زرازير في “بروباغندا” جديدة… والمصارف هرّبت الأموال!

تالا الحريري

لا تزال اقتحامات المصارف مستمرة، وتتصدر كل أسبوع عناوين نشرات الأخبار والمواقع، فباتت البروباغندا معروفة باقتحام مودع أحد البنوك بسلاح حقيقي أو مزيف واحتجار رهائن من أجل الحصول على قسم من وديعته. إقتحام الشاب بسام الشيخ حسين لـ”فيدرال بنك” في الحمراء شجع على سلسلة الاقتحامات حتى وصل الأمر إلى إطلاق نار على بنك “بيروت” في جبيل.

والجديد في الموضوع أمس، إعتصام النائبة سينتيا زرازير داخل بنك “بيبلوس” في أنطلياس للمطالبة بقسم من وديعتها بغية إجراء عملية جراحيّة.

ووصلت النائبة حليمة القعقور لمساندة زميلتها زرازير، المعروفة بإثارة البلبلة في كل مكان تتواجد فيه سواء في مجلس النواب أو خارجه. فهل لديها عملية جراحية ملحة جدّاً أم أنّها تسعى الى تحقيق الترند مجدداً؟

موقع “لبنان الكبير” تواصل مع مصدر مسؤول في مجلس النواب، أوضح أن الضمان الصحي للنائب هو 100٪؜ إلى حدود الـ900 مليون ليرة، أي حوالي 22.500$ على سعر صرف 40 ألف ليرة. وأكد أن النائبة زرازير تسلمت بطاقة التأمين الصحي الخاصة بها من الموظف في مجلس النواب م.ط، مستغرباً الحركة الاستعراضية التي قامت بها، والتي برأيه تسيء الى المجلس. وقال: “هذه الأفلام المحروقة معيبة”.

مع كثرة الاقتحامات ومساندة جمعية المودعين لها من دون إظهار دعم علني للمقتحمين، ترد جمعية المصارف على كل بيان تصدره جمعية المودعين، في ما يسمّى بحرب باردة، وكان الرد الأخير لجمعية المصارف موجهاً الى المودعين، الذين صارحتهم بقولها: “الدولة أنفقت أموالكم!”.

جابر: علاقة المودع مع المصارف لا الدولة

ورجّح الخبير الاقتصادي أحمد جابر في حديث لـ”لبنان الكبير”، “أن تكون المصارف خائفة من أن يصبح هناك تفاقم في أزمة السيولة لديها إذا أرادت إعطاء كل المودعين أموالهم في الوقت نفسه، كما حدث سابقاً في بنك Intra عندما حدث ضغط على سحب الودائع وبالتالي أدى إلى إفلاس البنك”، موضحاً أن “هذا لا يعني أنّ أموال المودعين موجودة في المصارف والمصارف لا تريد إعطاءهم إياها، بل قد تكون هناك سيولة محددة وبالتالي هذه السيولة تقوم بإدارة ما حتى تستطيع توزيع هذه الأموال بطريقة أو بأخرى. لكن واقع الأمر اليوم أنّ جمعية المصارف بإعلانها أنّ الدولة أخذت أموال المودعين من المفروض إعادة النظر فيه. ففي الوقت الذي كانت فيه المصارف تديّن تلك المبالغ للدولة، كانت تتقاضى مقابل ذلك فوائد عالية وأحجمت عن استثمار هذه الأموال في القطاعات المنتجة من زراعة وصناعة وغيرها، وفضّلت أن تضعها لدى الدولة لتحصّل فوائد عالية وهذا كان استثماراً من المصارف في إقراض هذه الأموال للدولة”.

ورأى أن “على المصارف أن تكون لديها الضمانات اللازمة لأن هناك ما يسمى بسلامة تحصيل القرض. ما حدث هو أن الدولة سرقت أموال المودعين وبالتالي هنا يجب أن نسأل جمعية المصارف أين دور المصارف المؤتمنة على أموال المودعين؟”، مؤكداً أن “علاقة المودع ليست مع الدولة إنّما مع المصارف مباشرة في هذا الموضوع، فهنا المصرف يتحمل مسؤولية. عندما يتقاعس المصرف عن عمله فهذا الأمر يعتبر سوء أمانة وهو ما يُحاسب عليه القانون، لكن المشكلة أنّ القانون لا يأخذ دوره ولو فعل ذلك بصورة صحيحة لما كنا وصلنا الى هذه الموجات من الاحتجاجات، وهي محقة، فالمودع يطالب بحقه ولكن لو كان القانون يأخذ حقه والقضاء موجود بالصورة المطلوبة لما كنا وصلنا إلى هنا. لو أنّنا قمنا بالكابيتال كونترول منذ بداية الأزمة أي بعد تشرين 2019 وبالرقابة على حركة الأموال الداخلة والخارجة، لكانت الأمور أسهل ولما كانت تفاقمت الأزمة”.

وقال جابر: “لا يمكن اليوم إعتبار أصحاب المصارف أبرياء لأنّهم إتجهوا إلى تعظيم الأرباح ورأوا أنّ الاستثمار مع الدولة مربح أكثر. فضّلت المصارف أن توظف هذه الأموال لدى الدولة بدلاً من توظيفها في القطاعات المنتجة، حرمت الاقتصاد منها ووظفتها لدى الدولة حتى تحقق مكاسب أكبر وهي تعرف أنّ الدولة يعتريها الفساد ولديها مشكلات وتحتاج إلى إصلاحات وغيرها. فهل وُظفت هذه الأموال في المكان الصحيح؟ هل كان هناك من دراسة جدوى إقتصادية سليمة وظفت فيها هذه الأموال؟”.

أضاف: “التشدد والرقابة اللذان كانت تعتمدهما المصارف، ألا يلزمها التشدد الآن ومراقبة عملية استثمار هذه الأموال في تمويل الدولة أو اقراضها في هذا الموضوع؟ يعني عند حقها تكون متشددة لكن عند حق الآخر لا تكون. نحن نعلم أن هناك أزمة سيولة لا إفلاس في المصارف، هناك ملاءة يعني الموجودات أكبر من المطلوبات لدى المصارف. وهناك توظيفات وُظفت في أراضٍ وعقارات وغيرها في لبنان وخارجه. هذه الموجودات شكلت ملاءة لدى المصارف وبالتالي يمكن أن تحتاج إلى تسييل، إذا سُيلت هذه العقارات فيمكنها مواجهة جزء من الازمة الموجودة وهي أزمة أموال المودعين”.

ما دور المصرف اليوم؟، أجاب جابر: “المصرف يلعب دور الوسيط بين الادخارات والاستثمارات وبالتالي يتلقى الودائع ويحولها إلى تسليفات، بعدها يبقي جزءاً لديه كاحتياط والباقي سيقوم به كتسليفات أو قروض حتى تسير الأمور بصورة طبيعية. هناك خطوات على المصارف أن تقوم بها حتى هذه اللحظة، لكن أكثر ما تقوم به هو الاقفال. فبعد 17 تشرين أقفلت المصارف 7 أيام. لماذا أقفلت؟ هل هرّبت الأموال خلال الأيام الـ 7 هذه؟ واليوم مرة جديدة أوجدت المصارف مبرراً للاقفال في ظل الاحتجاجات”.

أمّا عن حال الوضع الاقتصادي في لبنان إذا إستمرت هذه الاقتحامات، فلفت جابر الى أنّ “الاقتصاد اللبناني اليوم أو أي اقتصاد دولة أخرى يتعلق بقطاع مصرفي واعد وشفاف. المصرف اليوم يسعر الحياة الاقتصادية. في لبنان، إذا أراد الواقع المصرفي أن يبقى بهذه الطريقة، فحتماً اقتصادنا لن ينمو مجدداً لأنّ المصارف هي رئة الاقتصاد، وبالتالي المطلوب بالدرجة الأولى إعادة ثقة المودعين بالمصارف حتى نكمل ونقوم مجدداً بنمو اقتصادي ونخلق فرص عمل ونقلل البطالة ونسب الفقر وغيرها”.

واذ سأل: “كيف يمكن استعادة ثقة المودعين؟”، شدد على وجوب “أن نقوم بإعادة هيكلة المصارف. لسنا بحاجة إلى 64 مصرفاً عاملاً في لبنان. نحن بحاجة الى دمج المصارف وإعادة رسملتها وهذا ما كان مطروحاً سابقاً لكن حتى الآن لم يُطبّق. لا يمكن للاقتصاد أن ينمو إذا لم يكن هناك قطاع مصرفي واعد وسرية مصرفية تستطيع أن تجذب. فتلك السرية المصرفية كانت في الأساس نقطة قوة للقطاع المصرفي اللبناني، لذلك من الضروري أن نعيد تحصينها وأن نحميها ونعمل على إبقائها متلائمة مع المعايير الدولية وبالتالي نستعيد ثقة المودعين والأجانب كذلك. ثلاث سنوات من الأزمة حتى اليوم لم نشهد أي خطوة لمواجهة هذه التحديات”.

شارك المقال