“نورد ستريم” يوتر أوروبا… ويشعل الاتهامات بالتخريب

حسين زياد منصور

لا تزال أصداء الحرب الروسية – الأوكرانية تتردد في أوروبا، فبعد أن اصطف الأوروبيون خلف أوكرانيا وعارضوا روسيا، وبعد سلسلة تدابير اتخذها الروس تجاه الأوروبيين، كان آخرها قطع الغاز عن القارة العجوز، وتفشي التقنين والتقشف في قطاع الطاقة قي بعض الدول الأوروبية وأبرزها المانيا، أوقفت شركة “غازبروم” الروسية العملاقة التي تدير خطي أنابيب ضخ الغاز لأوروبا مع العلم أنهما لا يزالان ممتلئَين بالغاز وذلك نتيجة الحرب في أوكرانيا، وإعلان وزراء مالية مجموعة الدول السبع في بيان مشترك، أنهم يسعون الى وضع حد أقصى لسعر النفط الخام والمنتجات البترولية الروسية.

وضجت الأيام الماضية بوجود تسرّب في خط غاز “نورد ستريم١”، وأن التسرب يشمل منطقتين أخريين في خطي سيل الشمال ١و٢ في بحر البلطيق، لكن ما تم التأكد منه أن عملية تخريب حصلت، فإصابة أنابيب “نورد ستريم” ١و٢ تزامنت مع افتتاح البولنديين والدنماركيين خط غاز آخر يزود بولندا مع مطلع تشرين الأول المقبل بغاز دنماركي ثم نروجي، فالخط نروجي- دنماركي وسمي “أنابيب البلطيق”.

ومع تعدد الفرضيات والجهات المستفيدة من تفجير خطوط “نورد ستريم” يطرح السؤال الأبرز عن ماهية هذه الخطوط.

“نورد ستريم” ١ و٢

خط أنابيب مزدوج لنقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا عبر بحر البلطيق بدأ في تشرين الثاني عام ٢٠١١، وسينقل سنوياً وفق الاتفاقيات المبرمة ولمدة ٥٠ سنة، ٥٥ مليار متر مكعب.

بدأ إنشاء خط أنابيب “نورد ستريم ١” في نيسان من العام ٢٠١٠ بعد سنوات من الدراسات، وتشرين الثاني ٢٠١١، وخلال حفل في مدينة لوبمين بحضور الرئيس الروسي آنذاك ديمتري ميدفيديف والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته ميدفيديف ورئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون افتتح الخط بصورة رسمية ليبدأ بنقل الغاز بعدها بأسبوع، وكان الهدف منه زيادة أمن الإمداد نحو أوروبا وجعل الغاز أرخص من نقله عبر سفن نقل.

اما “نورد ستريم ٢” الذي يمتد بالتوازي مع الخط ١، وتم الانتهاء منه في ٢٠٢١ فلا يزال متوقفاً عن العمل بانتظار الاعتماد من ألمانيا والاتحاد الأوروبي.

أنشئ الخط المزدوج لـ “نورد ستريم” على 3 أقسام بسماكة جدار مختلفة تتبع اتجاه تدفق الغاز، ويبلغ طول الخط ١٢٢٤ كيلومتراً عبر بحر البلطيق، ومن ١٠٠ ألف أنبوب يتكون كل خط ومجهز لنقل حوالي ٢٧،٥ مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً.

ويمتد الخط المزدوج من بلدة فيبورغ شمال غربي روسيا إلى بلدة لوبمين في ولاية مكلنبورغ فوربومرن في ألمانيا، ويمر بالمناطق الاقتصادية لروسيا وألمانيا والدنمارك والسويد وفنلندا، والى جانب هذه الدول فان لبولندا ولاتفيا وليتوانيا وإستونيا كونها تطل على بحر البلطيق صلة بخطوط الأنابيب هذه.

يصل الغاز الى لوبمين في ألمانيا من فيبورغ الروسية ثم ينقل إلى الشبكة الأوروبية ليصل الى الدنمارك وفرنسا والمملكة المتحدة وهولندا وبلجيكا وغيرها من الدول.

الفرضيات

وتتبادل الأطراف الاتهامات بشأن تفجير خطوط “نورد ستريم” وتتعدد الفرضيات في ظل تضرر روسيا وبعض الأوروبيين من جهة واستفادة الجانب الأميركي. ومن هذه الفرضيات من يتهم الروس بالتفجير وآخرون يتهمون الأوكرانيين، وفرضيات أخرى تتهم بعض الدول الأوروبية أو بعض دول البلطيق، فضلاً عن اتهام واشنطن بالوقوف خلف عملية التخريب هذه، خصوصاً أنها ترسل كميات ضخمة من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا في الوقت الحاضر. وسيؤدي هذا التخريب إلى تصعيد المنافسة العالمية المحتدمة بالفعل على شحنات الغاز الطبيعي، والمزيد من التخفيض المحتمل للغاز الروسي.

وتجدر الاشارة الى أن الولايات المتحدة لطالما عارضت اعتماد “الناتو” على الغاز الروسي، ولا أحد يستبعد أن تحمل هذه الأحداث المزيد من التوتر في علاقة الأوروبيين و”الناتو” وروسيا خصوصاً في ظل دعمهم للأوكرانيين ضد الروس.

شارك المقال