6٪ من لوغانسك و 10,8 من إقليم دونيتسك في الناتج المحلي الاجمالي لأوكرانيا.

وبذلك ستبقى أوكرانيا بحاجة الى روسيا وتكون مرجعيتها الاقتصادية والسياسية والثقافية.

شارك المقال