العهد “يخترع” إلتباسات دستورية لفرملة ايجابية التشكيل

آية المصري
آية المصري

لا تكاد عوائق تشكيل الحكومة تقل تدريجياً حتى يعود الموضوع مجدداً الى مربع الصفر، نتيجة سعي الرئيس ميشال عون وصهره جبران باسيل وحاشيته الى ضرب موقع الرئاسة الثالثة باستمرار وتبيان أن الأزمة تتعلق بصورة شبه دائمة برؤساء الحكومات. هذه النظرية ناتجة عن فريق لا يهمه سوى السيطرة على كل مفاصل الدولة، فبعدما تأكد أن الشغور الرئاسي سيكون سيد الموقف يريد الخروج بأقل أضرار ممكنة من خلال الاستيلاء على السلطة التنفيذية، ولذلك يضع الصهر المعجزة في كل مرة شروطاً تعجيزية يعترض عليها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، ناهيك عن التجاوزات والفذلكات الدستورية المتعددة التي تمعن في هذا المسار.

وكان لافتاً كلام الرئيس عون الجمعة أمام وفد جامعة الدول العربية برئاسة الأمين العام المساعد السفير حسام زكي، اذ اعتبر أن “الأولوية المطلقة يجب أن تكون راهناً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لأن وجود الرئيس أساس لتشكيل حكومة جديدة وليس العكس”، بحيث بدا وكأنه ينعى عملية التشكيل قبل انتهاء ولايته، بحجة أولوية الاستحقاق الرئاسي، مع العلم أن الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس للجمهورية التي دعا اليها رئيس المجلس نبيه بري في 13 تشرين الأول الجاري كانت محل اعتراض من “التيار الوطني الحر” الذي طالب بتأجيلها نظراً الى رمزية التاريخ بالنسبة اليه، في ضوء التأكيد على مقاطعته الجلسة. فكيف يُقرأ كلام عون؟ وهل هو تمهيد للبقاء في القصر؟ وهل أغلقت الأبواب بين القصر الجمهوري والسراي؟

التشكيل ضروري وأساس

مصادر مقربة من الرئيس ميقاتي أكدت في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “التشكيل ضروري وأساس للجميع، ولا شك في أن الاستحقاق الرئاسي أساس أيضاً في هذه المرحلة انما في حال أصبح لدينا شغور رئاسي فمن يضمن الانتخاب؟ ولدينا نموذج عن مؤشر ما جرى في الجلسة الأولى التي دعا اليها الرئيس نبيه بري لانتخاب رئيس للجمهورية، كما يحكى اليوم عن تطيير النصاب في الجلسة المقبلة”، موضحة أنه “لا يمكننا حتى هذه اللحظة التكهن أننا أمام رئيس جمهورية جديد، اما في الملف الحكومي ففي حال صفت النوايا ستُشكل الحكومة خصوصاً وأننا وصلنا في السابق الى درجة متقدمة في التشكيل حتى عادت العقد من جديد نتيجة أمور إستجدت مع عودة الرئيس ميقاتي من الخارج وهذا فرمل الأوضاع”.

وأشارت المصادر الى أن “هناك تفاصيل جديدة إستجدت على موضوع التشكيل، قد تكون أسماء أو وزارات جديدة، ونفضل عدم الدخول في باب التفاصيل لأن إنعكاسه سلبي ومضر، وهذا ما أعادنا الى الخلف مجدداً بعد كل الأجواء الايجابية السابقة”.

وشددت على أن “هناك جهوداً لا تزال تُبذل من أجل التشكيل ونتمنى أن تصل الى نتيجة جيدة في نهاية المطاف، بحيث لا ضمانة لنا أن يكون لدينا رئيس جديد في المرحلة المقبلة، وبالتالي يُفضل العمل من أجل التشكيل أقله لخفض منسوب الأزمة في حال الوصول الى الشغور في موقع الرئاسة”.

الشغور أقرب من انتخاب رئيس

في المقابل، اعتبرت مصادر مطلعة على ملف التشكيل أن “من البديهي أن يعطي الرئيس عون الأولوية للاستحقاق الرئاسي، وفي حال تم بخير فلا داعي للحكومة اذ بمجرد استلام الرئيس الجديد سيدعو الى استشارات نيابية”، لافتة الى أن “الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس أظهرت عمق الخلاف والانقسام الموجود بين السلطة لذلك بتنا أقرب الى الشغور الرئاسي من إمكان إنتخاب رئيس لأن هذا الأمر بحاجة الى توافق غير موجود وغير متوافر لدينا، وخوفاً من الفراغ نريد التشكيل كي لا نقع في الالتباس الدستوري الذي ابتكره جبران باسيل واخترعه”.

وأكدت المصادر أن “الرئيس ميقاتي قدم كل ما يريده الرئيس عون باستثناء شروط باسيل التعجيزية، وهذا الأخير يريد أن يحقق في هذه الحكومة ما لم يستطع تحقيقه طيلة سنوات العهد، بحيث كلما كان هناك توافق أو الوصول الى صيغة مشتركة برعاية حزب الله لتأليف هذه الحكومة يأتي جبران باسيل ويضرب هذا الاتفاق اذ يعتبر أنه يلعب أوراقه الأخيرة، وبالتالي اما أن تكون له اليد الطولى في هذه الحكومة ويتحكم بجميع أركان البلد بعد الفراغ من جهة، أو إيصال البلد الى فوضى تبقيه ضمن المعادلة السياسية وتكون لديه فرصة أوسع للوصول الى تسوية معينة من جهة أخرى”.

باسيل لا يأخذ الأمور على محمل الجد الا اذا كانت لمنفعته الشخصية، وفي نظره أوضاع البلد وأزماته عبارة عن لعبة “مونوبولي” يتسلى بها ويمضي وقته في تحريكها، وهدفه الأول والأخير ضرب آخر ما تبقى من لبنان وإيصال الشعب الى ما بعد الهاوية نتيجة عشقه لمصالحه الخاصة على حساب مصلحة الوطن، فالى متى ستطول لعبته؟

شارك المقال