“المقاومة” والوفاء لباسيل!

رواند بو ضرغم

نجح “حزب الله” في جلسة ١٣ تشرين الأول الانتخابية في أن يفك لغم السجال بين حليفيه اللدودين، فأكد من جهة حسن نية الرئيس نبيه بري في توقيت الجلسة، ووقف من الجهة الأخرى على خاطر النائب جبران باسيل بشبه المقاطعة.

الا أن “حزب الله” سقط في شباك التعطيل ووضع نفسه في مرمى “القوات اللبنانية” بعد أن كان رئيسها سمير جعجع يلوّح باستخدام ما اعتبره حقاً دستورياً بالتعطيل والتغيب عن الجلسة وإفقادها نصابها. فانقلب السحر على الساحر، وأظهرت الجلسة “فريق حلفاء حزب الله” المعطل للمرة الثانية، بعدما عطل الاستحقاق الرئاسي عام ٢٠١٤ لسنتين ونصف السنة بهدف إيصال مرشحه ميشال عون الى رئاسة الجمهورية. وها هو اليوم يكرر المشهد، من خلال شبه المقاطعة التي انتهجها الثنائي الشيعي في الجلسة الانتخابية التي دعا اليها الرئيس بري، فأخذ صفة التعطيل عن خصومه السياسيين الذين كانوا بصدد انتهاج التعطيل كـ “القوات” و”الكتائب” وبعض المستقلين والتغييريين.

فلماذا يحشر الثنائي الشيعي نفسه، ويضعها أمام واقع المقاطعة، في حين أن واقعه النيابي أفضل بكثير من فريق المعارضة، الذي نال مرشحه ميشال معوض في الجلسة الأولى ٣٦ صوتاً فقط، وفي أحسن حالاته لن يتقدم لأكثر من ٤٢ صوتاً، بينما تقدمت الورقة البيضاء لـ “حزب الله” وحلفائه على معوض وهزمته؟ فما سبب هذا الارتباك في صفوف فريق وازن؟

الاشكالية تقع على عاتق “حزب الله” المنكب أمام حليفه باسيل ويخاف زعله، فيقف على خاطره ولا يخذله على حساب حلفائه الآخرين. فلماذا لم توفر كتلة “الوفاء للمقاومة” نصاب الجلسة وخصوصاً أنها متأكدة من حسن نية الرئيس بري في توقيتها، ولم يخطر له حين حددها ما حل بميشال عون عام ١٩٩٠؟ لماذا قاطعت وهي تعلم أن هذه الجلسة لن تنتج رئيساً وخصوصاً أن التوافقات لم تكتمل؟

ارتضى “حزب الله” أن يُظهر نفسه معطلاً لاسترضاء حليفه المسيحي، بينما من أوصله الى قصر بعبدا غيّب عن خطاب اعلان الموافقة على اتفاقية الترسيم شكر المقاومة وتنكر لدورها ونسب ما سماه إنجازاً لصهره باسيل. فهل أصبح الحزب ضعيفاً أمام باسيل لدرجة أنه لم يستطع بعد أن يستميله أو يمون عليه في الاستحقاقين الرئاسي والحكومي؟

صحيح أن على الرئيس بري أيضاً العمل على استمالة صديقه رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد حنبلاط رئاسياً، ولكنْ الأقربون أولى بالمعروف، ومن المفترض أن يكون الحليف أقرب الى “حزب الله” من الخصم.

لذلك، فالشغور الرئاسي سيصبح واقعاً ويتمدد، طالما أن الرئيس بري يدعو الى جلسات انتخابية من باب القيام بواجباته الدستورية، وطالما أن “حزب الله” غير مهتم بحصول الجلسة لأنه لم يوحد موقف حلفائه بعد، وطالما جبران باسيل يستولد حججاً لمقاطعة الجلسات… فالمقاطعة مصلحة للجميع، ولكن الحزب هو من تقع عليه مغبتها، فهل يحرز عهد الانهيار كل هذا الذل والانصياع لأحلام باسيلية؟!

شارك المقال