التفلت الأمني… مسؤولية ضائعة بين المواطن والدولة

تالا الحريري

التفلت الأمني ليس جديداً في لبنان كما أنّه لا يقتصر على حالة واحدة، بل يظهر في التغاضي عن الكثير من الجرائم بأنواعها كافة سواء القتل أو السرقة وغيرها إضافةً إلى انتشار السلاح غير المرخص وإطلاق الرصاص في كل المناسبات السعيدة والحزينة، عدا عن الاشتباكات التي لا تتوقف بين العشائر وسببها الأول الأخذ بالثأر، حتى بات لبنان يعيش في فوضى عارمة نتيجة عقلية شعبه وسياسة دولته.

إذا كانت حجة الدولة والمعنيين خصوصاً أن الوضع الاقتصادي والمعيشي هو ما يدفع الناس إلى هذا التفلت، فأين دورها في ملاحقته؟ الجواب أنّ الدولة هي من تشجّع المواطنين على إرتكاب كل أنواع التفلت في ظل غياب المساءلة وعدم تطبيق القانون الذي يبقى حبراً على ورق فقط.

أخبار الجرائم تزداد يومياً وتزداد معها وسائل العنف، ولكن أكثرها يطوى فوراً، مثل حادثة المرأة التي ذُبحت في منزلها في بيروت، من دون أن يعرف الفاعل وسبب القتل على الرغم من مرور وقت عليها.

وفي صيدا، عثر الاثنين على جثة الشاب شحادة خضر رجب ملقاة إلى جانب أوتوستراد صيدا – صور في محلة جسر المطرية، بعدما كان فقد قبل نحو خمسة أيام، ويعمل صرافاً متجولاً في المدينة.

وعبّر الأمين العام لـ “التنظيم الشعبي الناصري” النائب أسامة سعد في بيان عن استنكاره لـ “جريمة القتل المروعة التي استهدفت شاباً يافعاً خلال سعيه الى كسب لقمة العيش”، مطالباً “الأجهزة الأمنية بمضاعفة جهودها والاسراع في كشف المجرمين وتوقيفهم، والقضاء بإنزال العقاب الرادع بحقهم”.

ورأى أن “هذه الجريمة البشعة التي تأتي بعد مسلسل التفلت الأمني إنما تشير إلى حالة التسيب الأمني والتراخي في الاحتياطات الأمنية. كما تشير إلى تردي أوضاع المؤسسات الأمنية، فضلاً عن سائر مؤسسات الدولة”، مجدداً التحذير من “النتائج الكارثية للمآزق السياسية والانهيارات الاقتصادية والمالية على الأوضاع المعيشية والاجتماعية”.

وفي السياق، أوضح أحد المسؤولين في صيدا لـ”لبنان الكبير” أنّ “هذا الشاب الذي قُتل ليس صاحب مشكلات أو سوابق كما أنّه صغير في السن (17 عاماً). ما حصل معه حصل مع كثيرين غيره في السابق نتيجة الطمع بالربح الوفير ومكاسب الدولار”.

وقال: “سيصيبنا أسوأ من ذلك لأن هذا يسمّى إستهتاراً، فأولاً دور دولتنا معدوم، ثانياً وقوف هؤلاء الناس في الطرقات خاطئ أساساً. هذه المسائل لم تعد تتعلق بمسائل معيشية، عندما يحمل الشخص في يده ما يقارب الـ150 مليون ليرة ويحصّل أيضاً ربحاً يناهز المليون بات هذا يسمّى جشعاً، حتى أنّ البعض أصبح يوقف أبناء الـ10 سنوات في الطرقات”، مشيراً إلى أنّه “عندما تكون هناك فئة من الشعب فقيرة وترى منظر المال هذا مدركةً لكمية الربح، فبالطبع ستتقصده لأنّ {النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}. الجريمة التي سبقتها في كفر جرة نفذها شخصان وضعهما المادي مرتاح جدّاً ولكن كل ذلك كان نتيجة الطمع والجشع”.

وأكد أنّ “الجريمة لا تنطبق على صيدا وحسب، بل تحصل في لبنان ككل، ولكن كما يُقال (المال السايب يعلم أولاد الحرام السرقة)، وفي الأساس وقفة الشارع هذه يمكن أن تُغري أياً كان”. اذ استنكر هذه الجريمة، واعتبر أنه “لا يمكن تحميل الدولة المسؤولية لأنّ الناس هي من تقوم بتعريض أبنائها للخطر بوضع هذا الكم من الدولارات والكشف عنها”، لافتاً الى أن “أكثر الجرائم حالياً هي جرائم سرقة لكن غالبيتها باتت تؤدي إلى القتل”.

شارك المقال