حملة سياسية عونية طائشة ضد عويدات

محمد شمس الدين

ضج بالأمس خبر استدعاء الناشطين في “التيار الوطني الحر” شربل رزوق وطوني أوريان للتحقيق على خلفية التعرض لمدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات. وبدأت حملات التضامن والدفاع عن حرية التعبير. ومثل كل المواضيع التي تحصل في لبنان يبدأ البازار السياسي، ولكن ماذا عن الرأي القانوني؟

القانون اللبناني يمنع المس بالشرف

أكد مصدر حقوقي في حديثٍ خاص لموقع “لبنان الكبير” أنَّ حق الإنسان في شرفه وكرامته من الحقوق اللصيقة بالشخصية القانونية والمتفرّعة عنها، أياً كانت المكانة الاجتماعية التي يحتلّها الإنسان في المجتمع. فشرف الإنسان وكرامته واعتباره قيمة اجتماعية لا تقل أهمية عن تلك التي تتعلّق بحقه في الحياة وفي سلامة بدنه وأمواله. لذلك كانت جديرة بالحماية القانونية، والتعدي عليها يشكّل جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس والغرامة، وقد عالج القانون اللبناني الجرائم الواقعة على الحرية والشرف في الفصل الثاني من الباب الثامن من قانون العقوبات، ومن بينها جرائم الذم والقدح (في المواد من 582 الى 586)، إضافة الى تجريم تلك الأفعال ضمن إطار الجرائم الواقعة على السلطة العامة (في المواد من 385 الى 389 عقوبات).

جريمِة الذم

يؤكد المصدر أنَّ المادة 385 من قانون العقوبات عرّفت الذم بأنه نسبة أمر إلى شخص (ولو في معرض الشك أو الاستفهام) ينال من شرفه أو كرامته. ولجريمة الذم ركنان: ركن مادي وآخر معنوي.

عقوبة جريمة الذم

أما عن عقاب جريمة الذم، فأكد المصدر أنَّ المادة 582 من قانون العقوبات نصت على أنّ من يرتكب الذم بأحد الناس المقترف يإحدى الوسائل المذكورة في المادة 209 يٌعاقب بالحبس حتى ثلاثة أشهر وبالغرامة حتى مئتي ألف ليرة، أو بإحدى هاتين العقوبتين. ويقضي بالغرامة وحدها إذا لم يقع الذم علانية. وتختلف العقوبة إذا وقع الذم على أحد أفراد السلطة العامة فتعاقب عليه المادة 386 بالحبس من شهرين الى سنتين إذا وقع على رئيس الدولة، وبالحبس سنة على الأكثر إذا وجّه الى المحاكم أو الهيئات المنظمة أو الجيش أو الإدارات العامة، أو وجّه إلى موظف ممن يمارسون السلطة العامة من أجل وظيفته أو صفته، وبالحبس ثلاثة أشهر على الأكثر أو بغرامة من 20 ألفاً إلى 200 ألف ليرة إذا وقع على أي موظف آخر بسبب وظيفته أو صفته. وإذا كان الذم موجهاً إلى القاضي من دون أن يكون لوظيفته علاقة بذلك يعاقب عليه بالحبس ستة أشهر على الأكثر (م 389 عقوبات). أما إذا وقع الجرم على محام في أثناء ممارسته المهنة أو بسبب هذه الممارسة، فيعاقب عليه بالعقوبة ذاتها المقررة للجرم الواقع على قاضٍ (76 من قانون تنظيم مهنة المحاماة).

لكن لا تترتب أي دعوى ذم أو قدح على الخطب والكتابات التي تلفظ أو تبرز أمام المحاكم عن نية حسنة وفي حدود الدفاع المشروع (م 417 عقوبات). فالهدف هنا هو كشف الحقيقة وليس التشهير والتجريح والتشفي من الخصم في الدعوى.

وإذا كان الذم مقترفاً بواسطة المطبوعات فيعاقب عليه بالحبس من ثلاثة أشهر الى سنة وبالغرامة من ثلاثمئة ألف الى خمسمئة ألف ليرة لبنانية، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وفي حالة التكرار لا يمكن أن تقل أي من العقوبتين عن حدها الأدنى (م 20 من قانون المطبوعات الرقم 104/1977).

التهديد

أمّا عن التهديد الذي تعرض له القاضي عويدات، فيؤكد المصدر أنَّ القانون اللبناني لحظ جرم التهديد، وهو يعاقب عليه القانون، وتختلف عقوبة جرم التهديد باختلاف الوسائل المستعملة والفعل المهدد بارتكابه، وهي:

الحبس مدة لا تتجاوز الستة أشهر إذا كان التهديد مرتكباً بالسلاح.

الحبس بين شهرين وسنة إذا كان التهديد بسلاح ناري واستعمله الفاعل (م573 عقوبات). الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات لمن توعد آخر بجناية عقوبتها الإعدام، أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو أكثر من خمس عشرة سنة، أو الاعتقال المؤبد، سواء بواسطة كتابة ولو مغفلة، أو بواسطة شخص ثالث، إذا تضمن الوعيد الأمر بإجراء عمل ولو مشروعاً أو بالامتناع عنه (م574 عقوبات).

ويرى المصدر أنّه يجب أن تكون العقوبة مشددة في هذه الحالة كون جرم التهديد واقع على قاضٍ بمعرض مهنته.

حملة سياسية أخطأت التصويب

اعتبر المصدر أنَّ ما يتعرض له القاضي غسان عويدات هو حملة منظمة من “التيار الوطني الحر” وهي حملة انتخابية موجهة للشخص الخطأ على اعتبار أنّه سني يشغل منصباً متقدماً، ظناً منهم أنّه تابع لتيار “المستقبل”. ولكن القاضي عويدات هو ابن منيف عويدات، وهو علماني وغير تابع لأحد. ويرى المصدر أنَّ التيار أراد الهجوم على سعد الحريري ولكنه أخطأ التصويب، لأن القاضي عويدات تعيينه كان توافقياً، وبل هناك نقمة عليه لأنّه لم يمتثل لطلبات أحد، لا لتيار “المستقبل” عندما صحح الدعوى ضد نجيب ميقاتي، ولا عندما إدعى ضد النائب هادي حبيش بينما جبنت القاضية غادة عون عن فعلها، وطبعاً لم يمتثل لطلبات جبران باسيل بملاحقة خصومه الانتخابيين. ويستغرب المصدر فكرة الحملة ضد القاضي عويدات، هم يطالبونه بتسريب تحقيقاته وإعلانها للعامة ومناقشتها معهم، وهذا أمرٌ غير قانوني على الإطلاق.

التيار الوطني الحر يحاضر بالعفة، بينما هناك المئات من اللبنانيين الذين تم استدعاؤهم بسبب منشورات على مواقع التواصل، انتقدت رئيس الجمهورية أو رئيس التيار، أغلبها أقل وطأةً مما قام به ناشطو التيار، وبل حتى إنّهم لم يرحموا أطفالاً بعمر العشر سنوات عندما اعتقلوهم بسبب تمزيق صورة، ولكن تنفيذ القانون في لبنان دائماً استنسابي، إذا كنت تملك دعماً سياسياً لا يطبق عليك.

 

 

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً