ادعاء نصر الله أن المهدي يحكم ايران… دليل ضعف وخوف

آية المصري
آية المصري

أطل الامين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله أول من أمس بكل ثقة ليخاطب أبناء طائفته وتحديداً التابعون والخاضعون لسياسة محور الممانعة، لكنه لم يتطرق في خطابه الى لبنان الا قليلاً، ولم يعكس سوى الايديولوجية الايرانية التي تستغل الدين والشرع من أجل التغطية على أعمالها الوحشية والاجرامية. 

“إيران أقوى وأرسخ وأشجع من أي زمن مضى، لا تحزنوا ولا تتأملوا فالحاكم الحقيقي لايران الامام المهدي المنتظر”… بهذه العبارات إستفز نصر الله شريحة كبيرة من اللبنانيين الشرفاء، فلماذا يلجأ الى الامام المهدي صاحب العقيدة والقضية من أجل دولة تقتل وتدمر شعبها الذي يعارضها؟ كما أكد أن هناك تحريضاً دائماً على إيران، بدليل الانتفاضات الشعبية اليومية التي ترفض حكم الديكتاتور خصوصاً بعد مقتل مهسا أميني بحجة عدم التزامها بقواعد الحجاب.

في المقابل، كنا نتمنى لو أن نصر الله ظهر مرة واحدة ليتحدث عن قوة الدولة اللبنانية ويعترف بها، لكنه يفضل بصورة مستمرة التطرق الى عشقه وروحه “ولاية الفقيه” عبر ممثلها الخامنئي. كما تحدث عن تنظيم “داعش”، معتبراً أن مشروعه لم ينته بعد وأن هناك محاولة لاحيائه في سوريا والعراق وأفغانستان من جديد. وفي ما يتعلق بقارب الموت الذي غرق في طرطوس رأى أن من واجبه، وان كان بعض المسؤولين اللبنانيين لم يقوموا بهذا الواجب، أن يشكر السلطات والحكومة السورية لما قاموا به. وبشّر بأن موقف لبنان من ملف الترسيم سينضج في الأيام المقبلة، ولم يستخدم أسلوبه الحاد في هذا الموضوع كما جرت العادة، وكل هذا دليل على تنازل الدولة اللبنانية عن الخط 29 برعاية “حزب الله”.

من هنا لا بد من قراءة ما جاء في خطاب نصر الله، ومعرفة سبب إستعانته بالمهدي في ايران، وهل الامام المنتظر يحكمها فعلاً؟

الأمين: خطابه دليل ضعف

المحلل السياسي علي الأمين أكد في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “الامام المهدي في نظر الشيعة هو امام معصوم وغائب وسيخرج آخر الزمان، وكلام نصر الله يعني أن نائب المهدي هو الخامنئي وأنه لا يمكننا القول بأن إيران تخطئ. وهذا الخطاب الايديولوجي الذي لم يعد يمشي في ايران، يمشي في لبنان عند جماعة الحزب لكن في المجمل هذا الخطاب فقد قوته والدليل على ذلك الانتفاضة التي نراها في ايران ورفع الحجاب، وتجاوزت قضية مقتل مهسا أميني بحيث باتت تراكماً لانتفاضات متتالية من العام 2009 في الحد الأدنى حتى اليوم، وكل هذه الانتفاضات تركز على عنوان أساس ضرب فكرة أنكم تحكمون باسم الله أو أن ما تفعلونه هو الدين الصحيح”، مشيراً الى أن “نصر الله يستخدم الدين من أجل حماية نظامه ومصالحة وبالتالي من له الحق بالقول ان إيران يحكمها الله؟”.

ولفت الى أن “من يستخدم هذا الأسلوب يكون في قمة الضعف لأنه في العادة القوى والأنظمة تدافع بمنطقها وسياساتها وليس اللجوء الى القول بأنهم يحكمون باسم الله والامام المهدي، واعتبار إيران دولة الله دليل ضعف إضافي لأنه عندما تذهب الى المقدس لحماية نفسك تكون ضعيفاً جداً. وهذا كله تستخدمه الايديولوجيات والتيارات الاسلامية والمتطرفة التي تضفي بصورة مستمرة على مواقفها السياسية وخياراتها بُعداً دينياً والهياً لتبرير افعالها وهكذا فعلت القاعدة وداعش فقد أعطتا لنفسيهما الحق كي تتحدثا باسم الله وهذا منطق كل متطرف يعتبر نفسه الوحيد الذي يملك الحقيقة”.

الجوهري: تصوير المهدي كأنه موظف وحارس

اما الشيخ عباس الجوهري فأشار الى “أزمة كبيرة في ايران ونصر الله يتحسس خطورتها في حال تغير أي معطى فيها، لذلك تعنيه مباشرةً كل التحولات التي تحدث في حال تمكن شعبها المنتفض من فرض حريته، لكن عندما يشعر الفرد بالخطر يلجأ الى الغيب وتحديداً من خلال استخدام بعض الاعتقادات الشيعية العاطفية وغير العقلانية والواقعية، واستخدامها رخيص وتصوير الامام المهدي كأنه موظف وحارس أمين على إيران، وبالتالي العقائد الشيعية لا تتحمل هذا الموضوع وادعاء أن المهدي يرعى ايران فارغ، لذلك الأزمة الحقيقية هي خوف نصر الله من الوصول الى الحرية في ايران”.

وقال: “يحاول نصر الله تطمين جمهوره الشيعي بأن هذه الأحداث لن تغير في قواعد الحكم الايراني الذين يستفيدون منها بصورة كبيرة. والواجهة في الأحداث الايرانية هي الحريات لكن العمق هو النقمة على كل ما أنتجته سياسات هذا النظام منذ 40 عاماً حتى اليوم”.

أضاف الجوهري: “شبهات داعش أمنية ساهمت فيها ايران بصورة كبيرة من أجل خلق عدو وهمي للشيعة تستطيع من خلاله أن تعسكرهم في العراق وسوريا ولبنان، ويحاول نصر الله أن يصنع من داعش هدفاً يجمع ما تفرق من خلال الدعوات الى الحرية في إيران، ومن الممكن أن يساهموا في إحياء خلايا إرهابية تُفجر باسم داعش كي تحول الأنظار عما يجري في ايران، وهذه حال معظم الأنظمة الديكتاتورية التي تصنع معارك دونكيشوتية وهمية. وكل ما قاله نصرالله ذر للرماد في العيون وقلب للحقائق خصوصاً أنه يعيش في عالم خاص به وبجماعته ويحاول تثبيت أن ما قام به في سوريا شرعي، فهو تدخل للحفاظ على نظام علماني لا يشبهه، وبالتالي قضية ايران قضيته المركزية وروحه فيها”.

فياض: كان الله بعون الايرانيين وعوننا

ورأت الكاتبة والأكاديمية منى فياض أن “من البديهي قول نصرالله (لا تحزنوا) نظراً الى ما يجري في ايران. وجملته الحاكم الحقيقي هو المهدي المنتظر تدل على ارباك عنده. كيف يحكم المهدي المنتظر المريض؟ وهل المهدي المنتظر يطلق النار على شعبه؟ أهذه هي صورة المهدي الحاكم الذي سيحل العدل على أيامه؟ هذا دليل تخوف من المستقبل وما يحمله وعودة الى ممارسة سياسة الانتظار التقليدية وتهيئة جمهوره للاحتمالات غير السارة. اما عن قوة ايران، فصحيح أنها تبدو قوية وتنفلش في الاقليم وتمارس نشاطاتها غير المشروعة في جميع أنحاء العالم لكنها مهددة من داخلها، فانفلاشها أو قوتها الفائضة عن قدرتها، أضعفتها وفوخرتها من الداخل”، متسائلة “كيف يمكنها احتلال الغير وهي غير قادرة على احتلال قلوب شعبها وتحتقره وتمارس العنف والقمع وتلغي حقوقه الأساسية البديهية والبسيطة؟ كان الله بعون الايرانيين وعوننا”.

يتظهر من كل ذلك أن ضعف “حزب الله” وإيران بات واضح المعالم، وفي كل خطاب لنصر الله تتأكد هذه النظرية، وبالتالي من الواضح أن الخامنئي الديكتاتوري يهمين على إيران، ونصر الله الممانع يهمين علينا.

شارك المقال